يطيب لنا أن ننشر فيما يلي نص الموعظة التي ارتجلها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، أمام آلاف الجماهير الغفيرة المحتشدة في التطواف والمسيرة السنوية التقليدية والتاريخية، بمناسبة عيد الشعانين، في بخديدي (قره قوش)، العراق، صباح يوم الأحد 10 نيسان 2022:
"أيّها الأحبّاء،
لا أستطيع أن أعبّر عن فرحتي بالكلمات، فنحن البشر نبقى دوماً مقصّرين عن أداء الشكر الحقيقي للذين يستحقّون الشكر، للمدح وللتعبير عن فخرنا ببخديدي وأبنائها وبناتها، الذين كما كنتُ أردّد سابقاً: بخديدي هي لؤلؤة كنيستنا السريانية الكاثوليكية في العالم. ولا أبالغ إن قلتُ اليوم إنّها النبض لقلب هذه الكنيسة، ليس فقط في بخديدي، بل في العراق والعالم.
نعم، هذه المشاركة الشعبية الرائعة تعبّر عن انتماء أولادنا في بخديدي لكنيستهم السريانية العريقة التي اجتازت على ممرّ تاريخها الطويل الكثير من المحن والاضطهادات، وليس أقلّها ما حدث لنا قبل سنوات من تهجير وتهجّر في بلاد العالم.
اليوم عيد الشعانين، عيد الفرح، كلّنا نفرح بيسوع الذي أتى ليملك على قلوب البشر بالسلام والمحبّة.
كلّنا نفرح مع أولئك الأطفال والتلاميذ والجموع البسيطة الوديعة التي استقبلت يسوع في دخوله إلى أورشليم.
نعم يسوع كان عارفاً بما سيحلّ به وهو الذي تنبّأ عن آلامه وموته وقيامته، ولكنّ الشعب كان يرى فيه ذاك المخلّص، رغم كلّ مظاهر الضعف التي كانت في يسوع والتلاميذ البسطاء.
اليوم عيد الشعانين، إنّه عيد الرجاء، نحتاج جميعنا إلى الرجاء، ونبثّه في قلوبنا وقلوب أولادنا الصغار وشباننا وشابّاتنا وعائلاتنا الشابّة، أكانت الموجودة هنا في بخديدي، في سهل نينوى، في شمال العراق، في العراق كلّه، أو كانت مضطرَّة للتغرّب، ولكنّ حنينها يبقى دائماً قوياً، لأنّ هذه الأرض الطيّبة لن ينساها أولادها أبداً.
اليوم عيد السلام، كم نحتاج إلى السلام، في العائلات، في الكنيسة، في الرعايا، نحتاج إلى كهنة يعرفون أنهم دعوا إلى الخدمة المتواضعة والوديعة على مثال الرب يسوع الذي قال: تعلّموا مني فإنني وديع ومتواضع القلب.
نحتاج إلى المؤمنين والمؤمنات الذين يستعدّون للمشاركة في تدبير شؤون هذه الأبرشية الغالية علينا، ونشكر هنا سيادة المطران المدبّر البطريركي يوسف عبّا، على تعيينه وتسميته لأعضاء المجلس الأبرشي الإستشاري.
نحتاج إلى رهبان وراهبات يعلّموننا معنى التكرّس للرب يسوع وخدمة كلّ من يحتاج إليهم، إن كان في التربية أو في الأمور الاجتماعية، أو في الروحانيات في كنيستنا، وما أكثر وما أجمل العمل الرهباني في أبرشيتنا وفي بخديدي.
نحن رسل الفرح والرجاء والسلام.
أشكر جميع الذين ساهموا في هذا العرس البخديدي، من كهنة وشمامسة ورهبان وراهبات ومؤمنين ومؤمنات من جميع الرعايا، أعضاء الجوق، الأخويات، المدارس، الحركات الرسولية، والمسؤولين المدنيين والأمنيين والعسكريين، أشكرهم وهم يعرفون كم أنّ بخديدي عزيزة عليهم، ولم يدَعوا هذا اليوم المبارك ينتهي من دون أن يشتهروا في العراق أجمع بمحبّتهم للرب ولكنيستهم.
أتمنّى وأدعو لكم بأعياد مباركة تقضونها بالفرح والرجاء والسلام.
أوشعنو بريخو
المجد للآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين".
|