الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس منتصف ليل عيد القيامة المجيدة ورتبة السلام في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل يوم السبت 16 نيسان 2022، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بقداس منتصف ليل عيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات ورتبة السلام، وذلك في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف - بيروت. 

    عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، بحضور ومشاركة الأب ميشال حموي الكاهن المساعد في الرعية، وجمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية. 

    بدايةً، أعلن غبطته بشرى قيامة الرب يسوع من بين الأموات. ثمّ أقام رتبة السلام التي يتميّز بها احتفال عيد القيامة، مانحاً السلام إلى الجهات الأربع. وطاف غبطته في زيّاح حبري داخل الكاتدرائية، حاملاً الصليب المزيَّن براية بيضاء علامةً للنصر الذي حقّقه الرب يسوع بغلبَتِه على الموت بالقيامة، ليحتفل غبطته بعد ذلك بقداس العيد. 

    وفي موعظته بعد انتهاء رتبة السلام، بعنوان "تبحثون عن يسوع المصلوب... ليس ههنا"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "عيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات الذي به نكلّل اليوم احتفالات هذا الأسبوع العظيم"، متطرّقاً إلى "مضمون رسالة عيد القيامة لهذا العام 2022 التي وجّهناها غبطته إلى كنيستنا السريانية الكاثوليكية، في بلاد الشرق وعالم الإنتشار، أساقفةً وكهنةً ومؤمنين، بعنوان "الصليب درب القيامة"، في هذه الرسالة التي ستقرأونها نذكّركم أنّ القيامة هي الفرح، نعم نفرح جميعنا لأنّه، بالنسبة إلينا، عيد القيامة هو أعظم أعيادنا". 

    وأشار غبطته إلى أنّ "إيماننا أي علاقتنا مع الله هي علاقة حميمة مبنيّة على المحبّة وليس على الدين، والدين كلمة مشتقّة من كلمة ܕܝܢܐبالسريانية أي الحكم. وللأسف كثيرون يفكّرون أنّ الله هو الديّان فقط، متناسين أنّه الخالق والمدبّر، بل يعتبرونه ذاك الكائن البعيد عن الإنسان، والذي يطلب من الإنسان بطريقة استعبادية أن يحفظ الشرائع والقوانين فقط، وهكذا يرضيه تعالى". 

    ولفت غبطته إلى أنّنا "نحن أيّها الأحبّاء، نؤمن بإلهٍ هو المحبّة بالذات، علّمنا إيّاه يسوع، ومحبّته جعلَتْه يصير مثلنا وقريباً منّا، ويرافقنا في حياتنا، ويفهم كلّ مشاعرنا وهمومنا وأوجاعنا، لأنّه تحمّل آلام الحياة البشرية بذروتها، فهو القائل: ما من حبٍّ أعظم من هذا، أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه. يسوع بذل ذاته من أجلنا، لذلك نؤكّد بأنّ الصليب هو درب القيامة". 

    واستذكر غبطته قولاً عن القيامة للاهوتي الألماني ديتريش بونهوفر، والذي استشهد في الحرب العالمية الثانية على يد النازية في معسكر:"لا يُخلّصُنا الله من الألم، بل من خلال الألم، ولا يحمينا من الموت، بل بواسطة الموت، وهو لا يُحرّرنا من الصليب، بل بالصليب". 

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "هكذا نفهم لماذا التلاميذ الذين كانوا يتبعون يسوع، كما سمعنا من الإنحيل المقدس، والنساء اللواتي ذهبنَ ليحنّطنَ جسد يسوع، لم يكونوا شهوداً لحدث القيامة، مع أنّ هذه القيامة تبقى سرّاً لا نقدر أن نراه بعيوننا. لكن لمّا شاهدوا يسوع وتراءى لهم بجسده الممجَّد، آمنوا. لم يكونوا يبشّرون بميتولوجية وثنية، فيها الإله يقدر أن يفعل ما يشاء، يولد ويقاتل وقد يموت وينهض. لا، كان التلاميذ مقتنعين حقيقةً، كما سمعنا من قراءة سفر أعمال الرسل، أنّ يسوع انتصر على الموت، وهو حيٌّ فينا. ولذلك لم تكن شهادتهم للموت فقط، بل للقيامة، حتّى أنّهم هم ذاتهم استشهدوا وقدّموا حياتهم من أجل حقيقة القيامة". 

    وأكّد غبطته على أنّنا "في هذه الأيّام، نطلب من الرب أن يغفر لنا، ونتصالح معه ومع القريب الذي نعيش معه ومع ذواتنا. في هذه القيامة، نجدّد فعل رجائنا، أنّه مهما أصابنا في هذه الحياة من صعوبات وأزمات وأوجاع، نفسية أو جسدية أو سواها، فقد وضعْنا رجاءنا بالرب يسوع، لأنّه هو من وعدَنا بأنّه سيكون معنا حتّى انقضاء الدهر". 

    وتطرّق غبطته إلى الأوضاع الراهنة: "كنيستنا تعذّبت كثيراً، مثل كثيرين من المسيحيين في هذا الشرق، سواء في العراق أو في سوريا، واليوم أيضاً في لبنان، حيث نشترك مع الجميع، ولكن أيضاً بشكل خاص لأنّنا كنيسة صغيرة، ولأنّ شبابنا يريدون أن يكوّنوا ذواتهم. ولكن للأسف، في هذه الأزمة، نجد صعوبات كثيرة، وشبابنا مثل سائر الشباب في بلدان الشرق، يرغبون أن يتغرّبوا. لكنّنا سنظلّ نطلب من الرب أن يباركنا ويبارك لبنان وشعب لبنان الذي تحمّل الكثير. وفي الوقت عينه، نسأل الرب يسوع الذي غفر للصالبين بقوله: يا أبتاه أغفر لهم لأنّهم لا يعرفون ما يفعلون، هل أنّ الذي تحكّم بهذا البلد وعاش الفساد وهرّب أمواله وجعل هذا البلد يصل إلى الحضيض، هل كان يعرف ما أوصلنا إلينا وما سبّبه لنا؟ نعم السياسيون كانوا يعرفون ذلك، إلا أنّنا نترك الحكم لربّنا الذي هو الحاكم العادل". 

    وتضرّع غبطته "إلى الرب كي يقوّينا جميعاً"، مستعرضاً "ما تقوم به البطريركية وتقدّمه من مساعدات لأبناء الكنيسة في لبنان، من أبناء الرعايا، وسكّان مجمّع مار أفرام في بيروت، وقيامها بإعفاء الطلاب من أبنائنا الذين يدرسون في مدارسنا من الأقساط، ومساعدة المعلّمين كي يتابعوا رسالتهم التعليمية، واستعداد البطريركية لتلبية كلّ حاجة، لأنّنا كلّنا عائلة واحدة". 

    وتوقّف غبطته عند استحقاق الإنتخابات النيابية في لبنان بعد شهر، مشدّداً على أنّنا "نحن ككنيسة خادمة وأمّ، علينا أن نفتّش كيف نُسعِد أولادنا ونشعر معهم في هذه الأزمة. بعد حوالي الشهر، يحلّ موعد الإنتخابات النيابية، فنرجو أن تشاركوا في هذا الاستحقاق الدستوري وتنتخبوا الشخص الذي تجدون فيه النزاهة والمحبّة للبنان والتضحية في سبيله وخدمة شعب لبنان، لا ذاك الذي يتحكّم بهذا الشعب ويفتّش فقط عن مصلحته الشخصية". 

    وختم غبطته موعظته مبتهلاً "إلى الرب يسوع القائم من بين الأموات أن يعطينا الرجاء والفرح والمحبّة لبعضنا البعض، كي نكون شهوداً لقيامته. المسيح قام، حقّاً قام". 

    وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، نال المؤمنون بركة غبطته، وقدّموا له التهنئة بعيد القيامة المجيدة في جوٍّ من الفرح الروحي. 

 

 

إضغط للطباعة