في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 3 شباط 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة الطاهرة الكبرى – قره قوش (بغديده)، العراق، وخلاله قام غبطته برسامة الخوراسقف يونان مبارك حنّو مطراناً رئيس أساقفة لأبرشية الموصل وتوابعها، باسم "مار بنديكتوس يونان حنّو".
في بداية القداس، سار غبطة أبينا البطريرك من أمام مدخل مطرانية الموصل وتوابعها بموكب حبري مهيب إلى أمام كنيسة الطاهرة الكبرى. ودخل غبطته إلى الكنيسة شاقّاً حشود جماهير المؤمنين، يتقدّمه الشمامسة والكهنة ومطارنة الكنائس الشقيقة، ثمّ مطارنة كنيستنا السريانية الكاثوليكية، فالمطران المرتسم الجديد وهو مغطّى الرأس بخمار أبيض، ليعتكف وراء المذبح حتّى بدء رتبة السيامة الأسقفية.
عاون غبطتَه في القداس والرسامة صاحبا السيادة: مار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، واللذان اتّخذهما المطران المرتسم عرّابين له. كما شارك في القداس والرسامة أصحابُ السيادة المطارنة: مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار يعقوب أفرام سمعان النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين.
وشارك في القداس سيادة المطران ميتيا ليسكوفار السفير البابوي في العراق، وأصحاب النيافة والسيادة المطارنة: من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: مار تيموثاوس موسى الشماني مطران أبرشية دير مار متّى، ومار نيقوديموس داود شرف مطران الموصل وكركوك وإقليم كوردستان، ومن الكنيسة الكلدانية: بشّار وردة مطران أربيل، وميخائيل نجيب مطران الموصل وعقرة، وثابت بولس حبيب مطران ألقوش، ومن كنيسة المشرق الآشورية: مار أبرس يوخنّا المعاون البطريركي ومطران كركوك، ومن الكنيسة المشرقية القديمة: مار يعقوب دانييل الوكيل البطريركي، ومار شمعون دانييل أسقف العراق، وعدد كبير من الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والإكليريكيين، من كنيستنا السريانية الكاثوليكية ومن الكنائس الشقيقة، وجماهير غفيرة من المؤمنين، الذين ضاقت بهم الكنيسة على رحبها، وقد حضروا بمحبّة كبيرة وشوق غامر لنيل بركة غبطته والمشاركة في هذه المناسبة، تتقدّمهم والدة المطران الجديد، وأشقّاؤه وشقيقاته، وأهله وذووه وأقرباؤه وأصدقاؤه، ومن أبناء قره قوش وقرى وبلدات سهل نينوى وأبرشية الموصل عموماً والعراق كلّه.
كما شارك في هذه المناسبة عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين، وضيوف من أصدقاء الطائفة.
خدم القداس ورتبة الرسامة شمامسة كنائس قره قوش وبرطلّة، والجوق بقيادة الأب دريد بربر.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "أنا هو الراعي الصالح"، أعرب في مستهلّها عن الفرح الروحي الذي تعيشه أبرشية الموصل وتوابعها اليوم باستقبال المطران المنتخَب يونان حنّو، كي يخدمها بروح الرب يسوع الراعي الصالح، مشيراً إلى أنّ "الكثيرين منكم يعرفون "أبونا يونان"، فهو من أبناء أبرشيتكم المحبوبة، العريقة بتاريخها، والشهيرة بشهادتها الإيمانية التي قدّمَتْها في سنوات المحنة، بل النكبة الأليمة، أبرشية غالية علينا، فخورة بأبنائها وبناتها الراسخين في الإيمان وغير المتزعزين في الرجاء. أبرشية تعتزّ بكهنتها ورهبانها وراهباتها وجميع المكرَّسين للخدمة فيها، أبرشية أضحتْ مثالاً يُقتدى به، في الشهادة الحياتية للرب، حتّى الاستشهاد من أجله، مع عيش المحبّة والمناداة بالتسامح نحو الجميع، حتّى نحو الذين كانوا أداةً لمعاناتهم الظالمة والمظلمة".
واستفاض غبطته في الحديث عن الخدمة النصوح للأساقفة الذين تعاقبوا على رعاية هذه الأبرشية: "لقد أنعم الرب على هذه الابرشية برعاةٍ أجلاء ذوي خدمة أسقفية تميّزتْ بالتقوى والحكمة والقرارات المحقّة، بروح التواضع والوداعة. كلُّ ذلك بالرغم من الأزمنة المُرهِقة النكراء، يومَ غابتِ الدولة، وانتشرتِ الفوضى، ومعها القهرُ والظُلم والمتطلّبات الكثيرة. قليلون يجهلون كم عانى وتحمّل أساقفة أبرشيتكم، من راقدين وآخرهم المثلَّث الرحمات المطران مار قورلّس عمانوئيل بنّي، وقد خدمكم أربعين عاماً بالتفاني والإخلاص، ومن أحياءٍ أطال الله بعمرهم، وهم: المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى الذي استلم الخدمة في سنوات الفوضى العارمة في مدينة الموصل، ورعى الأبرشية بروح أبوية حكيمة، والمطران مار يوحنّا بطرس موشي الذي عانى ما عانيتُم من تنكيل واقتلاع من أرضكم، وتهجير ولجوء، فحافظ على الأبرشية في أرض المنفى بجهودٍ مضنيةٍ، إلى أن أعادها بقوّة الرب مُصانةً إلى أرضها الأمّ، والمطران المدبّر البطريركي مار أفرام يوسف عبّا، الذي قَبِلَ تعييننا له منذ أيلول عام 2021 بطاعة مثالية، وبذل بعطاء جمّ وسخاء كبير وتفانٍ ملحوظ ومقدَّر، كلّ ما في وسعه لكي يخدمكم برعاية أبوية، يقطع الطُرق ذهاباً وإياباً من أبرشيته في بغداد، كي يكون بينكم، راعياً وخادماً ومرشداً ومدبّراً، يُصغي ويتفهمّ ويُرشد ويضحّي، راسماً الشمامسة لكي يتكرّسوا لخدمة الهيكل بالخدمة المجانية، ويساعدوا كهنة الرعايا، ويعطوا للشبيبة مثال الأب والزوج".
ونوّه غبطته إلى انّه "من باب العدل أن ننّوه بما قاساه وتحمّله المطران بطرس موشي عندما اقتلعه الإرهابيون مع أبرشيته بالكامل ليل السادس من شهر آب 2014. لقد أُرغِمتُم جميعاً، إكليروساً ورهباناً وراهباتٍ ومؤمنين مسالمين، على النزوح، وتحمّلتم بصبرٍ عجيب شروط اللجوء إلى أرض غريبة، فيها استضافكم إقليم كوردستان بمسؤوليه من كنسيين ومدنيين، وهم قد اختبروا في تاريخهم القديم والحديث آلام اللجوء، ولم يتقاعسوا عن تقديم ما يستطيعون للتخفيف من معاناتكم والحفاظ على كرامتكم الإنسانية".
وأردف غبطته: "وبعد عامين من تلك المعاناة المخيفة، عدتم، والحمد لله، إلى أرض الآباء والأجداد في قرى وبلدات سهل نينوى، قره قوش - بخديده، وبرطلّه، وبعشيقه. ولا تزالون ترمّمون ما تهدّم، وتُعيدون ما احترق إلى رَونقه الأصيل، من بيوت وكنائس ومدارس ومستشفيات ومراكز ومؤسّسات، وباتّكالكم الراسخ عليه تعالى نفضتُم غبار النكبة المخيفة، وما رضخْتُم للتهديد ولجُرم عصابات التنكيل والتهجير، بل حافظتم على هويّتكم المسيحية وكرامتكم الإنسانية. وبذلك أعطيتم المثال للجميع بأن يُثمِّنوا حقوقهم المشروعة، مع احترام الحقوق المشروعة لجيرانهم المواطنين الشرفاء، لأيّ دين أو طائفة انتموا".
وأكّد غبطته على أنّه "بالرغم من النكبات والمآسي، لا تزال أبرشيتُكم أمينةً للرب، وفخورةً بالعراق - الوطن الغالي، ومُشرقةً بين أبرشيات كنيستنا أينما كانتْ، معطاءةً تُغذّي العديد من الرعايا والإرساليات في بلاد الإغتراب بالكهنة والمُرسَلين، وترسل الكهنة الجديرين للدراسة المتخصّصة".
وأشار غبطته إلى أنّ المطران الجديد "عارفٌ بأنّ الدعوة إلى الخدمة الأسقفية بانتخاب مجمع أساقفة كنيستنا بإلهامٍ من الروح القدس، هي نعمةٌ مجانيةٌ ينالها من الرب يسوع، الذي يدعو مختاريه، لا لأنّهم ذوو حقّ مُكتسَب، أو لأنّهم أكثر كفاءةً من إخوتهم في الكهنوت، بل لأنّه قرّر بقناعة تامّة أن يخدم أبرشيته: إخوته الكهنة، والمؤمنين. لذا عليه أن يتذكّر قول معلّمه الفادي الإلهي: "... أنا اخترتُكم... لتنطلقوا وتأتوا بثمارٍ وتدومَ ثماركم". فالرب يسوع هو الذي ينتقي خادمه ويصطفيه ويرسله كي يؤدّي الخدمة في المكان والزمان الذي يختاره بحسب مشيئته المقدسة، وهو الذي يبارك عمله ليؤتي ثمار البرّ والقداسة، ويفيض بنور المسيح بين الذين اؤتُمِنَ على خدمتهم".
وحثّ غبطته المطرانَ الجديد على متابعة السير وراء المعلّم الإلهي "دون خوفٍ أو تردُّد، حاملاً صليبك، بالتواضع، والتجرّد، والحكمة الحازمة والوديعة، ناظراً على الدوام إلى خشبة الصليب، ومتأمّلاً بالمصلوب، فهو، كما تنشدُ كنيستُك السريانية: "ܐܳܬܳܐ ܕܫܰܝܢܳܐ ܘܢܺܝܫܳܐ ܕܙܳܟ̣ܽܘܬܳܐ-آية الأمان وعلامة الظفر"!. من الفادي المصلوب تستلهم فعلاً، وليس بالقولوالوعود، مسيرةَ الخدمة الأسقفية الصادقة والنزيهة".
وذكّر غبطته بأنّ "بولس رسول الأمم شجّع تلميذه تيموثاوس على أن: "لا يستخفَّنَّ أحدٌ بحداثتك، بل كُن قدوةً للمؤمنين بالكلام والتصرّف، بالمحبّة والإيمان...!" (1 تيم 4: 12). فقبل أن يعظ الأسقف والكاهن بتعليمه، فهو يعظ بحياته، يشبه معلّمه يسوع الذي عمل ثمّ علّم. إنّه مثالٌ للجميع "بالكلام والسلوك والمحبّة والإيمان والطهارة". أجل، الأسقف والكاهن بالدرجة الأولى، والمؤمن، ولا سيّما صاحب المسؤوليّة، صار "مشهداً للعالم وللملائكة وللناس" (1 كور 4: 29). ويجب أن يضيء نورُه أمام الناس ليروا أعماله الصالحة ويمجّدوا أباه الذي في السماء (مت 5: 16)".
ولفت غبطته إلى انّه "حين يعتمد المؤمن ينال موهبةً خاصّةً، وحين توضَع اليد على رأس الأسقف والكاهن، ينال موهبة خاصّة. فالله لم يرسلْنا صفر اليدين، بل منحنا نعمته، وها هو يرافقنا يوماً بعد يوم، ونحن نضع ملء ثقتنا به. ويقول لكلّ واحد منّا، كما قال على لسان إشعيا النبي: "لا تخف أنا أنصرك" (اشعيا 41: 13ب)، هذه الآية المباركة التي اتّخذتَها يا أبونا يونان شعاراً لأسقفيتك. وهكذا فالخادم الصالح للمسيح يتحلّى بالحكمة، ولو أوصلَتْهُ هذه الحكمة إلى الصليب. ويتحلّى بالأمانة والثبات، كي لا يسمع يوماً كلام الربّ يقول له كما في سفر الرؤيا: "أعتب عليك لأنّك تركتَ محبّتك الأولى (رؤ 2: 4). كما يتحلّى بالغيرة الرسولية التي تُفهِمُه أنّ عمله في النهاية هو امتدادٌ لعمل الرب يسوع، وخدمته هي تكملةٌ لذاك الذي خدمَنا على الأرض ويستعدّ لخدمتنا في السماء".
وتطرّق غبطته إلى صعوبة رسالة الخدمة الأسقفية في عالم اليوم: "هناك صعوبة التواصل، وصعوبة التفاهم، وصعوبة اكتناه ما توصّلت إليه التقنيات الحديثة، بل المعاصرة. هناك الأسئلة التي يلقيها شباب اليوم، طالبين من أبيهم الروحي الأجوبة على همومهم وقلقهم، أجوبةً تطمئنهم نفسياً وتريحهم فكرياً. وهناك التراجع في عيش المحبّة بصدق وبسخاء، فيما عالم اليوم مُجرَّب بعدوى الأنانية والإنفرادية، كما يحصل في الخلافات بين الأزواج، التي تهدّد المحبّة الزوجية والعائلة. إنها مسؤولية جسيمة تقع على كاهلك، يا أبونا يونان، أن تبقى أميناً لتعاليم الكنيسة السريانية المستقاة من الكتاب المقدس ومن تعاليم الرسل والملافنة والآباء، ومن القوانين الطبيعية، بأنّ على العائلة أن تبقى مؤسَّسة على الرجل والمرأة، على الأب والأمّ، خلافاً لما يأتينا من بعض الدول والمجتمعات الغربية من بتعاليم خاطئة وشرّيرة، بحجّة أنّها علامات الأزمنة، وغايتها أن تهدم العائلة التي عرفناها كما عرفَتْها البشرية منذ ظهورها، وهي العائلة التي ندعوها بحق: الكنيسة البيتية".
وختم غبطته موعظته باقتباسٍ من ابتهالٍ لأحد الآباء السريان عن صفات الكاهن والأسقف (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته هذه في خبر آخر خاص على هذه الصفحة الرسمية للبطريركية).
وكان سيادة المطران يوسف عبّا قد ألقى كلمة في بداية القداس بعنوان "هلمّ بالسلام أيّها الراعي الصالح والمدبّر الحكيم"، رحّب فيها أجمل ترحيب بنوي بغبطة أبينا البطريرك باسم أبرشية الموصل، مثمّناً رعايته للكنيسة في كلّ مكان، واهتمامه بالعناية بالبشر والحجر، سائلاً الرب أن يديمه ويمتّعه بالصحّة والعافية، شاكراً حضور أصحاب السيادة المطارنة والإكليروس وجميع المشاركين، مهنّئاً أبناء أبرشية الموصل براعيهم الجديد.
وأثنى سيادته على الخدمة النصوح التي أدّاها سيادة المطران بطرس موشي كراعٍ للأبرشية في أصعب الظروف، مقدّماً أحرّ التهاني إلى سيادة المطران الجديد يونان حنّو، متمنّياً له النجاح والتوفيق في رعايته للأبرشية بما حباه به الله من مواهب وعطايا، وما زيّنه به من همّة الشباب وحكمة الشيوخ (تجدون النص الكامل لكلمة سيادته هذه في خبر آخر خاص على هذه الصفحة الرسمية للبطريركية).
قبل المناولة، ذهب المطرانان العرّابان بطرس موشي ويوسف عبّا إلى وراء المذبح حيث يعتكف المطران المنتخَب منذ بداية القداس، وهو مغطّى الرأس بخمارٍ أبيض، وأحضراه إلى وسط الخورس، ليسأله البطريرك أن يقرأ صيغة إيمانه. عندئذٍ قرأها، ثمّ وقّعها وسلّمها إلى غبطته، الذي بدأ برتبة الرسامة بصلاة البدء والأناشيد السريانية الخاصّة.
ثمّ كلّف غبطة أبينا البطريرك مطراناً لإعلان الكرازة، وتلا غبطته صلاة وضع اليد واستدعاء الروح القدس، إذ صعد إلى المذبح وبسط يديه على الأسرار المقدّسة مرفرفاً فوقها، ثمّ وضع يده اليمنى على رأس المنتخَب، وغطّاه ببدلته الحبرية، فيما حمل المطرانان المعاونان كتاب الإنجيل مفتوحاً فوق رأس المنتخَب.
وبعد إعلان رسامة المطران الجديد، منحه غبطة أبينا البطريرك الاسمَ الأبوي "مار بنديكتوس يونان"، تيمّناً بالمثلّث الرحمات البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر، والذي توفّي في روما في 31 كانون الأول المنصرم، وقد كان مقرّ كرسينا البطريركي في دير الشرفة بلبنان المكان الأخير الذي زاره البابا بنديكتوس خارج روما قبل استقالته وانتهاء حبريته. هذا وكان البابا بنديكتوس الخامس عشر قد أعلن القديس مار أفرام السرياني ملفاناً للكنيسة الجامعة عام 1920.
ووضع غبطته على رأس المرتسم المصنفة، وألبسه الغفّارة والأمفوريوم أي البطرشيل الكبير، وسلّمه صليب اليد، وألبسه التاج. وبعدها أجلس غبطتُه المطرانَ الجديدَ على كرسي، فحمله كهنةٌ رافعينه ثلاث مرّات، وفي كلّ مرّة يعلن غبطته: "أكسيوس" أي مستحقّ، ويجيبه الإكليروس والشعب: "إنه أهلٌ لذلك ومستحقّ"، وسط تصفيق الحضور وأهازيج وتهاليل الفرح والسرور. وقرأ المطران الجديد إنجيل الراعي الصالح. وأجلس غبطتُه المطرانَ الجديدَ على كرسي الأبرشية، منادياً "أكسيوس" أي مستحقّ.
ثمّ، وبحركةٍ ليتورجيةٍ رائعةٍ يتميّز بها الطقس السرياني، أمسك غبطتُه العكّازَ من الأعلى، ووضع كلٌّ من أصحاب السيادة المطارنة آباء السينودس المقدّس المشاركين يده تحت يد غبطته بالتدرّج بحسب أقدمية الرسامة الأسقفية لكلٍّ منهم، ووضع المطران الجديد بدوره يده تحت أياديهم. ثمّ رفع كلٌّ من غبطته والمطارنة يده عن العكّاز، فبقي العكّاز في يد المطران الجديد الذي بارك به المؤمنين.
بعدئذٍ تلا سيادة المطران يوسف عبّاكتابَ التولية الشرعية الذي وجّهه غبطته إلى المطران الجديد، وفيه يعلن غبطته عن رسامة المطران الجديد وتوليته شرعاً على أبرشية الموصل وتوابعها، حسبما تقتضيه القوانين الكنسية المرعية، مستعرضاً أهمّ مراحل حياة المطران الجديد وخدمته، مسلّماً إيّاه مقاليد المسؤولية ورعاية الأبرشية، وموصياً إيّاه بالتعاون مع الإكليروس والمؤمنين في إدارة شؤون الأبرشية، بروح الراعي الصالح والخادم الأمين.
وبعد المناولة، أكمل المطران الجديد القداس الإلهي، وألقى كلمة شكر بالمناسبة، أعلن فيها شعاره الأسقفي "لا تخف فأنا أنصرك" (إشعيا 41: 13ب)، وشكر العزّةَ الإلهيةَ، وغبطةَ أبينا البطريرك، والأساقفةَ، والكهنةَ، والرسميين الحاضرين، وجميعَ أبناء الأبرشية، حاثّاً إيّاهم على العمل معاً والتكاتف لما فيه خير الأبرشية.
وتأمّل سيادته بمسيرة يونان النبي وصوم نينوى، منوّهاً إلى برنامجه المتمثّل بالصليب والعكّاز اللذين تسلّمهما للتوّ من غبطة أبينا البطريرك، وما يرمزان إليه، طالباً من الجميع أن يصلّوا من أجله كي يوفّقه الرب في خدمته الجديدة (تجدون النص الكامل لكلمة الشكر هذه في خبر آخر خاص على هذه الصفحة الرسمية للبطريركية).
ثمّ، وببادرة امتنان وعرفان بالجميل، قام سيادة المطران الجديد يونان حنّو بتكريم كلٍّ من صاحبي السيادة المطران بطرس موشي الذي رعى الأبرشية لسنوات عدّة في أحلك الظروف وحفظها برعاية أبوية صالحة، والمطران يوسف عبّا الذي دبّر شؤون الأبرشية منذ أيلول 2021 حتّى تاريخه بمحبّة وتضحية وتفانٍ. وطلب المطران حنّو من غبطته أن يُلبِس كلاً من المطرانين موشي وعبّا، باسم أبرشية الموصل وتوابعها، خاتماً كهدية، عربون محبّة وتقدير، وسط التصفيق الحارّ والتهليل والاستحسان الكبير من الحاضرين جميعاً لهذه البادرة النبيلة.
ثمّ تُلِيَت رسالة التهنئة التي وجّهها الوزير تريستان أزبيج مسؤول برنامج مساعدة المسيحيين في الشرق في الحكومة الهنغارية، ثمّ رسالة التهنئة التي بعث بها سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا.
وبعد البركة الختامية، تقبّل المطران الجديد التهاني من الحضور جميعاً في جوٍّ عابقٍ بالفرح الروحي والشكر للربّ الذي وهب كنيسته مطراناً شابّاً ممتلئاً بالعطاء لخدمة الكنيسة.
أحرّ التهاني للمطران الجديد مار بنديكتوس يونان حنّو، مع الدعاء له بخدمة صالحة لما فيه خير كنيستنا السريانية وأبرشية الموصل وتوابعها.
|