في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 19 آذار 2023، وهو عيد القديس مار يوسف البارّ، والأحد الخامس من الصوم وفيه تذكار أعجوبة إحياء ابن أرملة نائين، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الحبري بمناسبة عيد مار يوسف، وذلك على مذبح كنيسة مار يوسف في الزاهرية – طرابلس.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن رعية مار يوسف في طرابلس وإرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، ومساعده في رعية مار يوسف وإرسالية العائلة المقدسة الأب طارق خيّاط، والأب سعيد مسّوح قيّم دير الشرفة وإكليريكية سيّدة النجاة.
كما حضر القداس صاحب السيادة المطران إدوار ضاهر رئيس أساقفة أبرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك، والخوراسقف سمير حجّار كاهن رعية مار أفرام للسريان الأرثوذكس في طرابلس.
وخدم القداس الشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، والراهبة الأفرامية الأخت إخلاص شيتو، وجوقة إرسالية العائلة المقدسة، بحضور ومشاركة حشود غفيرة من المؤمنين من رعية مار يوسف في طرابلس ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن عميق فرحه وسروره "أن نكون معاً في هذه الكنيسة الجميلة التي بُنِيَت لتمجيد اسم الرب القدوس، والاحتفال بالقداس الإلهي والأسرار الخلاصية، ولكن للظروف التي نعرفها جميعنا، نستخدم هذه الكنيسة لمرّات قليلة، مرّة في الشهر يأتي الأب كريم كلش أو الأب طارق خيّاط للاحتفال بالقداس الإلهي مع أبناء هذه الرعية المباركة".
ونوّه غبطته إلى أنّ "العيد اليوم معروف، عيد مار يوسف، الرجل البارّ، كما يقول عنه الإنجيل المقدس الذي سمعناه للتوّ. كان يوسف رجلاً بارّاً، والبرارة، أيّها الأحبّاء، تعني كلّ الفضائل، لأنّ الإنسان البارّ أمام الله هو الذي يعيش علاقته مع الله بكلّ أبعادها، علاقة تقيّة بنوية، علاقة ثقة ورجاء ومحبّة، هذا ما يعنيه البارّ بحسب الكتاب المقدس".
وأشار غبطته إلى أنّ "يوسف بقي صامتاً ولم يقل كلمة، حتّى لمّا بقي يسوع في الهيكل، لم يرد يوسف أن يوبّخه، بل أمّه مريم قالت له: ماذا صنعتَ بنا، فنحن كنّا نفتّش عليك منذ ثلاثة أيّام. ونحن نعرف أنّ كلّ ما يوصيه الله ليوسف، لا سيّما على صعيد العناية بمريم ويسوع، يطيعه يوسف بالكامل، حتّى أنّه ينتقل في مشوار بعيد، لا بل في سفرة بعيدة إلى مصر كي يحمي الرب يسوع. ومن هنا نسمّيه "شفيع العائلة المقدسة وحاميها"، وفي الوقت عينه، بما أنّنا نحن الكنيسة، العائلة الروحية، مار يوسف هو أيضاً شفيع الكنيسة وحاميها".
ولفت غبطته إلى أنّنا "نعلم، أيّها الأحباء، أنّكم بغالبيتكم نازحون ومهجَّرون أُرغِمتم على ترك أرضكم في العراق حتّى تنشدوا السلام والأمن والمستقبل الزاهر لأولادكم وأحفادكم. نشكركم لأنّكم لا تزالون ثابتين على هذا الإيمان الذي نقله إليكم آباؤكم وأجدادكم على مدى السنوات الطويلة، وتحمّلتم الكثير، وخاصّةً النزوح والاقتلاع من أرضكم، لأنّكم أُجبِرتُم على ترك أرض آبائكم وأجدادكم في سهل نينوى لقرابة سنتين، وتحمّلتم الكثير، واضطُرِرتم لمغادرة بيوتكم وأملاككم، ومع ذلك بقيتم ثابتين بالإيمان. هذا الأمر يجعلنا نفتخر بكم، ولو أنّنا نعرف أنّكم ستقطعون البحار والمحيطات كي تستطيعوا أن تعيشوا بحرّيتكم الإيمانية وبكرامتكم الإنسانية".
وتضرّع غبطته إلى الرب، طالباً "بحرارة بشفاعة مار يوسف، من أجل الكنيسة، فمار يوسف كان الشخص الأقرب إلى يسوع ومريم، وهو الذي كان الرجل البارّ البسيط، كان نجّاراً، ولم يكن يعيش في قصور الملوك. وبإمكاننا أن نسمّيه أباً للكنيسة بكلّ مراحلها، لا سيّما اليوم في هذه الأزمنة الصعبة التي تمرّ بها، ليس فقط هنا في لبنان والعراق وسوريا وبلاد الشرق، بل في العالم كلّه، فالكنيسة تجابه صعوبات وتحدّيات كبيرة".
وسأل غبطته المؤمنين "أن تبقوا على الدوام أينما كنتم أمناء للرب يسوع، أبناءً وبناتٍ للكنيسة، فخورين بالتراث الذي رضعتم الحليب به، وهو التراث السرياني، تراث الآباء والأجداد".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بجاه صلاة وشفاعة مار يوسف البارّ، أن يبارككم ويرافقكم دائماً، وأن يجعل هذا اليوم، يوم الأحد، وكلّ أيّامكم أيّام فرح ورجاء ومحبّة وسلام. ولتشملكم جميعاً نعمته وبركته على الدوام".
وقبل البركة الختامية، توجّه المونسنيور حبيب مراد بكلمة من القلب عبّر فيها عن "الفرح الكبير أن نجتمع اليوم معاً في هذه الكنيسة المباركة، هذه الكنيسة الرائعة التي هي كنيستنا السريانية الكاثوليكية والرعية الوحيدة لنا في لبنان على اسم مار يوسف، يوسف البارّ"، لافتاً إلى أنّنا "بهذه المناسبة نوّد أن نقدّم باسمكم جميعاً التهاني البنوية إلى غبطة أبينا البطريرك الذي هو أب ورأس وراعي كنيستنا السريانية الكاثوليكية في لبنان وفي العالم، نهنّئه بعيد شفيعه مار يوسف البارّ، يوسف الرجل الصامت، ولكن الذي بصمته وحكمته دبّر وربّى الرب يسوع. فسيدنا البطريرك أيضاً بحكمته يدبّر الكنيسة، وهذا التدبير يُظهِرُ لنا والعالم كلّه، والشكر لله، الإنجازات الكبرى بالبشر والحجر".
وقدّم المونسنيور حبيب مراد الشكر للرب يسوع "على هذه النعمة العظيمة التي أعطانا إيّاها منذ 14 سنة براعينا سيدنا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان. نهنّئه ونشكره على كلّ دعمه الأبوي الذي يقدّمه إلى أبرشياتنا ورعايانا وإرسالياتنا، في لبنان وفي كلّ مكان في العالم، وخاصّةً إلى هذه الرعية هنا في طرابلس، وإلى إخوتنا النازحين والمهجَّرين من العراق ومن سوريا. نشكر غبطته ونشكر أيضاً حضوركم جميعاً، صاحبَ السيادة، والآباء الكهنة الأعزّاء، والشمامسة الإكليريكيين، والأخت الراهبة، والجوقة، وجميع المؤمنين الحاضرين، وباسمكم جميعاً نجدّد التهاني ونتبادل المعايدة. عيد مبارك على الجميع".
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، تقبّل غبطته التهاني من الحضور جميعاً في صالون الرعية، في جوّ من الفرح الروحي.
|