أودّ أن أتوجّه بالشكر إلى إخوتي الكهنة العاملين في أوروبا الغربية، وخاصّةً من صمّم وحضر ليشاركني فرحة هذه المناسبة اليوم، متحمّلاً عناء السفر، بالرغم من الالتزامات الرعوية. وأريد هنا أن أحيّي الوكيل البطريركي والزائر الرسولي على أوروبا سيادة أخي المطران مار فلابيانوس رامي قبلان، للجهود المبذولة لتنظيم وثبات ونجاح إرسالياتنا في أوروبا في وجه التحدّيات الجمّة والصعبة. وشكري وامتناني لكلّ إخوتي الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الذين أتوا من بعيد وقريب ومشاركين معنا اليوم في هذا الاحتفال المبارك. فلكم منّي جميعاً كلّ المحبّة والمودّة والتقدير.
أوجّه شكري الجزيل والامتنان الكبير لأبرشيتي بيروت البطريركية، بدءاً من دير الشرفة، هذا البيت والمدرسة حيث التنشئة الروحية والليتورجية والصلوات الطقسية التي بها استهوانا الله، فسمعنا صوته وتعمّقنا في حقيقته وغرفنا من كنوزه وعشقناه، إلى كلٍّ من آبائنا البطاركة والأساقفة والرؤساء والمدراء الذين سَهِروا على تنشئتنا في مسيرتنا الإكليريكية، والذين بفضلهم نحن اليوم في هذه المسؤولية الأسقفية الجسيمة. وأذكر بشكل خاص سيادة المطران جهاد بطّاح، رئيس أساقفة دمشق، أبونا جهاد آنداك، المنشِّئ والصديق وخير المدير الذي كان لي في دير الشرفة وفي معهد مار أفرام الحبري في روما، وإلى كلّ إخوتي كهنة هذه الأبرشية، والذين أعبّر لهم عن عمق محبّتي.
شكري أيضاً يذهب إلى المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، للجهود المبذولة لتنظيم هذا الاحتفال بكلّ تفاصيله، ولكلّ من عاونهما: سيادة المطران جول بطرس والأب سعيد مسّوح، والآباء والإكليريكيين، شاكراً خاصّةً المونسنيور حبيب لمساندته الطيّبة لي في تحضير وجهوزية كلّ لوازمي الأسقفية، ومتابعته الدؤوبة لها، كوني كنتُ بعيداً بسبب خدمتي في فرنسا، ولضيق الوقت. ألف شكر مونسنيور لمساندتك، وبارك الله بجهودك.
وفرحتي كبيرة اليوم في حضور ممثّلين عن أبرشيتي الجديدة في مصر الحبيبة، كهنةً وشمامسةً ومؤمنين، الذين أشكرهم من عمق قلبي. إنّني متشوِّقٌ أن آتي إليكم وأخدمكم بالرب يسوع من كلّ قلبي وعقلي وفكري وقوّتي. وأريد هنا معكم أن أستذكر المثلّث الرحمات مار اقليميس يوسف حنّوش، وجميع أسلافه، لكلّ ما قدّموه، كلاً بحسب موهبته الخاصّة، في خدمة أبناء وبنات هذه الأبرشية المباركة. لتكن أنفسهم مكلَّلةً بأعمالهم الصالحة في راحة الأبرار والصدّيقين.
وكيف لي ألا أعبّر عن محبّتي العميقة وامتناني لرعيتي مار أفرام السرياني في باريس، وبشكل خاص المجلس الرعوي والجوقة ولجنة التعليم المسيحي ولجان التنظيمات لمختلف النشاطات والمشاريع، لأنّ بداية مشوار خدمتي الكهنوتية بدأت من هذا البيت الروحي، فأتيتُ إليه كحبّة صغيرة زُرِعَت في أحشائها، فجبلتني وأسقَتني من ينابيع حبّها وعاطفتها وخبرتها وتشجيعها، فجعلت منّي ما أنا هو عليه اليوم، أي تلك الكرمة التي نمت وامتدّت أغصانها، وأورقت وأثمرت كالكرمة التي رآها شفيع أسقفيتي القديس أفرام السرياني، ملفان الكنيسة الجامعة، كنّارة الروح القدس وشمس السريان. أشكر الله عليكم جميعاً، معبّراً لكم عن كلّ تقديري وافتخاري بكم.
يقول فرويد إنّ والد الإنسان هو الطفل، فمستقبل الإنسان، سلامه، نجاحه وإشعاعه، يعود إلى مرحلة الطفولة.أريد هنا أن أنحني بكلّ ورع وإجلال أمام والدتي غلاديس. وما وجودها بجنبي وسهرها عليّ، وخاصّةً عندما كنتُ مسمَّراً على سرير الموت المحتوم بسبب فيروس كورونا، منذ سنتين، حيث حينها فقد الجسم الطبي أيّ أمل لي بالحياة. فما حضورها إلاّ حضور لأحشاء رحمة الله الذي حرّرني من سلطان الموت وولدني من جديد، عارفاً بأنّ هناك رسالة سامية يريدها منّي الرب، واليوم أتى الجواب. فحضور الأمّ ليس فقط عزاءً ورجاءً، ولكن إلهاماً ودعوةً إلهية. لا أستطيع أن أكافئكِ يا أمّي، ولكن أترك الله أن يُكافئكِ على طريقته. وماذا أقول لإخوتي جورج وشربل وجان، لمحبّتهم التي لا توصف والعطاء والسند والدعم الذي لا يتزعزع! فالشكر والامتنان لكم قليل جداً... أدامكم الله ووفّقكم في أعمالكم. ولا يغيب عنّي الحضور الوجودي الفعلي والفعّال لمن غابوا عنّي في النظر، ولكنّ حضورهم شعلة وقوّة،وإلهاموحماس،أقصد أختي ميراي الذي اصطفاها الله بكلّ براءتها لتلتحق مع أجواق الملائكة، التي لم تغادرني، وإنّما تحرسني وترافقني في مسيرة بناء الملكوت، وأبي جوزيف الذي يحيطني بظلّه بالشجاعة والجرأة وكرم وعزّة النفس، وأخي كبريال شفيعي في آلامي وأوجاعي،في الصبر والتحمّل بصمت وبإرادة حديدية، الذي ذهب ضحية، حاملاً بجسده المعوّق كمعلّمه يسوع، وهو في عمره 33 سنة، إعاقة ظلم وبربرية، لا إنسانية ولا مبالاة،وفساد المسؤولين والقيّمين على شعب لبنان الأبي، الذين يدوسون كرامته، محوّلين لبنان الأرز والحضارة،والتعايش والانفتاح، وأرض الرسالة والقداسة، إلى سدوم وعمورة، إلى روح الطائفية والخصخصة، والمحسوبية والتحيّز.
فلربما يصحى الضمير ويهتزّ أمام عدل الله، قاضي القضاة القائل لهم "ماذا صنعتم؟ إنّ صوت دماء أخوتكم صارخ إليّ من الأرض" (تك 4، 10)، من جريمة المرفأ، إلى ما قبلها، إلى كلّ ضحية الفساد والإهمال والمصالح الخسيسة.
|