في تمام الساعة الواحدة من ظهر يوم الأحد 14 تشرين الثاني 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة أحد بشارة زكريا الكاهن، وذلك على مذبح كنيسة مار يوسف السريانية الكاثوليكية في مدينة تورونتو – كندا.
عاون غبطتَه صاحبا السيادة مار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب شمعون بزّو والأب بيشوي اللذان يخدمان هذه الرعية. وخدم القداس الشمامسة وأعضاء الجوق، بمشاركة جموع المؤمنين الذين توزّعوا في داخل الكنيسة وفي قاعتها بسبب الإجراءات المفروضة للاحتراز من تفشّي وباء كورونا.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، وجّه غبطة أبينا البطريرك الشكر إلى سيادة المطران أنطوان ناصيف "على كلماتك اللطيفة الأخوية بالترحيب بنا والتذكير بيوبيلنا الكهنوتي الذهبي والأسقفي الفضّي، وأيضاً ما ذكرتَه من مناسبات مفرحة عديدة"، معبّراً عن "الفرحة الكبيرة أن نكون معكم، أيّها الأحباء، وهذه الفرصة تذكّرنا أنّنا كنيسة واحدة، نعيش وحدة الكنيسة الجامعة في المسيرة نحو الملكوت".
ولفت غبطته إلى "الرسالة إلى أهل روما، والتي سمعناها، حيث يذكّرنا مار بولس أنّنا نتبرّر بنعمة الإيمان، وهي كلمات سمعناها مراراً، لكنّها عميقة جداً، لأنّ علاقتنا مع الله، علاقتنا مع الدين - مع أنّنا نحن المسيحيين نفضّل استعمال الإيمان، هي علاقة إيمانية تشمل كلّ الفضائل التي يجب علينا أن نعيشها، من قبول أسرار الله الغير مفهومة، والتي نقبلها بالإيمان، سرّ الثالوث الأقدس، سرّ التجسّد، سرّ الفداء. كما نقبل الأسرار الكنسية التي أسّسها الرب يسوع، والتي نتغذّى منها، ونعيش هذا الإتّكال الكامل على الله بالبرارة، كما عاش زكريا الكاهن وزوجته إليصابات، وقد كانا بارَّين، بمعنى أنّهما وضعا كلّ حياتهما بين يدَي الله الذي هو الخالق والمدبّر والذي يبرّرنا".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى، نحتاج إلى نعمة الإيمان كي نجدّد هذه العلاقة الروحية مع الله تعالى، بالرغم من آلامنا وصعوباتنا. فهذا الوباء المتفشّي يخيفنا ويجعلنا نتباعد عن بعضنا، في الوقت الذي يجب أن نكون متقاربين من بعضنا، ليس فقط أن نهدي بعضنا السلام، نحن القادمين من الشرق، بل أن نعانق بعضنا، معبّرين عن محبّتنا بهذه المعانقة".
وأشار غبطته إلى أنّ هذا الوباء "لا يزال متفشّياً في العالم، وبشكل خاص هنا في أونتاريو، ومع هذا الوباء، تحمّلنا الكثير وتهجّرنا من بلادنا، لا سيّما من العراق وسوريا ولبنان، لكن بما أنّ رعيتنا هنا بأكثريتها من العراق، فنحن ندرك المأساة التي عاشها واختبرها العراقيون، وبشكل خاص المسيحيون، وبصورة أخصّ السريان"، مستذكراً أنّنا "زرنا في مطلع هذه السنة في مدينة البصرة، وكثيرون منكم كانوا في هذه المدينة التي كانت في زمانٍ مضى عامرةً من كلّ النواحي، لكنّنا اليوم أصبحنا فيها أقلّية، لا بل أقلّ من الأقلّيات!".
وأكّد غبطته أنّنا "نحتاج اليوم أن نجدّد هذه الثقة الكاملة بالله تعالى، فالملاك يشجّع زكريا الكاهن بقوله: لا تخف يا زكريا، فقد استمع الرب صلاتك. ونحن أيضاً بأمسّ الحاجة كي نجدّد إيماننا بأنّ الرب لا يتركنا، صحيحٌ أنّنا نتألّم ولدينا الكثير من التحدّيات في هذا البلد الجديد الذي استقبلنا، وصحيح أنّ هناك أيضاً أزمات كثيرة، إن كانت إيمانية أو أخلاقية، في هذا البلد، لكنّنا سنبقى دائماً متّكلين الاتّكال التامّ على النعمة الإلهية، فنعمة الإيمان هي التي تبرّرنا وتشدّد ضعفنا وتمنحنا القوّة والثبات".
وتوجّه غبطته ببضع كلمات "إلى أولادنا الشباب الأحبّاء: علينا أن نتذكّر أنّ ربّنا يسوع وعدنا أن يبقى مع كنيسته ومع المؤمنين، فمهما عانينا من صعوبات وتحدّيات، فإنّنا نملك الإيمان الذي ورثناه عن آبائنا وأجدادنا منذ عقود وأجيال، ونحن فخورون بأن نكون رسل الرب يسوع".
وختم غبطته موعظته داعياً المؤمنين إلى أن يرفعوا أنظارهم شاخصين "نحو مذبح الرب الذي عليه يتكرّر ويتجدّد إيماننا، سرّ الإفخارستيا، ذبيحة الصليب، ذبيحة الفداء"، مجدِّداً "الشكر للجميع، كهنةً وشمامسةً وأعضاءً في الجوق، وكلّ الذين يهتمّون بكنيسة رعية مار يوسف في تورونتو، والتي نريدها أن تكون دائماً لامعةً بالمحبّة والاتّفاق والتضحية، كي تُبنى هذه الكنيسة برعاية راعي الأبرشية والكهنة الذي يخدمونها والمؤمنين الذين يحبّونها، بشفاعة أمّنا مريم العذراء ومار يوسف وجميع القديسين والشهداء".
وكان سيادة المطران أنطوان ناصيف قد ألقى كلمة رحّب خلالها بغبطته، معرباً عن "الفرح الكبير الذي يغمرنا اليوم في رعية مار يوسف بزيارة صاحب الغبطة إلى هذه الرعية العزيزة، فقد كانت هذه السنة مميَّزةً بالنسبة لغبطته، إذ احتفل سيدنا واحتفلت الكنيسة السريانية معه باليوبيل الكهنوتي الذهبي واليوبيل الأسقفي الفضّي"، مقدّماً "إلى غبطته أحرّ التهاني، ونحمله بصلاتنا، وصلاتنا مع غبطته متواصلة، ونذكره في كلّ قداس وكلّ يوم أحد، لأنّه هو رمز الوحدة والشركة في الكنيسة"، منوّهاً إلى أنّ "الذكرى لا يجب أن تكون فقط بالنصوص وعلى الشفاه، بل يجب أن يكون سيدنا دائماً في قلبنا، وهو بالتأكيد يعطينا الدفع والقوّة والنعمة كي تستمرّ كنيستنا بالتنفُّس في هذا العالم رغم كلّ الصعاب".
وهنّأ سيادتُه غبطتَه أيضاً كون "اليوم هو يوم مميَّز بالنسبة لسيدنا، فالليلة ليلة عيد ميلاد غبطته، فنتمنّى له سنين طويلة عديدة ومليئة بالثمار والخيرات والبركات التي يوزّعها في العالم كلّه على كلّ الرعايا التي يجول عليها واحدةً واحدةً، كي يتفقّد أحوالها، واليوم هو بيننا ويسأل عن أحوال هذه الرعية".
ورحّب سيادته "بصاحب السيادة المطران يوسف عبّا الذي بدونه لم يكن من الممكن لنا أن نجتمع في هذه الكنيسة تحديداً، لأنّه هو الذي سعى كي تكون هذه الكنيسة موجودة، وهذه الرعية ناشطة وحاضرة"، ومرحّباً أيضاً بالمونسنيور حبيب مراد "الذي يحتفل اليوم أيضاً بذكرى سيامته الكهنوتية، نتمنّى له سنين عديدة وبمراتب أعلى"، ومهنّئاً الأب شمعون بزّو بمناسبة ذكرى زواجه.
وفي نهاية كلمته الترحيبية، شدّد سيادته على أنّ "غبطة أبينا البطريرك هو عنوان وحدتنا، وعندما يكون غبطته موجوداً في الكنيسة هناك تكون الكنيسة، فحيث الأسقف هناك الرعية، وحيث البطريرك هناك كلّ الكنيسة السريانية موجودة وهي تفرح وتتهلّل. إنّ كثيرين يتابعوننا اليوم وهم يعرفون أنّ غبطته قادم إلى تورونتو، كما أنّ الكثيرين من أبرشياتنا حول العالم فرحون لهذه الزيارة، ونحن معهم فرحون، ونضمّ شركتنا إليهم، متّحدين معهم بالصلاة والاستمرار بالشهادة رغم كلّ الصعوبات".
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، استقبل المؤمنين في قاعة الكنيسة، فنالوا بركته الأبوية وعبّروا عن محبّتهم البنوية وامتنانهم الدائم لغبطته منذ أن كان راعياً لأبرشيتهم. وقدّموا له التهنئة بمناسبة يوبيلَيه البطريركي والأسقفي وعيد ميلاده، داعين له بالعمر المديد والصحّة والعافية ودوام النجاح في رعايته للكنيسة المقدسة.
|