في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الإثنين 15 آب 2022، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد انتقال السيّدة العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء، وذلك على مذبح كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.
شارك في القداس أصحاب السيادة المطارنة: مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، والآباء الكهنة من الدائرة البطريركية ودير الشرفة ورعايا أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين من رعايا أبرشية بيروت البطريركية، ووفد قادم من الرعية السريانية في ستوكهولم – السويد.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "عيد انتقال أمّنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، وهو أعظم أعياد أمّنا السماوية، وعادةً نعيّد للقديسين والقديسات في ذكرى انتقالهم إلى الرب، ومَن لدينا أعظم من العذراء مريم كي نعيّد لها بانتقالها إلى ابنها الرب يسوع فادينا ومعلّمنا الإلهي!".
ولفت غبطته إلى أنّه "بحسب التقليد الشرقي، وخاصةً في الكنيسة السريانية، قبل أن تنتقل العذراء إلى السماء، دعا ابنُها الربُّ يسوعُ التلاميذَ الرسلَ لكي يودّعوها، حتّى الذين كانوا بعيدين. هذا التقليد دليلٌ على أنّ الأمّ السماوية هي أمّ الكنيسة، يودّعها التلاميذ الرسل وهم لا يبكون، بل هم فرحون لأنّ العذراء تنتقل إلى السماء".
وأشار غبطته إلى أنّنا "كنا نأمل ونتمنّى اليوم، كما كلّ سنة قبل تفشّي الوباء المخيف، كورونا، أن يشارك عدد أكبر من المؤمنين والمؤمنات مع كهنة الرعايا في هذا العيد الخاصّ بدير سيّدة النجاة – الشرفة، والذي نحتفل فيه بعيد انتقال أمّنا السماوية إلى السماء، وأنتم اليوم تمثّلون التلاميذ الذين أتوا من أماكن بعيدة، وجميعنا ندرك الصعوبات والتحدّيات التي نجابهها في هذا البلد العزيز، لبنان، من أزمات مخيفة، أمنية وسياسية، وبشكل خاصّ اقتصادية ومالية، وكلّ ذلك بسبب تقاعُس المسؤولين السياسيين عن القيام بالحدّ الأدنى من واجباتهم الوطنية تجاه وطنهم وشعبهم الذي ائتُمِنُوا على خدمته، وتغليبهم مصالحهم الخاصّة على المصلحة الوطنية".
وذكّر غبطته بقول "كاتب الرسالة إلى العبرانيين إنّ المسيح أتى وشارَكَنا بطبيعتنا البشرية ما عدا الخطيئة لكي يخلّصنا. هذه الحقيقة الإيمانية نردّدها دائماً: الرب يسوع، كلمة الله الآب السماوي، يتنازل إلينا نحن البشر حتّى يرفعنا إليه، وفي نفس الوقت يحتمل الآلام، فيساعدنا ويعيننا كي نحتمل ما يصيبنا من آلام وضيقات في هذا الزمن، ونحن نعيش التحدّيات ومصاعب الحياة".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الإنجيل الذي سمعناه من لوقا البشير، إنجيل قصير، لكنّه مليء بالمعاني: سيّدة من الجمع، بعدما سمعَت يسوع، هتفَت، وهذا الأمر معروف جيداً في بلادنا وعقليتنا الساميّة، أي في شرقنا، حيث تخرج النساء ويُهلِّلْنَ ويزغرِدْنَ ويُعلِنَّ فرحهُنّ عندما يلتقِينَ بشخصٍ يقدّرْنَهُ. ومَن لدينا أهمّ من الرب يسوع!، فتقوم امرأة وتصيح أمام الجميع قائلة: مباركٌ البطن الذي حملكَ والثديين اللذين رضعتَهُما. إنّه تعبيرٌ ساميٌّ، وإذا راجعْنا هذا الإنجيل، إنجيل لوقا، في اللغات الأجنبية، يصعب على المفسّرين التعبير عمّا جاهرَت به هذه المرأة التي تعلن بكلّ بساطة أمام الرب يسوع أنّ مريم التي حملَتْكَ وأرضعَتْكَ هي المباركة. وهذا يظهر جليّاً أيضاً في إنجيل لوقا عندما زارت مريم نسيبتَها أليصابات التي قالت لها: مباركةٌ أنتِ بين النساء ومباركٌ ثمرة بطنكِ يسوع".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء، أن يؤهّلنا جميعاً كي نحفظ كلام الرب ونثمر ثماراً صالحةً، فنكون كلّنا شهوداً حقيقيين للرب يسوع الذي فدانا، ولأمّنا مريم العذراء التي تحمينا على الدوام".
وقبل نهاية القداس، قدّم المونسنيور حبيب مراد، القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، التهنئة إلى غبطته باسم الحضور، معايداً الجميع بهذه المناسبة، وطالباً شفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة الانتقال، من أجل إحلال السلام في العالم، وكي يبارك الرب المؤمنين بفيض نِعَمِه وخيراته.
وبعد البركة الختامية، انتقل غبطته إلى باحة كنيسة الدير، حيث أقام تشمشت (خدمة) والدة الإله مريم العذراء. ثمّ بارك غبطته العنب والثمار والفواكه، وجرى توزيعها على المؤمنين بحسب العادة المتَّبَعة في هذه المناسبة المباركة.
|