الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل للكلمة الإفتتاحية لغبطة أبينا البطريرك في الجلسة الإفتتاحية للسينودس المقدس

 
 

 

    يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للكلمة الإفتتاحية التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، خلال الجلسة الإفتتاحية لأعمال السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، وذلك مساء يوم الأحد 12 أيلول 2021، في قاعة السينودس بالمقرّ الصيفي للكرسي البطريركي، في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا:

 

    إخوتي الأجلاء، آباء سينودس كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الاحترام،

    حضرات الخوارنة والآباء الأفاضل:

    ܚܽܘܒܳܐ ܘܰܫܠܳܡܳܐ ܒܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܡܫܺܝܚܳܐ ܠܟܽܘܢ ܡܫܰܟܢܺܝܢܰܢ܆ ܕܒܰܫܡܶܗ ܩܰܕܺܝܫܳܐ ܡܶܬܟܰܢܫܺܝܢܰܢ ܒܗܳܕܶܐ ܣܽܘܢܳܗ̱ܕܽܘܣ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ

    ܐܰܡܺܝܢ ܡܳܐ ܛܳܒ ܘܡܳܐ ܫܰܦܺܝܪ܆ ܠܰܐܚ̈ܶܐ ܡܳܐ ܕܥܳܡܪܺܝܢ ܐܰܟ̣ܚܕܳܐ܆ ܠܟܺܐܢ̈ܶܐ ܢܶܗܘܶܐ ܕܽܘܟ̣ܪܳܢܳܐ ܘܠܰܢ ܒܰܨܠܽܘܬܗܽܘܢ ܥܽܘܕܪ̈ܳܢܶܐ

    أرحّبُ بكم جميعاً، معرباً عن الفرح باللقاء معاً بعد غيابٍ قسري دام سنتين بسبب انتشار الوباء، الذي نسأل الله أن يزيله من البشرية ويشفي المصابين به، ويعين الأطبّاء والإختصاصيين لإيجاد العلاج الملائم له.

    أشكركم لتلبيتكم الدعوة والمشاركة في اجتماعات السينودس السنوي العادي لكنيستنا السريانية الأنطاكية رغم محاذير السفر وصعوباته، وأدعوكم لنجدّد معاً أواصر المحبّة والأخوّة التي تجمعنا، ونتشارك شؤون أبناء كنيستنا وبناتها وشجونهم، ونتناول أوضاعنا والتحدّيات المحيطة بها. فهذا المجمع هو الثالث عشر الذي نعقده معاً منذ تسلُّمنا بنعمة الرب الخدمة البطريركية، التي ناهزت الثلاث عشرة سنةً، وتزيد بركتُه تعالى ونعمته إذ منَّ على ضعفي بهذه السنة اليوبيلية. ففي مثل هذا اليوم 12 أيلول منذ خمسين عاماً، نلتُ سرّ الكهنوت المقدس في كاتدرائية سيّدة الانتقال في الحسكة، بوضع يد المثلّت الرحمات المطران مار يعقوب ميخائيل جروه، ومنذ خمسٍ وعشرين سنةً، قبلتُ موهبةَ مِلءِ الكهنوت، إذ رقّاني المثلّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك، إلى الدرجة الأسقفية، في 7/1/1996 في كنيسة مار بطرس وبولس في القامشلي، سوريا.

    إنّها مناسبةٌ اليوم أجدّد فيها عهدي بالأمانة للرب ولكنيسته، وتعاليم آبائنا السريان ولغتنا السريانية وتقاليدنا، معرباً عن ارتياحي الكامل للتعاون معكم في خدمتي الكنسية، وشاكراً إيّاكم لتلطُّفكم بالمبادرة إلى الدعوة لإحياء الاحتفال بهذين اليوبيلين، يوم الجمعة القادم بإذنه تعالى.

    وفيما نأسف لفقدان أربعة أساقفةٍ، غادرونا إلى بيت الآب، اثنان منهم في عزّ العطاء، وهم: مار اقليميس يوسف حنّوش، مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي في السودان، ومار ثيوفيلوس فيليب بركات، رئيس أساقفة حمص وحماه والنبك، ومار إيوانيس لويس عوّاد، الأكسرخوس الرسولي في فنزويلا سابقاً، ومار يعقوب بهنان هندو، رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين سابقاً. نصلّي إلى الرب كي يتغمّد أرواحهم في ملكوته السماوي، مع الرعاة الصالحين والأبرار والصدّيقين.

    ولأنّنا أبناء الرجاء، نفرح ونرحّب بشكلٍ خاص بثلاثة إخوةٍ نالوا الرسامة الأسقفية في العام المنصرم، ويشاركون معنا للمرّة الأولى في هذا السينودس، وهم: مار يعقوب أفرام سمعان، النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن، والمدبّر البطريركي على أبرشية القاهرة والنيابة البطريركية في السودان، ومار فلابيانوس رامي قبلان، المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، ومار أثناسيوس فراس دردر، النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي. نهنّئهم برسامتهم الأسقفية، وندعو لهم بخدمةٍ مباركةٍ تؤتي الثمار اليانعة، في حقل الرب والكنيسة، بروح الراعي الصالح.

    كما لا يغيب عن بالنا أخوانا اللذان لم يتمكّنا من الحضور معنا في هذا السينودس، وهما: مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق سابقاً، لأسبابٍ صحّيةٍ، ومار باسيليوس جرجس القس موسى، الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، الذي لم يتمكّن من الحضور بسبب الإجراءات المتَّخَذة في الظروف الصحّية الراهنة.

     ونرحّب أيضاً بالخوراسقف جوزف شمعي المدبّر البطريركي لأبرشية الحسكة ونصيبين، والخوراسقف جرجس الخوري المدبّر البطريركي لأبرشية حمص وحماة والنبك.

    نعقد هذا السينودس في نهاية زمن العنصرة وبداية زمن الصليب، وهو دعوةٌ مميّزةٌ لنا كي نستلهمَ أنوار الروح القدس، ليقودَ اجتماعاتِنا ويوجّهنا في حواراتنا ومداولاتنا، لنتّخذ القرارات الصائبة التي تمجّد اسم الرب الذي دعانا لخدمة شعبه في هذه الظروف الحرجة والمصيرية. ولنا من صليبه الخلاصي خيرُ معينٍ ومقوٍّ ومشجّعٍ في مسيرة خدمتنا: "ܒܪܺܝܟ̣ܽܘ ܕܥܰܒܕܶܗ ܠܰܨܠܺܝܒܳܐ ܣܶܒܶܠܬܳܐ ܠܝܰܠܕ̈ܰܘܗ̱ܝ̱ ܕܳܐܕܳܡ܆ ܕܒܳܗ̇ ܐܶܬܥܰܠܺܝܘ ܩܰܕܡܳܝ̈ܶܐ܆ ܢܒܺܝ̈ܶܐ ܘܰܫܠܺܝ̈ܚܶܐ ܘܣܳܗܕ̈ܶܐ". "مباركٌ من جعل الصليب سلّماً لأبناء آدم، إذ عليه ارتقى الأقدمون، الأنبياء والرسل والشهداء". وعلى غرارهِم نسير متجدّدين بصورة معلّمنا الإلهي، فنعيش شرف خدمتنا الأسقفية، بالتزامٍ صادقٍ، وبأمانةٍ كاملةٍ، وبمحبّةٍ متجرّدة، فلا نتردّد في البذل، ولا نميّز في العطاء.

    نجتمع في هذا السينودس، ورباط الشراكة الأسقفية يوحّدنا، بالمحبّة المتبادلة، والأخوّة والاحترام وحرّية إبداء الرأي والمناقشة، وِفقَ ما تقتضيه القوانين الكنسية. فنتعاضد في تحمُّل أعباء مسؤولياتنا في خدمة كنيستنا السريانية، التي أودعَنا الرب مسؤولية التكرّس لها، واضعين نصب أعيننا، بعد مرضاة الرب، خيرَ المؤمنين الذين يتطلّعون إلينا بشوقٍ، وينتظرون منّا، أن نعمل لما فيه تعزيز شهادتهم لإيمانهم بالرب، والتزامهم بكنيستهم، في خضمّ الصعوبات والتحدّيات الراهنة، مدركين ضعفنا البشري، لكن واثقين في الوقت ذاتِه، أننا متكلون على معلّمنا الإلهي الذي يقوّينا ويشدّدنا.

    ومن هنا نتفاعل مع دعوة الرب لنا، أن نسعى كلّ جهدٍ لنا، كي نكون واحداً بأجمعنا، كما سألَ أباه السماوي من أجل تلاميذه: "ليكونوا بأجمعهم واحداً" (يوحنا 17: 22)، هذه الوحدة التي أرسى دعائمها بوضوحٍ رسول الأمم مار بولس إذ يقول: "جسدٌ واحدٌ وروحٌ واحدٌ، كما دُعيتم أيضاً في رجاء دعوتكم الواحد" (أفسس 4: 4)، هذه الوحدة تجمع بيننا وتهدينا كي نرعى شعب الله، إكليروساً ومؤمنين، عاملين في كرمِه المقدّس بالسهر الدائم والعطاء المجاني، فننال منه الطوبى، كما تقول الترنيمة السريانية الشهيرة: "ܛܽܘܒܰܝܗܽܘܢ ܠܥܰܒܕ̈ܶܐ ܛܳܒ̈ܶܐ ܡܳܐ ܕܳܐܬܶܐ ܡܳܪܗܽܘܢ܆ ܘܡܶܫܟܰܚ ܠܗܽܘܢ ܟܰܕ ܥܺܝܪ̈ܺܝܢ ܘܰܒܟܰܪܡܶܗ ܦܳܠܚܺܝܢ. ܐܳܣܰܪ ܚܰܨܰܘ̈ܗ̱ܝ̱ ܘܰܡܫܰܡܶܫ ܠܗܽܘܢ܆ ܕܰܠܐܺܝܘ ܥܰܡܶܗ ܡܶܢ ܨܰܦܪܳܐ ܠܪܰܡܫܳܐ. ܐܰܒܳܐ ܡܰܣܡܶܟ ܦܰܠܳܚ̈ܰܘܗ̱ܝ̱ ܘܰܒܪܳܐ ܡܫܰܡܶܫ ܠܗܽܘܢ܆ ܘܪܽܘܚ ܩܽܘܕܫܳܐ ܦܰܪܩܠܺܝܛܳܐ ܟܠܺܝܠ̈ܰܝܗܽܘܢ ܓܳܕܠܳܐ܆ ܗܰܠܶܠܽܘܝܰܗ ܘܣܳܝܡܳܐ ܒܪ̈ܺܝܫܰܝܗܽܘܢ". "طوبى للعبيد الصالحين الذين إذا جاء سيّدهم، يجدهم مستيقظين وعاملين في كرمه، فيشدّ حقويه ويخدمهم، إذ تعبوا معه من الصباح حتى المساء. الآب يُتكِئ خدّامه، والابن يخدمهم، والروح القدس الفارقليط يضفر لهم الأكاليل، هللويا ويضعها على رؤوسهم".

    سوف نستهلّ أعمال مجمعنا صباح الغد برياضةٍ روحيةٍ يلقي مواعظها سيادة المطران أنطوان نبيل العنداري، النائب البطريركي على نيابة جونيه المارونية، حيث سنتأمّل مع سيادته في دعوة الأسقف في جسم الكنيسة مع إخوته الأساقفة بروح الشراكة السينودسية، ومع إخوته الكهنة بروح شراكة الأبوّة الروحية، ومع جماعة المؤمنين بروح الشراكة في الكنيسة العامّة. نشكر سيادته، وندعو له بفيض النِّعَم والبركات.

    سنعالج في هذا المجمع مواضيع عدّة أدرجناها على جدول الأعمال الموضوع بين أيديكم، والذي سندرسه معاً طيلة هذا الأسبوع. وأبرز هذه المواضيع:

  • تقارير تتناول ما استجدّ في كلّ أبرشيةٍ وأكسرخوسيةٍ ونيابةٍ وزيارةٍ بطريركيةٍ ورسوليةٍ منذ انعقاد السينودس الماضي وحتّى اليوم، وكذلك تقارير عن أحوال الرهبانية الأفرامية بفرعيها الرجالي والنسائي، والإكليريكية البطريركية
  • تحدّيات الخدمة الراعوية في الشرق وبلاد الإنتشار نتيجة الأوضاع الراهنة وانتشار الوباء
  • إدارة الخيور الزمنية (الأموال) في الأبرشية
  • سينودس الأساقفة الروماني لعام 2023: "من أجل كنيسة سينودسية: شراكة، ومشاركة ورسالة"
  • مسودة نهائية لإصلاح ليتورجية القداس الإلهي: خدمة الكلمة، الأنافورات، الحسّايات، وسواها
  • التدابير الإدارية والإجراءات اللازمة، بحسب حاجات الخدمة الروحية والراعوية لأبرشياتنا ورعايانا في أماكن عدّة، ولا سيّما انتخاب أساقفةٍ للأبرشيات الشاغرة

    أيّها الإخوة الأعزّاء، نعقد اجتماعنا هذا في ظلّ أوضاعٍ خطيرةٍ وتحدّياتٍ جمّة، تكاد لا تخلو منها أيّة بقعةٍ في العالم، وبخاصّةٍ منطقة الشرق الأوسط التي منها انتشر الإيمان، والتي يتعرّض فيها المؤمنون إلى نكباتٍ أمنيةٍ وأزماتٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ لا تُحصى، وعليهم أن يجابهوا تحدّياتٍ كثيرةٍ لإيمانِهم وهويتهم، وتهدّد وجودهم في أرض آبائهم وأجدادِهم.

    في سوريّا، نلمس عودة اللحمة الوطنية بين مختلف فئات المجتمع، خاصّةً بعد أن أُجرِيت الانتخابات الرئاسية في أيّار المنصرم، وفتحت صفحةً جديدةً يتوسّم فيها المواطنون كلّ خيرٍ، على أمل انتهاء الحرب وعودة الطمأنينة إلى كافّة ربوع الوطن، فتتضافر الجهود لإعادة بنائه وازدهاره.

    وفي العراق، حيث تجري الاستعدادات للإنتخابات النيابية التي نرجو أن تُنجَز في موعدها في تشرين الأوّل القادم، وأن تنتج فوز أصحاب الكفاءة والنزاهة والكفّ النظيف والإخلاص للوطن. فيتعاضد الجميع ويتكاتفوا من أجل نهضة العراق، بعدما تبارك بالزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا فرنسيس إليه في آذار الماضي، وقد استقبلناه في كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، وفي قره قوش – بخديدا، المدينة السريانية العريقة.

    ولا تغيب عن بالنا بلدان الشرق، من الأراضي المقدسة التي تباركْنا بزيارتها في شهر تمّوز المنصرم، حيث رفعنا الصلاة من أجل أبنائنا وبناتنا في العالم، ومن أجل تلك الأرض، كي تسود فيها ثقافة قبول الآخر والمسامحة، وتنتهي الصراعات والحروب، وكذلك الأردن الذي يسعى لتعزيز أواصر الارتباط بين مختلف مكوّناته، بالاحترام المتبادَل، ومصر التي يتجلّى التضامن بين أفراد شعبها الذين ينعمون بالحرّية والأمان بسبب حكمة المسؤولين فيها، وتركيا التي يحافظ فيها أبناؤنا على إيمانهم وتراثهم العريق، ثابتين في أرضهم.

    أما لبنان، الوطن الجريح، فإنّنا نهنّئه بتشكيل الحكومة الجديدة، وندعو لها، رئيساً وأعضاءً، بالنجاح، آملين أن تعمل بالسرعة الممكنة لوقف الانهيار الحاصل على كافّة الأصعدة. لكنّنا نعرب في الوقت عينه عن خيبة أملنا بسبب التمادي في تهميش حقوقنا، كمكّونٍ سرياني عامّةً وكطائفةٍ سريانيةٍ كاثوليكيةٍ خاصّةً، وذلك بعدم تمثيلنا في هذه الحكومة، كما هي الحال وللأسف، في كلّ المناصب والوظائف العليا المدنية والعسكرية والقضائية في البلد.

    إنّنا ندعو المسؤولين للعمل بشكلٍ جدّي على التدقيق الجنائي لمعرفة مصير أموال اللبنانيين وودائعهم في المصارف، والتي نُهِبَت. ونشدّد على وجوب حصول الانتخابات النيابية في موعدها في أيّار القادم، لتشكيل طبقةٍ سياسيةٍ جديدةٍ تنهض بلبنان من كبوته.

    وفيما يتعلّق بتفجير مرفأ بيروت، نجدّد التأكيد بأنّ كلّ حصانةٍ تسقط أمام هول هذه الجريمة النكراء، فالحقيقة والعدل يعلوان فوق كلّ اعتبار، خاصّةً وأنّ هذا التفجير أدّى إلى تدمير قسمٍ كبيرٍ من العاصمة بيروت، وسقوط أكثر من مئتي ضحيّة، وتشريد آلاف العائلات التي لا يزال العديد منها دون مسكن.

    لا يفوتنا أن نشير إلى الانهيار المالي والاقتصادي المتمادي، وضرورة الحدّ من الإذلال الذي يتعرّض له اللبنانيون، أمام محطّات البنزين والمصارف والصيدليات والأفران، فضلاً عن الانقطاع شبه الدائم للتيّار الكهربائي والشحّ في المياه، وعدم توفّر الوقود والأدوية والخبز وسواها من المواد الأساسية والحيوية، فيما الدولة من رأس الهرم حتّى أصغر مسؤولٍ ترقد في سباتٍ عميقٍ، وتتقاعس عن توفير أدنى مقوّمات الحياة الكريمة للمواطنين.

    وما القول عن العام الدراسي القادم المهدَّد هو الآخر كالعامين الدراسيين السابقين، بسبب عدم تلبية احتياجات المدارس التي تمرّ بأزماتٍ كثيرةٍ، بدأت إثر تفشّي وباء كورونا، واستفحلت نتيجة الانهيار الحاصل والذي يهدّد استمراريتها لانقطاع الكهرباء والإنترنت، وعدم قدرة الأهالي على دفع الأقساط.

    ولعلّ من أخطر تداعيات الوضع الحالي المتفاقم في لبنان، هجرة اللبنانيين عامّةً، والشباب خاصّةً، بسبب تردّي الأوضاع. ومع أنّ إلهنا هو إله الرجاء، لكنّ الوضع الحالي المتأزّم يجعل من الصعوبة بمكان أن نطلب من أبنائنا الصمود وعدم الهجرة. لذا ندعو الدولة للإسراع بتوفير الحوافز للصمود، كي لا يهاجر من بقي، فيفرغ البلد من طاقاته الحيّة، بعد أن بات الوضع ينذر بالعواقب الوخيمة.

    هذا وإنّ كنيستنا تبذل كلّ ما بوسعها، بالتعاون مع المؤسّسات والمنظّمات المحلّية والإقليمية والعالمية، لتأمين المساعدات لأولادها قدر الإمكان، كي ينعموا بالعيش اللائق في ظلّ هذه الظروف العصيبة.

    أما أولادنا في بلاد الانتشار، في أوروبا والأميركتين وأستراليا، فإنّنا نؤكّد لهم أنّهم لا يغيبون عن بالنا وتفكيرنا، ونحن نتابع باهتمامٍ بالغٍ أوضاعهم، ونسعى مع إخوتنا الرعاة الكنسيين لتأمين الخدمة الروحية والراعوية لهم. ونحن نحثّهم على متابعة شهادتهم لإيمانهم، والأمانة لتعاليم كنيستهم، مع الحفاظ على الارتباط الوثيق ببلادهم الأمّ في الشرق. ونوصيهم أن يولوا العناية البالغة بتربية أولادهم على هذه المبادئ السامية، مخلصين في الوقت عينه إلى الأوطان الجديدة التي احتضنتهم ووفّرت لهم الأمان والطمأنينة والأمل بمستقبلٍ باهر.

    ويطيب لنا أن نثني على جهود الإخوة الأحبّاء الرعاة الروحيين، من أساقفةٍ وكهنةٍ ومكرَّسين، الذين يقفون إلى جانب أبناء شعبهم في هذه الظروف العصيبة في بلاد الشرق وفي الغرب، مشجّعين إيّاهم على الثبات في الإيمان رغم هول المآسي والصعوبات، سائلين الرب أن يكافئهم على أتعاب خدمتهم بالصحّة والعافية والبركة.

    واسمحوا لي أن أستعرض بجولةٍ سريعةٍ أهمّ الأحداث التي عرفَتْها بطريركيتنا السريانية منذ ختام مجمعنا السابق حتى اليوم:

  • تكريس وتقديس كنيسة البشارة، في الموصل، وافتتاح دار المطرانية الجديدة (8/12/2019).
  • إعادة تقديس وتكريس كنيسة الطاهرة الكبرى، في قره قوش، بعد ترميمها (26/3/2021).
  • إعادة تقديس وتكريس كنيسة مار يوسف في تومين، حماة (11/6/2021).
  • تولية رئيس أساقفة دمشق، مار يوحنّا جهاد بطّاح (27/7/2019)، ومطران أبرشية حدياب – أربيل، مار نثنائيل نزار سمعان (24/8/2019).
  • رسامة ثلاثة مطارنة جدد: مار يعقوب أفرام سمعان (15/8/2020)، ومار فلابيانوس رامي قبلان (13/9/2020)، ومار أثناسيوس فراس دردر (30/10/2020).
  • تولية المطران فراس دردر - البصرة (7/5/2021)، والمطران أفرام سمعان - القدس (3/7/2021).
  • الرسامة الخوراسقفية للأب إيلي وردة - باريس (6/10/2019)، والأب جرجس الخوري - حمص (3/4/2021)، والرسامة الكهنوتية للأب طارق خيّاط - بيروت (24/3/2021)، ورسامة شمامسة (إنجيليين) لاسطنبول وحمص، وسيامات صغرى لإكليريكية الشرفة، وأبرشيات حلب، والحسكة ونصيبين، والقاهرة، ونذور مؤقّتة لراهب أفرامي.
  • زيارات راعوية إلى مختلف الرعايا في أبرشيات دمشق، وحمص وحماه والنبك، وحلب، وبغداد، والموصل، وحدياب - أربيل، والقاهرة، ورعية عمّان – الأردن، حيث تفقّدنا المؤمنين، والتقينا الفعاليات والشبيبة، وافتتحنا بعض المشاريع.
  • زيارات راعوية إلى أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية لعقد المؤتمر الحادي عشر للأبرشية واليوبيل الفضّي لرعية سان دييغو، والأكسرخوسية الرسولية في كندا، والرعايا والإرساليات السريانية في فرنسا، وألمانيا.
  • استقبال قداسة البابا فرنسيس خلال زيارته إلى كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد (4/3/2021)، وبلدة قره قوش - بخديدا السريانية وكنيسة الطاهرة الكبرى فيها (7/3/2021).
  • زيارة حجّ تقوية ورسمية وراعوية إلى النيابة البطريركية في القدس والأراضي المقدسة (3/7/2021)، والزيارة الراعوية والرسمية الأولى إلى البصرة (6-9/5/2021).
  • اللقاء الأوّل للشبيبة السريانية الكاثوليكية في سوريا، في دير مار توما – صيدنايا (2-6/7/2019).
  • استضافة الصلاة الافتتاحية لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس (19/1/2020)، واستقبال اللجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي الرسمي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية (28/1/2021).
  • المشاركة في مؤتمرات مسكونية عدّة، أبرزها: المؤتمر السابع والعشرين لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في القاهرة (25-30/11/2019)، اجتماع مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سوريا (18-20/5/2021)، المؤتمر الــــــ 137 لمنظّمة فرسان كولومبوس في مدينة مينيابوليس – مينيسوتا، الولايات المتّحدة (6-8/8/2019)، المؤتمر السنوي العاشر لشبكة المشرّعين الدوليين الكاثوليك في فاتيما – البرتغال (22-24/8/2019)، المؤتمر الأوّل للتراث المسيحي المشترَك في الوادي المقدس – الديمان (18/9/2019)، ومهرجان المغتربين الأوّل في محافظة طرطوس كـــــ "ضيف شرف" (22/9/2019)، مؤتمر "حوض المتوسّط: حدود سلام" في مدينة باري، إيطاليا (19–23/2/2020).
  • لقاءات مع عددٍ من الرؤساء والوزراء والنواب والشخصيات السياسية في بلدانٍ عدّة شرقاً وغرباً، لعرض موضوع الأوضاع في الشرق والحضور المسيحي فيه، ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس اللبناني العماد ميشال عون، والرئيس السوري بشّار الأسد، والرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، والرئيس العراقي برهم صالح، والرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، ورئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، وسواهم، وإلقاء كلمة أمام البرلمان الهنغاري (31/10/2019).
  • المشاركة في يوم الصلاة والتفكير من أجل لبنان في الفاتيكان، بدعوةٍ من قداسة البابا فرنسيس (1/7/2021)، وفي لقاء قداسته مع بطاركة الشرق الكاثوليك للبحث في أوضاع الشرق والحضور المسيحي فيه (7/2/2020)، وفي اجتماعات المجلس الإستشاري للإعداد للسينودس الروماني، فضلاً عن لقاء عددٍ من رؤساء الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية حول العالم، ولقاءاتٍ عديدةٍ عُقِدت افتراضياً عبر تطبيق الزوم.
  • انتهاء الأعمال في مجمّع مار يوسف السكني في الفنار – المتن، لبنان، والذي يتألّف من ثماني مبانٍ تحتوي على 144 شقّة سكنية للعائلات الشابّة.
  • متابعة أعمال إعادة بناء وتأهيل كاتدرائية مار جرجس في الخندق الغميق – الباشورة، بيروت، وهي الكاتدرائية الأمّ لكنيستنا في لبنان، لما لها من أهمّيةٍ تاريخيةٍ وقيمةٍ معنويةٍ لبطريركيتنا وكنيستنا وشعبنا في لبنان. وقد وصلت الأعمال إلى المراحل النهائية، على أمل أن نحتفل في العام المقبل بإعادة تقديس وتكريس هذه الكاتدرائية.
  • متابعة أعمال الترميم في دير مار أفرام الرغم - الشبانية، لبنان.
  • متابعة أعمال بناء كنيسة ومركز مار أفرام السرياني في منطقة ضهر صفرا – طرطوس، سوريا، التي تقوم بها البطريركية على قطعة أرضٍ قدّمَتْها الدولة السورية، خدمةً لأبنائنا الوافدين إلى تلك المنطقة.

    إخوتي الأجلاء،

    هلمّوا نعمل معاً يداً بيد في هذا السينودس المقدس، سائلين الله أن يبارك أعمالنا بهدي أنوار روحه القدوس، مبتغين دوماً خير كنيستنا وخلاص نفوس المؤمنين الموكَلين إلى رعايتنا. ولنودِع الثالوث الأقدس، الإله الواحد، ذواتنا وأفكارنا وأعمال سينودسنا، تحت حماية أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، وشفاعة مار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة، والطوباوي مار فلابيانوس ميخائيل، وجميع القديسين والشهداء، متيقّنين أنّ الرب معنا دائماً ولن يتركنا أبداً، ومعه لا نخاف شيئاً، وإليه نهتف:

    "ܠܳܐ ܕܳܚܠܺܝܢܰܢ ܡܶܢ ܒܺܝܫܳܐ ܡܶܛܽܠ ܕܡܳܪܝܳܐ ܥܰܡܰܢ ܗ̱ܘ܆ ܘܙܰܝܢܶܗ ܪܰܒܳܐ ܠܒܺܝܫܺܝܢܰܢ܆ ܠܰܨܠܺܝܒܳܐ ܡܰܥܒܶܕ ܚܰܝ̈ܶܐ"

    "لا نخاف من الشرّير لأنّ الرب معنا، فقد لبسنا سلاحه العظيم، الصليب مانح الحياة"، آمين.     

    شكراً لإصغائكم.

 

إضغط للطباعة