الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت

 
 

 

    في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم السبت 24 كانون الأول 2022، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بقداس ليلة عيد ميلاد الرب يسوع، وذلك في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت. 

    عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين في لبنان، بحضور ومشاركة صاحب السيادة المطران جورج أسادوريان المعاون البطريركي للأرمن الكاثوليك. وخدم القداس الشمامسة وجوق إرسالية العائلة المقدسة، بحضور ومشاركة جموع المؤمنين، وفي مقدّمتهم أعضاء إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين. 

    في بداية القداس، أقام غبطته الرتبة الخاصّة بعيد الميلاد بحسب الطقس السرياني الأنطاكي. وفي نهايتها رنّم غبطته الإنجيل المقدس، وخلاله أوقد ناراً وزيّح فوقها الطفل يسوع. ثمّ طاف في زيّاح حاملاً الطفل يسوع، يتقدّمه الإكليروس، فيما الجوق يرنّم تسبحة الملائكة "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"، وتراتيل ميلادية متنوّعة. بعدئذٍ وضع غبطتُه الطفلَ يسوع في المكان المخصَّص كمذود في المغارة التي نُصِبَت خلف المذبح الرئيسي.  

    وفي موعظته بعد الإنتهاء من الرتبة، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن عميق فرحه "بالاحتفال بقداس ليلة عيد ميلاد الرب يسوع في هذه الكاتدرائية، كاتدرائية مار جرجس في بيروت، والتي بُنِيَت في أواخر القرن التاسع عشر، منذ حوالي 150 سنة، وقد أُحرِقَت المباني المحيطة بها، وهُدِم قسمٌ من الكاتدرائية، ونُبِشَت قبور البطاركة والأساقفة والكهنة الذين خدموا فيها، وبقيت مهمَلة قرابة 40 سنة، إلى أن دعانا الرب وساعدَنا حتّى نرمّمها كما ترون، فظهرت بهذه الحلّة الرائعة الجمال، وكافأ اللهُ انتظارَنا الطويل بأن تعود هذه الكاتدرائية من التراب والرماد إلى الحياة، وقد كرّسناها منذ شهرين". 

    ولفت غبطته إلى أنّها "نعمة كبيرة أعطانا إيّاها الرب، ونحن نتذكّر معكم كنائسنا في العراق، إن كان في بغداد حيث التفجير والقتل الشنيع الذي تمّ قبل 12 سنة في كاتدرائية سيّدة النجاة، وسقط ضحيته الشهداء بالعشرات، ومن ثمّ التهجير والغزو والقتل والدمار والإرهاب الذي حلّ بكنائسنا ومنازلنا في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، وقد زرنا الموصل منذ 10 أشهر، حيث تفقّدنا كنيسة البشارة التي جُدِّدَت، وكنيسة مار توما، وما بقي كاتدرائية الطاهرة، واليوم هي في مرحلة الترميم، على أمل أن نتمكّن من إعادة تقديسها وتكريسها بعد انتهاء أعمال الترميم". 

    وأشار غبطته إلى أنّنا "نعاني الوضع المؤلم نفسه، سواء في لبنان والعراق وسوريا، فربّنا يسمح، بحكمة لا نزال نجهلها، أنّ المؤمنين به الذين قدّموا ذواتهم بكلّ بساطة وإيمان كي يستقبلوه كمخلّص، أمير السلام، ربّ المحبّة والمسامحة، هؤلاء وللأسف يُضطهَدون ويُرغَمون على التهجير، كما حصل وما يزال يحصل لأولادنا". 

    وأكّد غبطته على أنّنا "مدعوون اليوم، رغم كلّ شيء، أن نتذكّر أنّ هذا الطفل الإلهي الذي ربّاه يوسف ومريم ونشأ في الناصرة، لاقى أيضاً مختلف أنواع العذابات، وسار على درب الصليب حتّى الموت، لكنّه بقيامته منحنا عربون الحياة. فنحن أيضاً الذين نؤمن به، مهما حدث في حياتنا، وإن كانت حياتنا قصيرة أو طويلة، وإن كنّا نقضيها بالآلام أو ببعضٍ من الراحة، مهما حصل لنا، فإنّنا أبناء الله وإخوة يسوع، وسنظلّ ننادي بيسوع المحبّة والمسامحة". 

    ونوّه غبطته إلى أنّ "الرب يسوع وُلِدَ وسط عائلة، والعائلة اليوم تمرّ بأزمة كبيرة في العالم كلّه، وللأسف الشديد في بلادنا أيضاً، سواء أكان بين المقيمين الذين يعيشون حياة سلام وأمان، أو بين الذين يتهجَّرون. فالتمزُّق العائلي له أخطار كثيرة، وأنتم تعرفون جيّداً الظروف والتحدّيات الكبيرة التي تواجهونها". 

    ووجّه غبطته الدعوة إلى المؤمنين: "أدعوكم بدعوة الأب الروحي، أن تتذكّروا وتفكّروا أنّ الله أعطانا سرّ الزواج قبل كلّ شي، وهو سرّ المحبّة، ووهبنا أن نكون آباءً وأمّهات، وطلب منّا أن نكون على مستوى هذه الرسالة، مهما كانت التحدّيات والصعوبات، ومهما كان سوء الفهم، ومهما كانت الظروف الحياتية التي تفرض علينا نوعاً من الفتور تجاه بعضنا البعض، فسنبقى أمناء لهذه العائلة المقدسة التي نحتفل بها اليوم، يسوع بين مريم ويوسف". 

    ورفع غبطته الصلاة "من أجل الآباء والأمّهات أينما كانوا، ونصلّي من أجل أولادنا وشبابنا، ونؤكّد لهم أنّ هناك بُعداً روحياً لحياتنا، فلا يكفي أن تتوفّر لدينا التقنيات العصرية كما يقدّمها لنا العالم اليوم، والذي يعتدّ بنفسه أنّه وصل إلى مستوىً علمي عالٍ جداً. فلنتيقّن أنّ لدينا البُعد الروحي، إذ أنّ المسيح فتح لنا الطريق، طريق المحبّة، طريق التسامح، وطريق السلام، كي نتابع مشروع الرب يسوع، ونحافظ على إيماننا وتراثنا الكنسي الذي ورثناه من آبائنا وأجدادنا، ونشهد للعالم أنّ العائلة هي قيمة بحدّ ذاتها، ولا يجب أن تتعرّض أبداً للخلافات والتمزّق". 

    وتضرّع غبطته "إلى الرب يسوع الذي عاش بين مريم ويوسف، مثالاً للعائلة المقدسة، بشفاعة والدته وأمّنا مريم العذراء التي كانت، كما سمعنا من الإنجيل المقدس، تحفظ الكلام وتتأمّل بما حدث رغم أنّها لم تكن تفهم، لكنّها سلّمت أمرها لله، وبشفاعة مار يوسف الذي هو الأب والحامي للعائلة المقدسة، وقد بذل نفسه كي يحافظ على يسوع ومريم، وتفانى من أجلهما، أن يقوّيكم كي تشعّوا على الدوام بالفرح والمحبّة والسلام". 

    وفي نهاية القداس، منح غبطة أبينا البطريرك المؤمنين البركة الختامية، متمنّياً لهم ولعائلاتهم وذويهم وأحبّائهم ميلاداً مجيداً. ثمّ تبادل الجميع التهاني بالعيد في جوّ من الفرح الروحي.  

 

 

إضغط للطباعة