الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يشارك في القداس الافتتاحي لمسيرة الإعداد للسينودس الروماني برئاسة قداسة البابا فرنسيس، حاضرة الفاتيكان

 
 

    في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد ١٠ تشرين الأول ٢٠٢١، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، في القداس الإلهي الذي احتفل به قداسة البابا فرنسيس، بمناسبة افتتاح المسار الإعدادي للسينودس الروماني للجمعية العامّة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، الذي سيُعقَد في غضون شهر تشرين الأول ٢٠٢٣، حول موضوع "من أجل كنيسة سينودسية: شركة، مشاركة ورسالة"، وذلك في بازيليك القديس بطرس، الفاتيكان. والجدير ذكره أنّ غبطة أبينا البطريرك هو عضوٌ في المجلس الاستشاري لهذا السينودس وممثّلٌ للكنائس الشرقية فيه، علماً أنّ هذا المجلس يضمّ ١٥ شخصاً يمثّلون الكنائس في مختلف القارّات.

    شارك في القداس صاحبُ الغبطة البطريرك المنتخَب للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، وكرادلة وأساقفة وكهنة ورهبان وراهبات ومؤمنون من مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم أولئك الذين شاركوا في الجلسة العامّة الافتتاحية لإعداد السينودس الروماني. وقد رافق غبطةَ أبينا البطريرك صاحبُ السيادة مار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.

    وبعد الإنجيل المقدس، ألقى قداسة البابا فرنسيس موعظة روحية، نوّه فيها قداسته إلى أنّ "الرب يسوع يرافق مسيرة الإنسان ويصغي إلى الأسئلة التي تسكن قلبه وتُقلقه، هو يسير معنا ويبلغنا حيث نكون، على دروب الحياة الوعرة أحياناً. واليوم، إذ نفتتح هذا المسار السينودسي، نبدأ بسؤال أنفسنا جميعاً - البابا والأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والإخوة والأخوات العلمانيين -: نحن، الجماعة المسيحية، هل نجسّد أسلوب الله، الذي يسير في التاريخ ويشارك أحداث البشرية؟ هل نحن مستعدّون لمغامرة المسيرة، أم أنّنا خائفون من المجهول ونفضّل أن نلجأ إلى أعذار الـ "لا جدوى منها" و"لقد قمنا بذلك دائماً على هذا النحو"؟".

    ولفت قداسته إلى أنّ "السينودس يعني أن نسير معاً على الدرب عينها. لننظر إلى يسوع، الذي التقى أولاً بالرجل الغنيّ على الطريق، ثم أصغى إلى أسئلته، وأخيراً ساعده لكي يميِّز ما يجب فعله لنوال الحياة الأبدية"، متناولاً "اللقاء، والإصغاء، والتمييز" كثلاثة أفعال مطلوبة من السينودس.

    وأشار قداسته إلى أنّ "الفعل الأول، أي اللقاء يتطلَّب الانتباه والوقت والاستعداد للقاء الآخر والسماح لقلقه بأن يُسائلنا. إنّ الرب في الواقع ليس بعيداً، ولا يُظهر نفسه متضايقاً أو منزعجاً، بل على العكس، يتوقّف عنده. إنّه مُستعدٌّ للقاء. لا يقف غير مبالياً أمام شيء، بل يجذبه كلّ شيء ويسحره. لقاء الوجوه، تشابُك النظرات، مشاركة قصّة كلّ واحد: هذا هو قرب يسوع، وهو يعلم أنّ اللقاء يمكنه أن يغيّر الحياة. والإنجيل مرصَّعٌ بلقاءاتٍ مع المسيح ترفع وتشفي".

    واعتبر قداسته أنّنا "نحن أيضاً، الذين نبدأ هذه المسيرة السينودسية، مدعوون لكي نصبح خبراء في فنّ اللقاء، ليس في تنظيم الأحداث أو في التفكير النظري في المشاكل، وإنّما بشكلٍ خاص في تخصيص الوقت للقاء الرب وتعزيز اللقاء فيما بيننا. وهكذا نُعطي فُسحةً للصلاة والعبادة ولما يريد الروح أن يقوله للكنيسة، لكي نلتفت إلى وجه الآخر وكلامه، ونلتقي وجهاً لوجه، ونسمح بأن تلمسنا أسئلة الإخوة والأخوات، وتساعدنا لكي نغتني من تنوُّع المواهب والدعوات والخدمات"، لافتاً إلى أنّ "كلَّ لقاء يتطلَّب الانفتاح والشجاعة والاستعداد لكي نسمح لوجه الآخر وتاريخه بأن يسائلانا. وبينما نُفضِّل أحياناً أن نحتمي في علاقات رسمية أو أن نرتدي أقنعة عرضية، فإنّ اللقاء يغيّرنا، وغالباً ما يقترح علينا مساراتٍ جديدةً لم نكن نعتقد أنّنا سنتبعها".

    وتناول قداسته "الفعل الثاني، أي الإصغاء، إذ أنّ اللقاء الحقيقي يولَد فقط من الإصغاء. فيسوع لا يعطي إجابة مألوفة، ولا يقدّم حلاً جاهزاً، ولا يخشى أن يصغي بقلبه وليس بأذنيه فقط. وهذا ما يحدث عندما نصغي بواسطة القلب: يشعر الآخر بأنّه مقبول، وبأنّه لم يُحكَم عليه، وبأنّه حرٌّ في أن يروي خبرته المعاشة ومساره الروحي".

    وتساءل قداسته: "لنسأل أنفسنا: كيف هو إصغاؤنا في الكنيسة؟ كيف هو "سمع" قلوبنا؟ هل نسمح للأشخاص بأن يعبِّروا عن أنفسهم، ويسيروا في الإيمان حتّى لو كانت لديهم مسارات حياة صعبة، وأن يساهموا في حياة الجماعة دون أن نُعيقهم أو نرفضهم أو نحكم عليهم؟"، مشيراً إلى أنّ "السينودس هو أن نضع أنفسنا على الدرب عينه للكلمة الذي صار بشراً: إنّه اتّباع خطواته، والإصغاء إلى كلمته وكلمات الآخرين. ونكتشف بدهشة أنّ الروح القدس يهُبُّ على الدوام بطريقة مفاجئة، ليقترح مساراتٍ ولغاتٍ جديدة. إنّه تمرين بطيء، وربّما متعب لكي نتعلّم أن نُصغي إلى بعضنا البعض، ونتجنَّب الأجوبة المصطنَعة والسطحية. إنَّ الروح القدس يطلب منّا أن نضع أنفسنا في الإصغاء إلى أسئلة وهموم وآمال كلّ كنيسة وكلّ شعب وأمّة، وكذلك أن نُصغي إلى العالم، والتحدّيات والتغييرات التي يضعها أمامنا. لا نَصُمَّنَّ قلوبنا، ولا نُترِّسنَّ ذواتنا في ضماناتنا، وإنّما لنصغِ إلى بعضنا البعض".

    وتحدّث قداسته عن الفعل الثالث، أي التمييز: "إنَّ اللقاء والإصغاء المتبادَل ليسا غايةً في حدّ ذاتهما، ويتركان الأمور كما هي، بل على العكس، عندما ندخل في حوار، فإنّنا نضع أنفسنا في موضع شكٍّ، في مسيرة، وفي النهاية لا نبقى كما كنّا في السابق، بل نتغيّر"، مؤكّداً على أنّ "السينودس هو مسيرة تمييز روحي تتمّ في العبادة والصلاة واللقاء بكلمة الله التي تفتحنا على التمييز وتنيره، فهي توجّه السينودس كي لا يكون مؤتمراً كنسياً أو دراسياً أو سياسياً، بل حدث نعمة وعملية شفاء يقودها الروح القدس".

    ووجّه قداسته الدعوة إلى الجميع "كي نُفرِغ ذواتنا ونتحرّر من كلِّ ما هو دنيوي، وكذلك من انغلاقنا ونماذجنا الراعوية المتكرّرة، ونسأل أنفسنا حول ما يريد الله أن يقوله لنا في هذا الوقت وفي أيّ اتّجاه يريد أن يقودنا".

    وختم قداسته موعظته متمنّياً للجميع "مسيرة سينودسية سعيدة معاً، وأن نكون حجّاجاً شغوفين بالإنجيل، منفتحين على مفاجآت الروح. لا نفوِّتنَّ فرص نعمة اللقاء والإصغاء المتبادَل والتمييز، بفرح معرفة أنّنا بينما نبحث عن الرب، يأتي للقائنا هو أولاً بمحبّته". 

 

إضغط للطباعة