في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد 1 آب 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الأحد العاشر بعد عيد العنصرة، وذلك على مذبح كنيسة دير سيّدة النجاة - الشرفة البطريركي، درعون – حريصا، لبنان.
شارك في القداس صاحبا السيادة مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، والآباء الكهنة من الدائرة البطريركية ودير الشرفة، والرهبان الأفراميون، والمؤمنون.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "دعوة الرب يسوع لنا إلى عيش الفرح، كما استمعنا من المقطع الذي تُلِيَ علينا من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيلبي، والذي يبدأ بالدعوة إلى الفرح: إفرحوا في الرب دائماً، وأقول لكم افرحوا"، منوّهاً إلى "أنّ سبب فرحنا هو أنّنا سنلتقي بالرب يسوع. وقد كان هناك هذا الاعتقاد بأنّ المجيء الثاني للرب يسوع سيكون قريباً، فالرب قريبٌ حسبما يقول بولس. لذلك يجب أن نعرف أن نعيش المواعيد التي أُعطِيَت لنا بالمعمودية، أي أن نكون أبناءً لله، فنعيش بمحبّة الرب ومحبّة القريب، والعفاف والتجرّد، كي نستطيع أن نكون مستعدّين للقاء الرب".
ولفت غبطته إلى أنّه "في الإنجيل المقدس الذي سمعناه بحسب القديس مرقس، كان يسوع في الهيكل وحوله الكثيرون، منهم من كانوا يريدون أن يسمعوه ويتعلّموا منه، وهم واثقون أنّ يسوع حقيقةً مُرسَلٌ من الله، ولو أنّه من الصعب جداً على اليهود أن يفهموا البنوّة الإلهية. وكان هناك أيضاً العلماء في هذه الديانة، والذين كانوا يُسمُّون بالكتبة والفريسيين، والكتبة أي الذين كانوا يعلّمون العهد القديم، معتبرين أنّهم وحدهم الفهماء في كلّ شيء، ولا سيّما في اتّباع الشريعة، وفي الوقت عينه كانوا يريدون احتكار كلّ الامتيازات لهم، على ما يذكر إنجيل مرقس".
وأشار غبطته إلى أنّ "الرب يسوع ينبّهنا إلى أنّنا إذا دُعِينا إلى الكرامة الأسقفية أو إلى نعمة الكهنوت أو الشمّاسية، فيجب علينا أن نتذكّر أنّ هذه الدعوة هي عطيّةٌ من الله، وأن نكون على مستوى النِّعَم التي يهبنا إيّاها الرب، وأن نعيش بالتواضع، مبتعدين عن التكبّر على الآخرين"، لافتاً إلى أنّنا "في حال دخلنا في نقاشٍ، فيجب أن ندرك بأنّ الأقوال التي نتلفّظ بها لا تأتي منّا بل هي أقوال الله لنا. فلا نطنّ أنّنا وحدنا نمتلك الفهم الكامل، إنّما يجب علينا أن نسعى جميعنا كي نتقبّل الروح الإلهي ليُفهِمنا النِّعَم والمواهب التي هو وحده يغدقها علينا".
ونوّه غبطته إلى "الحدث الذي ذكره مرقس بالنسبة إلى التبرّع للهيكل، وهذا الأمر نختبره حتّى في يومنا هذا، إذ هناك العديد من الناس يعتبرون أنّ لهم الفضل على الله والكنيسة، فيقدّمون قسماً من مالهم. وكانت هناك أرملة، ويبدو أنّه كان للأرامل لباسٌ خاص يُعرَفنَ من خلاله"، مشيراً إلى أنّ "الرب يسوع وجّههم إلى النظر إلى هذه الأرملة المسكينة التي تبرّعت للخزانة، أي للهيكل، بكلّ ما لديها، أي بفلسَين، بينما الآخرون الذين أتوا قبلاً كانوا يُظهِرون ذواتهم أنّهم يتصدّقون على الهيكل ويمنّنون الله والهيكل، فيقدّمون من فضلات ما لديهم. لذا فإنّ أجرَ هذه المرأة لدى الله هو أجرٌ عظيم، فالله هو الذي يعرف كيف يكافئ كلّ أحدٍ على عمله".
وتطرّق غبطته إلى الوضع الراهن في لبنان: "نحن اليوم إزاء جوّ الأزمات المخيفة التي تحيط بنا في هذا البلد الغالي لبنان، وتجعل منه في حالة غليان شعبي. لكن للأسف النظام طائفي، فلن يستطيع الشعب الوصول إلى أهدافه بتنقية قلوب المسؤولين، كي يعودوا إلى ضمائرهم ويقوموا بواجباتهم تجاه البلد والشعب. من هنا، نحن رعاة الكنيسة، رسالتنا أولاً هي أن نصلّي متّكلين على الله، وطالبين منه أن يمنحنا من إلهامات روحه القدوس، لنا وللمسؤولين في هذا البلد، أكانوا سياسيين أو مدنيين أو عسكريين أو كنسيين، كي يستطيعوا أن يبذلوا كلّ ما بوسعهم من أجل خير الوطن، بنزاهة وشجاعة، ويقدّموا الأعمال الصالحة، ويرشدوا وينبّهوا ويوبّخوا، وفي نفس الوقت كي يكونوا منفتحين على احتياجات الناس المتألّمين والموجوعين".
ووجّه غبطته التهنئة للجيش اللبناني بمناسبة عيده: "يسرّنا أن نتوجّه بالتهنئة الحارّة مع تحيّة المحبّة والتقدير إلى العسكريين بمناسبة عيد الجيش اللبناني الذي نحييه في الأول من آب من كلّ عام، مثمّنين عالياً التضحيات الجسام التي يبذلها الجيش والعسكريون في هذه الظروف العصيبة، بالأمانة للوطن والمحافظة عليه بروح الوعي والمسؤولية".
وختم غبطته موعظته طالباً "شفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، وجميع القديسين والشهداء، كي نعيش دعوة الرب يسوع لنا إلى الفرح، وننشره حولنا، متحلّين بالرجاء الذي لا يخيب، رغم الصعوبات والتحدّيات الراهنة، وكي يَخلُصَ لبنان من الانهيار، ويحلَّ السلام والأمان في الشرق والعالم".
|