في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الإثنين 18 نيسان 2022، ترأس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، القداس الإلهي الذي احتفل به المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بمناسبة إثنين القيامة المجيدة. ورفع غبطته الصلاة من أجل جميع الموتى الراقدين بحسب العادة في مثل هذا اليوم من كلّ سنة، إذ فيه تذكر الكنيسة جميع الموتى، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
شارك في القداس صاحب السيادة مار فلابيانوس يوسف ملكي، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية والكاهن المسؤول عن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين في لبنان، والأب طارق خيّاط، الكاهن المساعد في إرسالية العائلة المقدسة، والراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "فانفتحت للحال أعينهما وعرفاه"، تحدّث المونسنيور حبيب مراد عن أفراح عيد القيامة التي نعيشها، وهي أساس إيماننا بالرب يسوع القائم منتصراً على الموت، مشيراً إلى أنّنا في هذا الأسبوع والأسابيع السبعة القادمة نتذكّر يسوع القائم وظهوراته لتلاميذه والتعاليم التي علّمهم إياها لمدّة أربعين يوماً قبل صعوده إلى السماء، ثمّ حلول الروح القدس على التلاميذ.
ونوّه إلى أنّ الكنيسة رتّبت في هذا اليوم الثاني بعد عيد القيامة حدثاً رائعاً جداً، هو ظهور الرب يسوع لتلميذين من التلاميذ كانا ذاهبين إلى مدينة بعيدة عن أورشليم اسمها عمّاوس. هذان التلميذان كانا محبطَين مثل باقي التلاميذ الذين رأوا يسوع يتألّم ويُجلَد ويُهان ويُحاكَم ويُصلَب ويموت. ولكنّهم سمعوا من النساء أنّهنَّ رأينَ القبر الفارغ، والبعض منهم صدّقوا، والبعض شكّوا، والبعض لم يعنِ لهم هذا الأمر: قبر فارغ وحجر مدحرَج، لربّما النساء يتخيّلنَ! ولكنّ ربّنا سيُظهِر لكلّ واحد من التلاميذ هذه الحقيقة بشكل شخصي، وهكذا بدأ مع التلميذين في عمّاوس، وهما ذاهبان يتحدّثان بما حدث معهما.
ولفت إلى أنّ الرب رافق التلميذين، وهكذا نرى نحن، كلّ واحد منّا في حياته، أنّ الرب يرافقنا دائماً، ويحمل معنا ألمنا ومحننا وصعوباتنا، ينزل إلينا كي يُصعدنا إليه. هكذا سمع يسوع من تلميذَي عمّاوس وراح يشرح لهما ويخبرهما من هو المسيح الذي تألّم ومات، ويبيّن لهما كيف يقوم من الموت. فتعجّبا ولم يعرفاه، ولكنّ يسوع سار معهما حتّى نهاية الطريق، وذهب معهما إلى البيت، وهما بكلّ طيبة قلب، إذ كانا قد تعلّما من يسوع طيبة القلب، أشفقا على يسوع وطلبا منه أن يمكث معهما لأنّ النهار مال وحلّ الليل، وفي ذلك الوقت كان السفر ليلاً صعباً جداً. كان لديهما الشعور الإنساني الذي تعلّماه من يسوع، محبّة الآخر والرأفة به. ترأّفا به ودعياه إلى البيت، فلبّى دعوتهما وجلس معهما. وهناك كسر الخبر وأعطاهما ليأكلا جسده ويشربا دمه.
واعتبر أنّ هذا اللقاء صورة للقداس، وهو القداس الأول بعد القيامة، إذ تجتمع فيه عناصر القداس التي تعلّمنا إيّاها الكنيسة وتطبّقها:خدمة الكلمة، إذ أعطاهما كلمته وفسّر لهما ما تقوله الكتب المقدسة عن يسوع، وليمة الإفخارستيا، جسده ودمه على المذبح، والمشاركة في تناول جسد الرب ودمه. حينئذٍ عرفا يسوع، وذلك بعين الإيمان، وهكذا كلّ واحدٍ منّا يرى يسوع بإيمانه به.
وختم موعظته مشيراً إلى أنّ العبرة التي نتعلّمها هي أنّ الرب يسوع مستعدٌّ دائماً للإقامة معنا، إذ في الحال دخل يسوع وأقام معهما. عندما تنفتح عيوننا لنقبل يسوع في حياتنا، فهو مستعدٌّ للدخول إلينا والإقامة معنا، ويثبت فينا ونحن نثبت فيه. نطلب من الرب هذه النعمة، أن يؤهّلنا أن نكون معه ونعيش معه ونثبت فيه دائماً، حتّى نستطيع، في هذه الأيّام الصعبة التي نعيشها، أن نعكس صورة يسوع أينما كنّا.
وفي نهاية القداس، منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية.
|