في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس 8 تمّوز 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة البشارة، أمام مغارة بشارة العذراء حيث أعلن لها الملاك جبرائيل أنّها ستحبل وتلد المسيح الإله المخلّص، وذلك في مدينة الناصرة، الجليل.
عاون غبطتَه في القداس صاحبا السيادة مار يعقوب أفرام سمعان النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن والمدبّر البطريركي لأبرشية القاهرة والنيابة البطريركية في السودان، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب ثائر عبّا كاهن رعية عمّان وسائر الأردن. وخدم القداس شمامسة النيابة البطريركية، كما حضره وشارك فيه أكثر من ستّين شخصاً من أبناء وبنات النيابة البطريركية السريانية الكاثوليكية في الأراضي المقدسة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، وجّه غبطة أبينا البطريرك الشكر الجزيل إلى سيادة المطران أفرام سمعان "على كلماتكم المعبّرة عن فرحكم وفرح أحبّائنا المؤمنين الذين ترافَقْنا معكم في هذين اليومين في هذه الرحلة المفيدة والمفرحة في الجليل، والتي ملأت قلوبنا جميعاً بالفرح والتعزية والافتخار، كوننا رعية صغيرة العدد، هذا صحيح، لكن أن تستطيعوا وتُشرِكوا هذا العدد من أحبّائنا المؤمنين، أطفالاً وصغاراً وأولاداً وشبّاناً وشابّاتٍ وآباءً وأمّهاتٍ وأجداداً وجدّاتٍ، فهذا فخرٌ لنا، لأنّ عائلتنا الروحية لا تزال تغار على كنيسة الرب يسوع، وتعمل كلّ جهدها مع التضحيات كي تُنشِئ عائلاتٍ صالحة".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "استمعنا إلى رسالة مار بولس إلى أهل روما، حيث يذكّرنا رسول الأمم أنّنا بنعمة الرب نستطيع أن نحقّق تدبير خلاصنا، وليس بالأعمال. ومع أنّ بولس كان من الفرّيسيين المتشدّدين بالشريعة، فعندما أنار يسوعُ نفسَه وعقلَه، أدرك أنّ نعمة يسوع هي التي تخلّصنا، وليس أعمالنا الخارجية التي قد نفتخر بها أمام الآخرين".
ولفت غبطته إلى "نصّ الإنجيل المقدس الذي أصغينا خلاله إلى هذا ما كتبه الإنجيلي مار لوقا وهو يسرد لنا هذا الحدث الرائع جداً، والذي هو حدثٌ عالمي، لأنّه بداية خلاص البشرية حسبما علّمنا الرب يسوع"، مؤكّداً أنّه "بقبول العذراء مريم للبشارة التي أعلنها لها الملاك جبرائيل إذ قالت له: ها أنا أمةٌ للرب، بهذا القبول بدأ سرّ خلاصنا، سرّ التجسُّد الذي سيتبعه سرّ الفداء. فقيامة الرب يسوع هي التي كلّلت تدبير خلاصنا، أي آلام الرب يسوع وموته على الصليب".
وتوجّه غبطته بالشكر لجميع الحاضرين "لأنّكم شاركْتُم معنا ومع سيادة المطران يوسف عبّا والمونسنيور حبيب مراد والأب ثائر عبّا، ومع الشمامسة الذين يخدمون رعيتكم وكنيستكم، ومع جميع الذين نظّموا هذا اليوم المبارك. نشكركم لأنّنا لمسنا أنّكم جميعاً تريدون أن تبقوا هذه العائلة الروحية الواحدة، متّميزةً بالأشخاص والعائلات والطباع، ولكن كلّنا نكوّن عائلة الرب يسوع"، مشدّداً على أنّ "وجودنا في هذه الكنيسة المكرَّسة للبشارة تعبيرٌ على أنّنا سنبقى نحمل للذين نلتقي بهم بشرى الخلاص والفرح والرجاء".
وأردف غبطته متوجّهاً إلى أبناء وبنات النيابة البطريركية في الأراضي المقدسة: "نشكركم بشكلٍ خاص لصلواتكم من أجل لبنان والعراق وسوريا، كي تتمكّن هذه البلدان الثلاثة التي تقاسي الكثير أن تنهض من هذه الكبوة المخيفة التي تعاني منها، وكي نستطيع أن نشجّع أولادنا حتّى يبقوا متجذّرين في أرض آبائهم وأجدادهم رغم هول المصاعب والضيقات والتحدّيات".
وختم غبطته موعظته بالقول: "نتابع هذه الذبيحة الإلهية بعاطفة الفرح والرجاء، متّكلين على الرب يسوع الذي يقوّي إيماننا ويثبّتنا في خضمّ المِحَن والمآسي، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء سيّدة البشارة".
وكان سيادة المطران أفرام سمعان قد ألقى كلمة عبّر فيها عمّا يفيض في قلبه وقلوب أبناء وبنات النيابة البطريركية في الأراضي المقدسة، إكليروساً ومؤمنين، من عاطفة الشكر للرب ولغبطته على هذه الزيارة البطريركية التاريخية الرسولية الرابعة للنيابة، فقال سيادته:
"من هذا المكان المقدس حيث بشرّ الملاك جبرائيل الفتاة الجليلة والقديسة مريم العذراء، من هذا المكان المقدس انطلقت البشارة، بشارة خلاص جميع الأمم والشعوب، وحيث وعدنا الله الآب في العهد القديم بأنّه سيرسل ابنه الحبيب من نسل النبي داود ليمنحنا الخلاص المنشود، من هذا المكان انطلقت البشارة، ومن هذا المكان تنهون زيارتكم المباركة والتاريخية إلى الأراضي المقدسة".
وأكّد سيادته لغبطته أنّنا "نرافقكم منذ أسبوع ونتهلّل فرحاً بقدومكم إلينا، مع الوفد المرافق لغبطتكم. وقد أحببنا، سائر أعضاء النيابة البطريركية في الأراضي المقدسة، من إكليروس ومؤمنين، أن ننهي هذه الزيارة معكم بقداس احتفالي في كنيسة البشارة في الناصرة، كي يبقى تذكاراً وبركة لنا جميعاً"، لافتاً إلى أنّ "زيارتكم غالية على قلوبنا مع الوفد المرافق بالرغم من الظروف الصعبة، ولا سيّما الصعوبات الناجمة عن انتشار وباء كورونا، لكنّكم أصرّيتم على هذه الزيارة لكي تولوني النيابة البطريركية في القدس والأراضي المقدسة والأردن".
وأشار سيادته إلى أنّ "هذا الأسبوع سيبقى محفوراً في ذاكرتنا وقلوبنا جميعاً، وسنبقى فرحين دائماً. سوف تختتمون هذه الزيارة المباركة، لكنّنا سنكون دائماً بانتظاركم مع جميع الأساقفة آباء السينودس والكهنة في الأشهر والسنوات القادمة كي تزورونا وتباركونا. لذلك أرجو ألا تحرمونا من زيارتكم أبداً".
وقبل البركة الختامية، وفي جوّ روحي خاشع ومؤثّر، أقام غبطة أبينا البطريرك تشمشت (خدمة) العذراء مريم والدة الإله أمام مغارة البشارة، متأمّلاً بهذا الحدث العظيم والذي به بدأ سرّ الخلاص الذي اكتمل بميلاد الرب يسوع وآلامه وموته وقيامته.
ثمّ منح غبطته أبناء وبنات النيابة البطريركية في الأراضي المقدسة بركته الرسولية عربون محبّته الأبوية.
|