في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 12 حزيران 2022، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الأحد الأول بعد عيد العنصرة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
كان هذا القداس الأخير في مقرّ الكرسي البطريركي لهذا العام، قبل أن ينتقل غبطته خلال هذا الأسبوع إلى المقرّ الصيفي للكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون –حريصا. وعاون غبطتَه في هذا القداس الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن الوصيّة التي أعطاها الرب يسوع لتلاميذه بعد قيامته، وهي: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتُكم به، وها أنا معكم كلّ الأيّام إلى انتهاء العالم"، متوقّفاً عند المسؤولية التي أوكلهم إيّاها الرب بنشر البشارة بالإنجيل، وتقديس المؤمنين، والتعليم والتدبير.
ونوّه غبطته إلى أنّه "في هذا الأحد الذي يلي عيد العنصرة، تحتفل الكنيسة بعيد الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، وهذا هو أعظم أسرار إيماننا المسيحي. فالسرّ لا يعني أنّه شيءٌ يعرفه البعض ويخفونه عن الآخرين، بل أنّ السرّ في مفهوم الكنيسة يعني حقيقة إيمانية، ولا يمكننا أن نفهمها كبشر بعقلنا ومحدوديتنا البشرية"، مشيراً إلى أنّ "مار بولس رسول الأمم يؤكّد أنّه، كي نتكلّم عن الله، نحتاج إلى الروح القدس، أي الروح الذي يعمل في داخلنا ويذكّرنا أنّ الله موجود، وهو أب يحبّنا ويحمينا، وحتّى أنّه أرسل كلمته متجسّداً في أحشاء مريم البتول من أجل خلاصنا".
ولفت غبطته إلى أنّه "في لبنان اليوم وللأسف يتناقص عدد المؤمنين في الكنائس، فلا يأتي إلا الذين يسكنون حول الرعية والكنيسة، لأنّ أسعار البنزين والمحروقات ازدادت بشكل مخيف. وللأسف لا نزال في هذه الدوّامة، والذين يسمّون أنفسهم حكّاماً ومسؤولين لا يكترثون أبداً بحالة المواطنين ومصيرهم، وبشكل خاص هؤلاء الحكّام الذين هرّبوا أموالهم ويُحضِرونها بما يُسمَّى الFresh Money وهم مرتاحون كلّياً لأنّ الأسعار السائدة حالياً مناسِبة جداً بالنسبة إليهم، ولو أنّها مخيفة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، أكانوا عمّالاً أو موظَّفين".
وتساءل غبطته: "ماذا يمكننا أن نفعل؟ كرعاة كنسيين لا يمكننا إلا أن نصلّي ونقف إلى جانب أبناء الكنيسة، ونقدّم لهم كلّ مساعدة ممكنة"، لافتاً إلى أنّ "هناك أشخاصاً لديهم القدرة والوظيفة والمسؤولية كي يتكلّموا، ولكن للأسف البعض، حتّى من الكنسيين، يستمرّون بالقول بأنّها أزمة وستنتهي، ولكن كيف ستنتهي؟ هل يا تُرى بفراغ لبنان من طاقاته الشبابية والعلمية والإنسانية؟".
وابتهل غبطته "إلى الرب كي يتحنّن علينا، ويتحنّن على لبنان، وعلى أولادنا في سوريا والعراق وسائر بلدان الشرق، كي يبقوا راسخين وثابتين بإيمانهم. صحيحٌ أنّ الأزمة صعبة والأوضاع عصيبة، لكنّنا سنبقى صامدين ومتجذّرين في أرضنا، ونتذكّر الآلام والمعاناة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا في الماضي".
وفي ختام موعظته، ذكّر غبطته المؤمنين بالرسامة الأسقفية لثلاثة مطارنة جدد، والتي ستتمّ بوضع يده يوم السبت القادم في كنيسة دير سيّدة النجاة - الشرفة: الخوراسقف جوزف شمعي لأبرشية الحسكة ونصيبين، والخوراسقف إيلي وردة لأبرشية القاهرة، والأب جول بطرس للدائرة البطريركية، حاثّاً المؤمنين، إن لم يكن بإمكانهم المشاركة الشخصية، أن يصلّوا "إلى الرب الذي دعا هؤلاء المطارنة الثلاثة الجدد إلى هذه المسؤولية الأسقفية وهذه الخدمة التي يجب أن تكون خدمة أبوية وأخوية نزيهة، كي يكونوا مثال الأساقفة الرعاة الصالحين، ونحن نحتاج إلى هؤلاء الرعاة حقيقةً في هذه الأزمنة الصعبة التي تتفشّى فيها روح المادّية. نسأل الرب أن يباركنا جميعاً ويجعلنا دائماً رسل الحق بالروح القدس".
|