الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية تحتفل بالذكرى السنوية الثالثة عشرة وبدء السنة الرابعة عشرة لتنصيب وتولية غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان على الكرسي البطريركي الأنطاكي

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 13 شباط 2022، احتفلت بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية بالذكرى السنوية الثالثة عشرة وبدء السنة الرابعة عشرة لتنصيب وتولية غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان على الكرسي البطريركي الأنطاكي، وقد صادف هذا اليوم أيضاً في هذا العام أحد الأحبار والكهنة الراقدين. فأقام غبطته القداس الإحتفالي الحبري بهذه المناسبة المفرحة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه في القداس الإلهي صاحبا السيادة المطرانان: مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، بحضور ومشاركة أصحاب السيادة المطارنة: مار فلابيانوس يوسف ملكي، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والآباء الكهنة في الدائرة البطريركية، والراهبات الأفراميات والمؤمنين. وتمّ بثّ القداس على الصفحة الرسمية للبطريركية على الفايسبوك ومواقع التواصل الإجتماعي، كي يتمكّن الإكليروس والمؤمنون من المشاركة الروحية في هذه المناسبة.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "هذا اليوم الأحد المخصَّص للصلاة من أجل الأحبار والكهنة الذين انتقلوا إلى السعادة الأبدية في السماء، نذكرهم ونطلب صلاتهم ودعاءهم من أجلنا، نحن الكنيسة التي لا تزال متغرِّبةً على هذه الفانية"، مرحّباً بأصحاب السيادة وجميع المشاركين في القداس.

    ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا من رسالة مار بولس الثانية إلى أهل كورنثوس، وفيها يتكلّم رسول الأمم عن سيرة حياتنا على هذه الفانية، نحن في مسيرة نحو الحياة الأبدية في السماء، إذ يقول: كم نحن متغرّبون، نشعر بالغربة على هذه الأرض، ونتوق إلى الحياة السماوية".

    وأسهب غبطته في شرح مثل الوزنات "الذي تُلِيَ على مسامعنا في الإنجيل المقدس بحسب الرسول متّى، إذ يقدّم لنا يسوع هذا المثل، والوزنات كلمة سريانية ܟܰܟܪ̈ܶܐ، ويسوع تكلّم اللغة السريانية، وهذا المثل وارد في الأناجيل الإزائية ومعروف جداً، خاصّةً أنّنا نندهش ونتعجّب كيف أنّ السيّد يعطي خدّامه وزناتٍ مختلفةً، خمس وزنات واثنتين وواحدة. ونعرف أنّ العبدين الأوّلَين تاجرا وعملا وبذلا كلّ جهدهما كي ينميا الوزنات التي أعطاهما إيّاها سيّدهما، ثمّ عادا ففرح بهما سيّدهما وقال لكلٍّ منهما: نعمّا يا عبداً صالحاً وأميناً".

    وتكلّم غبطته عن "العبد الثالث المذكور في مثل الوزنات، والذي اتّهم سيّده أنّه يستغلّ الناس ويحصد حيث لم يزرع، فراح ودفن وزنته في الأرض، وقال لسيّده: هذه وزنتك، أعيدها إليك. بالطبع نعجب كيف يعطينا يسوع هذا المثل، فلأول مرّة نفكّر أنّ يسوع الرب الإله يميّز بين البشر، والحقيقة أنّ علينا أن ندرك أنّه ليس الجميع متساوين، ولا يقدر الكلّ أن يعطوا مثل بعضهم. لكنّ السيّد الذي وزّع عليهم الوزنات، ترك لهم الحرّية أن يعملوا بالوزنة التي أعطاهم إيّاها".

    وأشار غبطته إلى أنّ "الخادم الذي راح وبدّد فضّة سيّده، يتّهم سيّده، ويبدأ باختلاق الأعذار كي يبرّر الكسل. لا يقصد الرب يسوع من هذا المثل التجارة أو الربح والخسارة في الأمور المادّية، فيسوع ربّنا هو الذي يعطي المواهب، وهو الذي يترك الإنسان، وبالأخصّ المؤمن، كي يستغلّ ويتاجر ويبذل جهوده لإنماء هذه المواهب بحرّية وثقة بالسيّد الذي أعطاه هذه المواهب".

    واعتبر غبطته أنّنا "إذا أردنا أن نقرأ هذا المثل ونتأمّل به، فعلينا أن نحاول تطبيقه في حياتنا اليومية، وكثيراً ما نلجأ إلى الأعذار والتبريرات كي نقول إنّنا لم نستطع أن ننجح في حياتنا الروحية وعطاءاتنا وتضحياتنا، في حين أنّ الرب يسوع هو إلهٌ عادلٌ ومحبٌّ ولا تعنيه الكمّية، إنّما يريدنا أن نجهد في طريق القداسة ونكمل ذواتنا، فنصل إلى السعادة".

    وأكّد غبطته أنّ "اتّكالنا دوماً هو على النعمة الإلهية، لا سيّما في هذه الأوقات العصيبة التي نمرّ فيها، إن كان في لبنان، أو سوريا، أو العراق، ومنطقة الشرق الأوسط، فلا لزوم كي نعود ونذكر الأزمات المخيفة التي ألمّت بنا، وبشكل خاص الناس الأبرياء الذين هم "عدد قليل" بين الأغلبية المسيطرة. وهكذا نرى أولادنا يتغرّبون إلى أماكن وبلدان بعيدة، ما وراء البحار والمحيطات، ونحن علينا دائماً أن نتذكّر واجبنا، أكنّا إكليروساً أو مؤمنين، إذ يجب علينا أن ننشر حولنا كلّ حين الرجاء في العالم، مهما كان هناك من ظلام في حياتنا وحولنا".

    واستذكر غبطته "العديد من الأحبار والكهنة الذين عرفناهم وانتقلوا إلى الحياة الأخرى، الحياة الأبدية. جميعنا نذكر، إكليروساً ومؤمنين، أنّ هؤلاء الخدّام الأمناء الذين كانوا روّاداً في خدمة الكنيسة في أوقاتٍ صعبة، لربّما أقسى من هذه الأيّام، كأيّام محنة سيفو والتهجير والإبادة قبل مئة عام، ثمّ الحروب الأهلية. وندرك جيّداً أنّهم كانوا الخدّام الأمناء الذين بذلوا جهدهم وذواتهم كي يردّوا للرب هذه الوزنات المثمرة مضاعَفةً، ونصلّي من أجلهم".

    وذكّر غبطته أنّنا "سنصلّي يوم الجمعة والأحد القادمَين من أجل الأموات، أكانوا مؤمنين أو غرباء، وهنا نتذكّر أنّنا ككنيسة سريانية نصلّي أيضاً من أجل الغرباء، وهذا الأمر دليل على أنّ أولادنا عانوا دائماً من جراء النزوح إلى أماكن أخرى، وكانوا غرباء. واليوم نعرف جميعنا النزوح المخيف الذي حصل في العشرين سنةً الأخيرة إلى بلاد بعيدة، والبعض منهم لا يزالون يُعتبَرون غرباء. ومع ذلك نرجع إلى الرب ونعيد اتّكالنا الكامل عليه، ونقول له كما بطرس: إلى أين نذهب يا ربّ وكلام الحياة الأبدية عندك؟".

    وختم غبطته موعظته شاكراً الرب يسوع، الراعي الصالح، الذي أنعم عليه بسنِي خدمة بطريركية وصلت إلى 13 سنة، مجدِّداً العهد معه كي يبقى أميناً على هذه الوزنة المقدسة برعاية الكنيسة بحسب قلب الرب، سائراً بهدي كلمة الله، كلمة الحياة، والخبز السماوي الذي نحتفل به في سرّ الإفخارستيا في كلّ قداس، وهو الغذاء الروحي لجميعنا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء وقديسينا وشهدائنا".   

    وقبل نهاية القداس، أقام غبطته صلاة خدمة الأحبار والكهنة الراقدين، سائلاً الله أن يرتضي بخدمتهم ويتقبّل أرواحهم في ملكوته السماوي.

    بعدئذٍ توجّه المونسنيور حبيب مراد، القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بالتهنئة البنوية إلى غبطته، معبّراً باسم الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في العالم، أحباراً وإكليروساً ومؤمنين، عن المشاعر الصادقة تجاه غبطته، مع أحرّ التمنّيات له بالعمر المديد والتوفيق الدائم، منوّهاً إلى أنّنا "اليوم نحتفل بذكرى عزيزة جداً علينا في الكنيسة، ذكرى مرور 13 سنة على تنصيب وتولية سيدنا البطريرك، بطريركاً للسريان الأنطاكي، في 15 شباط 2009"، مهنّئاً غبطته "الذي اتّخذ لحبريته هذا الشعار الرائع من رسالة مار بولس الأولى إلى أهل كورنثوس "صرتُ كلاً للكلّ"، سائلين الرب يسوع أن يقويه ويعضده كي يبقى دائماً الرمز الكبير لكنيستنا، ويديمه بالصحة والعافية، ويبارك مسيرة كنيستنا بصلاته ورعايته، بارخمور سيدنا، لسنين عديدة".

    ثمّ منح غبطة أبينا البطريرك البركة الرسولية الختامية لآباء الكنيسة السريانية الكاثوليكية وأبنائها وبناتها من الإكليروس والمؤمنين في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار.

    وفي الختام، رنّم جميع الحاضرين النشيد البطريركي: "هب يا إله العالمين، إغناطيوس الراعي الأمين، أيداً لنصر المؤمنين، وامنُن عليه بالظفر. يا ربّي صُن كنيستك، واسكب عليها نعمتك، واحفظ رئيس رؤساء كهنتك، إغناطيوس الراعي الأمين".

    ألف مبروك، ولسنين عديدة.

 

إضغط للطباعة