في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الأربعاء ٨ شباط ٢٠٢٣، قام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بزيارة رسمية إلى دولة الرئيس المهندس محمّد شياع السوداني، رئيس مجلس وزراء العراق، وذلك في مقرّ دولته في قصر رئاسة مجلس الوزراء في العاصمة العراقية.
رافق غبطتَه في هذه الزيارة أصحابُ السيادة المطارنة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب روني موميكا أمين سرّ مطرانية الموصل، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين في لبنان.
وحضرت اللقاء معالي الوزيرة إيفان فائق جابرو وزيرة الهجرة والمهجَّرين، وسعادة النائب في البرلمان العراقي الدكتور دريد جميل.
خلال اللقاء، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن جزيل شكره لدولته على استضافته إيّاه كضيف رسمي على رئاسة مجلس الوزراء مع الوفد المرافق له، "وهذا يدلّ على إكرام دولتكم وتقديركم للرعاة الكنسيين، ومن خلالهم للمكوّن المسيحي الأصيل والمؤسّس في العراق العزيز"، معرباً عن سعادته "بالقيام بزيارة دولتكم واللقاء بكم"، شاكراً إيّاه "على الإنجازات التي تقومون بها لتعزيز روح المواطنة في هذا البلد الطيّب، ومنها قرار دولتكم بإعادة الأراضي إلى الإيزيديين"، مؤكّداً على "أنّنا كمسيحيين لا نريد امتيازات، بل إحقاق الحق واستعادة الأراضي وسائر الممتلكات التي تخصّنا، كي نتابع حضورنا في أرضنا بالمساواة مع إخوتنا وشركائنا في الوطن من سائر المكوّنات".
وثمّن غبطته "البادرة الوطنية والأخوية للحكومة العراقية نحو المنكوبين في زلزال سوريا وتركيا"، سائلاً الله "أن يرحم الضحايا ويشفي المصابين ويؤازر جميع الذين يقدّمون المساعدات للمتضرّرين والمنكوبين"، متمنّياً "تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين العراق وسوريا"، ومبدياً أسفه لأنّ "الحرب حوّلت الربيع العربي إلى شتاء مخيف".
وشدّد غبطته على مطلبه الأساسي والوحيد "أن يحفظ الرب العراق، وأن يعيش أولادنا فيه المواطنة الصالحة، ليحيوا في أرضهم ويشاركوا في بنائها مع إخوتهم من المواطنين النزيهين".
وأكّد غبطته على أنّ "ما يهمّنا كرعاة كنسيين هو تربية الأولاد، لأنّ النشء هم مستقبل الوطن، ودوركم سيكون كبيراً في الاهتمام بالنشء وتربية الأطفال التربية الصالحة، دينياً ومدنياً، لممارسة دين المحبّة والرحمة والإيخاء".
ووجّه غبطته الشكر إلى دولته "لسعيكم إلى التربية والتنشئة على إنهاء الإرهاب في البلاد، وكذلك للفضل في تنظيم أمورنا في محافظة نينوى، ولا سيّما في قره قوش (بغديده) وبرطلّة وكرمليس وسواها، وتفهُّم حاجتنا أن يعود أولادنا إلى أرضهم ويشعروا بالاستقرار والطمأنينة، كي يساهموا في بناء وطنهم، وذلك بهمّة رجالات الدولة من أمثالكم، والذين يسعون لخدمة وطنهم والتفاني من أجله مهما غلت التضحيات".
ومن جهته، عبّر دولة الرئيس عن سروره "بهذا اللقاء وبزيارة غبطتكم"، واعتزازه "باستضافة غبطتكم كضيف رسمي على رئاسة مجلس الوزراء مع الوفد المرافق"، لافتاً إلى أنّ زيارة غبطته مهمّة جداً، وأنّ "ما نقوم به من معالجة الاحتياجات لا منّة لنا فيه، إنّما هو من صلب واجباتنا، وأنّ للمسيحيين حضور هامّ جداً ومقدَّر ومُصان في العراق".
وقدّم دولته "التعازي الحارّة للإخوة في سوريا وفي تركيا أيضاً، وهناك لجنة من قِبَلِنا تساعد في هذا الموضوع"، منوّهاً إلى أن "لنينوى مكانة خاصّة لدينا، وبالتحديد أماكن حضور الإخوة المسيحيين، في قره قوش (بغديده) وسواها، وهناك صندوق خاصّ تعتزم الحكومة إنشاءه لإعمار نينوى وسنجار، ومعالي الوزيرة إيفان جابرو وسعادة النائب دريد جميل خير ممثّلين لكم في الحكومة، ويتابعون هذه الشؤون العائدة للمسيحيين بجدارة وأمانة".
ونوّه دولته أيضاً إلى "أهمّية التربية والنشء الجديد، إذ لا يمكن لأيّ مجتمع أن يتقدّم ويعالج آثار الماضي دون بناء مجتمع صحيح، كما لا يمكن تجاوز الإرهاب وبناء جيل جديد والنهوض به دون برنامج تربية وتعليم، وهذا ما نعوّل عليه، سواء عبر بناء مدارس وبنى تحتية أو عبر وضع برامج تربوية متخصّصة".
ولفت دولته إلى "إعطاء الأهمّية لكلّ فئات الشعب، لا سيّما معالجة مستوى الفقر وذوي الدخل المحدود، وإعطاء مِنَح مالية، وهذا ما فعلناه خلال المئة يوم الأولى من استلامنا مهامنا، وسنتابع العمل عليه في المرحلة القادمة بإذن الله".
واعتبر دولته أنّ "المسؤولية مشتركة بيننا وبينكم كرجال دين، فلكم دور مؤثّر في المواطنين، ونسأل الله أن يوفّقكم في كلّ جهد وطني وكلّ عمل يؤول للخير من أجل ازدهار هذا الوطن وشعبه، ونحن نجدّد شكرنا لغبطتكم على زيارتكم لنا".
وقدّم غبطته إلى دولته ميدالية سيّدة النجاة البطريركية، تخليداً لهذه الزيارة وعربون محبّة وإكرام.
وبعد أخذ الصور التذكارية، غادر غبطته مودَّعاً من دولته كما استُقبِل بمجالي الحفاوة والتكريم والتقدير.
|