الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد الدنح (الغطاس) في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 6 كانون الثاني 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد الدنح أي الظهور الإلهي (الغطاس)، وهو عيد عماد الرب يسوع على يد يوحنّا المعمدان في نهر الأردن، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه في القداس صاحبُ السيادة مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين في لبنان، بمشاركة الشمامسة، والراهبات الأفراميات، والمؤمنين.

    في بداية القداس، أقام غبطة أبينا البطريرك رتبة عيد الدنح وتبريك المياه بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، حيث طاف في زيّاح مهيب، وشّح خلاله غبطتُه شابّاً بخمارٍ أبيض ليمثّل إشبين الرب يسوع بحسب العادة المتَّبَعة، فيحمل قنّينة الماء التي يعلوها الصليب المقدس.

    ثمّ بارك غبطته المياه المُعَدَّة ليتبارك منها المؤمنون، وتكون لصحّة النفوس والأجساد، والحماية من المضرّات، ومَعين القداسة والخيرات، ومصدر المعونة والتعزية. كما أقام غبطته بركة الجهات الأربع بالصليب المقدس والمياه المبارَكة.

    وفي موعظته بعد الرتبة، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "عيد الدنح، وهي كلمة سريانية (دِنحو)، وتعني الظهور، وهذا الاحتفال المهيب بعيد الدنح أي عيد ظهور يسوع مخلّصنا ابن الله بعدما اعتمد على يد مار يوحنّا في نهر الأردن، وهو أول ظهور علني للرب يسوع أمام الناس، ويُظهِر أنّ هذا الرجل البالغ هو الكلمة الإلهية المتأنّس. وعيد العماد هو من أقدم أعيادنا بعد القيامة، وبعده جاء تحديد يوم عيد الميلاد في 25 كانون الأول. فإذن عيد العماد كان في اليوم نفسه مع عيد ميلاد الرب يسوع، لكن كي نعطي الأهمّية الكافية لميلاد الرب يسوع في بيت لحم، اختارت الكنيسة يوم 25 كانون الأول حتّى نحتفل بهذا الحدث الخلاصي، تأنُّس الرب يسوع المسيح بالجسد بقوّة الروح القدس في أحشاء مريم العذراء الطاهرة".

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "في سرّ العماد نصبح أبناء وبنات الله، وننال الولادة الروحية، ولذلك يخبرنا الإنجيل المقدس أنّه عندما عمّد يوحنّا المعمدانُ الربَّ يسوعَ، حلّ عليه الروح القدس، ومن الطبيعي أنّ الروح لا يُرى، لكن حلّ عليه بشكل رمزي بهيئة حمامة ترفرف فوق رأسه، وسمع الناس الذي كانوا حوله صوتاً من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرتُ. في عيد عماد الرب يسوع وظهوره في نهر الأردن، كُشِفَ لنا وللعالم السرّ العظيم الذي نسمّيه سرّ الثالوث الأقدس الإله الواحد، فنحن لا نؤمن بثلاثة آلهة، ولكنّنا نؤمن بإله واحد ذي ثلاثة أقانيم".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا من قراءة سفر أعمال الرسل هذه الحادثة المهمّة جداً، كيف أنّ الروح القدس قاد فيلبّس الرسول من أورشليم إلى غزّة أي جنوب فلسطين، وهناك التقى بهذا الحبشي الذي كان ذا مركز مهمّ في دولة الحبشة والتي نسمّيها اليوم إثيوبيا. هذا الحبشي كان يهودياً، وكان يقرأ سفر إشعيا، ففيلبّس بقوّة من الروح القدس يتقدّم منه قائلاً: أتفهم ما تقرأ؟ فقال لا، إن لم يكن هناك من يشرح لي. كان يقرأ سفر إشعيا النبي حيث يذكر النبي أنّه كشاةٍ يُقاد إلى الذبح، فالحبشي يسأل فيلبّس: عمّن يتحدّث النبي؟ أعن ذاته أم عن آخر. فيشرح له فيلبّس سرّ تجسُّد كلمة الله وسرّ الفداء. يسوع هو الشاة المذبوحة لخلاصنا، وبقوّة من الروح أيضاً قَبِلَ الحبشي هذا التعليم وطلب من فيلبّس أن يعمّده".

    وأشار غبطته إلى أنّه "من الأحداث الأولى لانتشار الإيمان المسيحي، نجد لقاء فيلبّس مع هذا الحبشي، وبلاد الحبشة هي من أقدم البلاد المسيحية، وهي البلد الذي بقي مسيحياً في أفريقيا إلى اليوم، والحبشة كانت لها علاقات كثيرة مع الشرق الأوسط، وقد حافظت على الإيمان المسيحي إلى هذا اليوم، وهي تتعلّق به وتعيشه بكلّ تقوى وقناعة".

    وذكّر غبطته أنّ "الرسالة إلى العبرانيين التي تُلِيَت على مسامعنا تدعونا كي نعيش بحسب كلمة الرب وننشر البشارة، حتّى نقدر أن نكون أهلاً للرب يسوع، ونقتبل السرّ العظيم الذي هو سرّ تجسُّد الرب يسوع وموته وقيامته. أمّا الإنجيل المقدس بحسب القديس لوقا، والذي تُلِيَ علينا، فيوضح لنا أنّ الرب يسوع أراد أن يعتمد كالباقين، ومع أنّه لم يكن محتاجاً إلى توبة، لكنّه شاء أن يعتمد كي يكون مثالاً لنا ويتمّم كلّ برّ".

    وأكّد غبطته على أنّنا "في هذا العيد الذي هو أهمّ الأعياد مع بداية السنة الجديدة، نسأل الرب أن يجعلنا مؤمنين بهذا السرّ العظيم الذي هو سرّ العماد المقدس. بعمادنا أصبحنا خليقة جديدة، وهذا جليٌّ اليوم حتّى في قانون الكنيسة، أنّه إذا اقتبل أحدهم الإيمان المسيحي واعتمد، يصبح خليقة جديدة، فيغفر له الرب كلّ خطاياه السالفة، وهذه هي الولادة الجديدة، الولادة بالروح. وعندما نذكر ذلك، نشير إلى النار، فالنار هي الوسيلة التي فيها يتطهّر المعدن، كما يحصل للذهب، وهكذا المعتمد ينال التنقية الكاملة والتطهير الكلّي، هذه هي المعمودية بالروح والنار".

    وشرح غبطته معاني رتبة عيد الدنح وتبريك المياه، وهي رتبة هامّة وفريدة، متوقّفاً عند أهمّية المعمودية كسرّ ومفاعيلها في حياة المؤمن، ومذكّراً المؤمنين بحضور الرب يسوع في الصليب الذي يحمله الإشبين في قنّينة أثناء الرتبة، وهو يرمز إلى يسوع بالذات، نور العالم الذي يضيء في الظلمات منيراً حياة المؤمنين والعالم.

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بجاه عيد عماده وظهوره في نهر الأردن، أن يقوّي فينا الإيمان ويرسّخ فينا الرجاء، ونحن ندرك تماماً ما نمرّ به هذه الأيّام من ضيقات وصعوبات وتحدّيات، أكان هنا في لبنان، أو في سائر بلدان الشرق الأوسط، بشفاعة أمّنا مريم العذراء التي أعطَتْنا الرب يسوع، وهي لنا المثال والقدوة والحامية".

    وبعد البركة الختامية، تمّ توزيع قناني المياه المبارَكة على المؤمنين، بركةً لهم ولعائلاتهم ومنازلهم.

 

إضغط للطباعة