في تمام الساعة السادسة من مساء يوم إثنين الآلام في ١١ نيسان ٢٠٢٢، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة مارت شموني - القديسة حنّة، عينكاوه – اربيل، العراق.
عاون غبطتَه في القداس صاحبا السيادة: مار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – اربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، والآباء الكهنة والشمامسة، وجموع المؤمنين من أبناء الرعية.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه وسروره بالاحتفال بهذه الذبيحة الإلهية يوم الإثنين من أسبوع الآلام في هذه الكنيسة: "جئنا ودُهِشنا لأعمال الترميم التي قمتم بها بإشراف صاحب السيادة مار نثنائيل نزار سمعان، فأضحت هذه الكنيسة المباركة بحلّة جميلة قشيبة وبهية، نسأل الله أن تجمع العدد الأكبر من المؤمنين، ليس فقط في الأعياد الخلاصية مثل البارحة في عيد الشعانين، بل في كلّ يوم أحد نلتقي كعائلة روحية واحدة".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الرسالة إلى العبرانيين التي تُلِيَت على مسامعنا تذكّرنا أنّ الإيمان هو الصفة التي كان الآباء الأولون يتّصفون ويوصَفون بها، بدءاً من ابراهيم. وكاتب هذه الرسالة يذكّرنا أنّ الله قادر أن يصنع العجائب، وأنّ الذي يريد أن يصغي إلى الله يحتاج أن يعيش الإيمان بالفعل".
ولفت غبطته إلى أنّ "الإنجيل المقدس، بعد دخول يسوع إلى أورشليم، حافل بالمناسبات الكثيرة التي تجمع يسوع ورؤساء الديانة اليهودية وفئات الفريسيين الذين كانوا يتمسّكون بالشريعة الموسوية، وكان يسوع بالنسبة إليهم لغزاً لا يفهمونه. فراحوا يسألونه، وبحكمته الإلهية كان يُحرِجهم ويقنعهم، لأنّهم لم يكونوا يقبلون الحقيقة أنّ يسوع أتى كي يخلّص العالم، وليس كي يعيد ما يُسمّى العهد المسيحاني البشري، إنّما كان يريد أن يُفهِمهم أنّ المسيح هو المكرَّس من قِبَل الله كي يخلّص الناس وليس كي يحكمهم".
وأشار غبطته إلى أنّ "السؤال الذي وجّهه إليهم يسوع عن معمودية يوحنّا، لم يعرفوا أن يجيبوا عليه. فذكر لهم هذا المثل الذي ينطبق عليهم، بالنسبة للابن الثاني الذي وعد أن يطيع أباه بقوله له بأنّه مستعدٌّ أن يذهب ويعمل في الكرم. بمعنى أنّه يُبيّن نفسه ظاهرياً مطيعاً لكلام أبيه، ويقبل الوصايا والناموس، لكنّه بالحقيقة يتهرّب من تكريم وصية أبيه".
وأكّد غبطته أنّنا "نحن أحبّاءنا عندما نفكّر بأنّنا دخلنا الأسبوع المقدس، أسبوع الآلام الخلاصية، نرافق يسوع في هذا الأسبوع، ونتأمّل كيف تمّم سرّ الخلاص لنا، ليس بالكلام ولكن بالفعل. فيسوع لم يلغِ الألم، لكنّه قَبِلَ الألم، يسوع لم يلغِ الخلاص، بمعنى عمل الله، لكن من خلال عمله وتدبيره خلّصنا. يسوع لم يلغِ الموت، مع أنّه أقام لعازر، لكنّه قَبِلَ الموت، ومن خلال الموت خلّصنا".
ودعا غبطته المؤمنين كي يجعلوا "من هذا الأسبوع الخلاصي لجميعنا زمن قداسة واقتراب إلى الله وإلى سرّ خلاصنا الذي تمّمه يسوع، حتّى نحتفل معاً بفرح القيامة ومجدها. ومع أنّنا نصوم ونقبل الآلام التي يسمح بها الله لنا، ونشترك بآلام يسوع اشتراكاً روحياً، نبقى دائماً شعب الفرح، ونبقى دائماً الجماعة الكنسية الفرِحة، والتي تعيش السلام الحقيقي مع الله، في العائلة والرعية والكنيسة، ونكون شهوداً للفرح والسلام".
وختم غبطته موعظته بالقول: "أذكّركم أنّنا جميعنا بحاجة إلى أن نفهم وصية الرب يسوع الإله المتجسّد، فلا يمكننا فهم إيماننا المسيحي وعيشه إن لم نكن نسعى إلى عيش المحبّة. المحبّة هي التي تغطّي عيوب الآخرين، وهي التي تجعلنا نقبل الآخرين وننفتح عليهم. ومع الآخرين، أكانوا قريبين منّا أو بعيدين عنّا، في الرعية والأبرشية، يجب أن نعرف أن نبني الكنيسة بالمحبّة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء والقديسة حنّة ومارت شموني وجميع القديسين والشهداء".
وقبل نهاية القداس، ألقى سيادة المطران مار نثنائيل نزار سمعان كلمة ترحيبية بغبطته، أعرب فيها عن "الفرح الكبير الذي يغمرنا باستقبالكم اليوم في أبرشيتنا، والفرح الأكبر بحضوركم دائماً في قلوبنا وصلواتنا"، شاكراً "باسمي كراعي الأبرشية، وباسم الآباء الكهنة والشمامسة وجميع أبناء الرعايا الحاضرين والغائبين، نشكركم على حضوركم الأبوي، ونحن فرحون جداً بمتابعتكم أخبارنا، وبركتكم الرسولية، ومحبّتكم الأبوية التي تغمروننا بها على الدوام".
وأشار سيادته إلى أنّنا "في هذه الأبرشية الناشئة نتحوّل من مرحلة اللاثبات بالكرفانات إلى مرحلة الثبات والبناء، وكلّ الصعوبات ستزول شيئاً فشيئاً ببركتكم وصلواتكم. ونحن نصلّي من أجلكم، ونشكركم دائماً، وندعو لكم بالعودة بالسلامة إلى مقرّ الكرسي البطريركي في لبنان، ونعرب عن تعاضدنا ومساندتنا لكم وللبنان العزيز".
وختم سيادته كلمته داعياً "إلى الله كي يديم كنيستنا السريانية الكاثوليكية في كلّ مكان بقيادتكم ورعايتكم يا سيّدنا صاحب الغبطة، ويديمكم أباً ورئيساً وراعياً صالحاً ومدبّراً حكيماً لكنيستنا التي تفتخر وتعتزّ بكم وبرئاستكم".
وبعد البركة الختامية، نال المؤمنون بركة غبطته في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب مع أبنائه وبناته.
|