قبل ظهر يوم الأربعاء 3 آب 2022 بحسب التوقيت المحلّي لمدينة ناشفيل في ولاية تينيسي – الولايات المتّحدة الأميركية، ألقى غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، كلمةً في الجلسة الرئيسية الرسمية للمؤتمر العام السنوي المئة والأربعين لمنظَّمة فرسان كولومبوس.
حضر هذه الجلسة الآلاف من أعضاء منظَّمة فرسان كولومبوس المنتدَبين من جميع فروع المنظَّمة وأقسامها في البلدان المذكورة. ورافق غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلمته باستذكار "التفجير الإرهابي المريع لمرفأ بيروت والذي وقع في الرابع من آب عام 2020، في الذكرى السنوية الثانية لهذا العمل المشؤوم"، سائلاً "الله أن يرحم نفوس الشهداء الذين سقطوا، ويعزّي عائلاتهم، ويمنح الجرحى والمصابين الشفاء التامّ"، مطالباً "المسؤولين أن يعملوا باذلين كلّ جهد، بنزاهة وضمير يكادان يغيبان عنهم، ويا للأسف، من أجل كشف حقيقة هذه الجريمة النكراء، ومحاسبة الفاعلين والمتسبّبين والمتغافلين، إظهاراً للعدالة وإحقاقاً للحقّ".
ووجّه غبطته "النداء إلى المسؤولين في المجتمع الدولي وكلّ ذوي الإرادات الصالحة، للوقوف إلى جانب لبنان الجريح والمتألّم وشعبه الأبيّ، بغية انتشاله من وهدة الإنهيار الشامل الذي قاده إليه المسؤولون السياسيون، وإيجاد الحلول السريعة والناجعة لأزماته السياسية والإقتصادية والمالية الغير مسبوقة، كي تستقيم الحياة فيه، ويعود إلى سابق عهده من الازدهاره والتطوّر".
وقدّم غبطته "الشكر الجزيل لدعوته للمشاركة في المؤتمر العام لمنظَّمة فرسان كولومبوس، وذلك بمناسبة مرور140 عاماً على تأسيس المنظَّمة، على يد الأب مايكل ماكفيني"، مهنِّئاً السيّد باتريك كيلّي الفارس الأعلى والرئيس الجديد للمنظَّمة.
وعبّر غبطته عن "عميق فرحه بإعلان تطويب الأب مايكل ماكفيني مؤسِّس المنظَّمة، والذي تمّ في 31 تشرين الأول 2020"، داعياً إلى "مواظبة الصلاة كي تُعلَن، بأقرب وقت، قداسةُ هذا الكاهن الفاضل الذي لبّى دعوة الرب في خدمة كهنوتية متفانية، وأضحى مثالاً رائعاً للمحبّة الحقيقية، نحو الجميع، أفراداً وعائلات".
وتابع غبطته مستشهداً بعبارة لرئيس المنظَّمة السابق، السيّد كارل أندرسون، الصديق العزيز للكنائس الشرقية، وقد جاءت في كلمة ألقاها عام 2016 في نيويورك: "إنّهم، أي المسيحيين في الشرق الأوسط، قد تركوا كلّ شيء، ما عدا إيمانهم، هذا الإيمان الذي تمسّكوا به على مدى العصور".
وذكّر غبطته بأنّ "المسيحيين في الشرق الأوسط، وبالأخصّ في لبنان وسوريا والعراق، يجابهون تحدّياتٍ كبيرةً ومصيريةً كي يبقوا متجذّرين في أرض الآباء والأجداد، ويشاركوا في بناء بلدانهم وتحقيق ازدهارها، مع جميع المواطنين الصادقين والنزيهين، بالرغم من الفِتَن والفوضى والحروب وأعمال العنف والاضطهاد والتهجير والاقتلاع وغياب الأمن والاستقرار. كما أنّ الذين أُرغِموا على الهجرة نحو الغرب، يجابهون صعوبات التغرُّب وتحدّياته، وليس أقلّها تفشّي روح العلمنة والإلحاد والمادّية".
وعرض غبطته "أبرز ما تقوم به البطريركية والأبرشيات والكنائس المحلّية بشكل عام، بكلّ الوسائل والإمكانيات المُتاحة، للوقوف إلى جانب أبنائها ومساندتهم لمواجهة هذه المرحلة العصيبة، من أجل متابعة الشهادة للرب يسوع في أرضهم الأمّ".
وختم غبطته كلمته مُذكِّراً بعبارةٍ ثانيةٍ من الكلمة عينها للسيّد كارل أندرسون: "إمّا أن يستمرّ مسيحيو الشرق الأوسط في البقاء في بلادهم، كي يشهدوا للمسامحة والمحبّة والرحمة، أو يغيبون، وعندئذٍ سيفتقر الشرق إنسانياً وروحياً وثقافياً".
وقد نالت كلمة غبطته استحسان الرئيس الأعلى وأعضاء المنظَّمة وثناءهم. فما أن انتهت حتّى وقفوا جميعاً احتراماً، وصفّقوا طويلاً، وأبدوا تأثُّرهم بما عرضه غبطته من أوضاع مأساوية في الشرق.
ثمّ أهدى غبطته إلى الرئيس الأعلى الجديد للمنظَّمة السيّد باتريك كيلّي ميدالية سيّدة النجاة البطريركية، بمناسبة انتخابه رئيساً جديداً، عربون محبّة وشكر وتقدير. كما قدّم له غبطتُه نسخةً من كتاب "أكثر من نصف قرن من الخدمة والعطاء"، والذي كانت البطريركية قد أصدرَتْهُ بمناسبة اليوبيل الكهنوتي الذهبي واليوبيل الأسقفي الفضّي لغبطته.
فشكر الرئيس الأعلى لمنظَّمة فرسان كولومبوس السيّد باتريك كيلّي غبطتَه على كلمته الهامّة والمؤثّرة وهديته القيّمة، مثمّناً عالياً مشاركته الشخصية في هذا المؤتمر رغم التزاماته الكثيرة، ومتمنّياً له دوام النجاح والتوفيق في رعايته للكنيسة السريانية الكاثوليكية في العالم في ظلّ هذه الظروف العصيبة التي يعانيها المسيحيون في الشرق، وسائلاً الله أن يحفظه بالصحّة والعافية.
|