في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد ٢٨ أيّار ٢٠٢٣، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد العنصرة وهو حلول الروح القدس على التلاميذ في العلّية، وذلك على مذبح كنيسة مار أفرام السرياني في باريس - فرنسا.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب بيار النادر كاهن رعية مار أفرام السرياني في باريس، بحضور ومشاركة المونسنيور كلود بروسّلوت النائب العام السابق للكاثوليك الشرقيين في فرنسا، والخوراسقف روفائيل قطيمي من أبرشية بغداد والمقيم في باريس، وهو أحد الناجين من مذبحة سيّدة النجاة. وخدم القداس شمامسة الرعية وأعضاء الجوق، بحضور جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية والذين جاؤوا لنيل بركة غبطته والمشاركة في هذا العيد المبارك.
وأقام غبطته رتبة السجود التي تقام في عيد العنصرة بحسب الطقس السرياني، وخلالها سجد غبطته مستلهماً حضور الروح القدس. ثمّ رشّ المؤمنين بالماء المبارك علامةً لحضور الروح القدس.
وفي موعظته بعد انتهاء رتبة السجود، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن عميق فرحه "بالاحتفال بقداس عيد العنصرة في رعية مار أفرام المباركة التي نعرفها جيّداً، وهي الأولى لنا في أوروبا، وخاصّةً في فرنسا، وسنحتفل قريباً بيوبيلها المئوي"، مستذكراً "خدمة راعيها السابق سيادة المطران مار أفرام إيلي وردة"، ومهنّئاً "راعيها الحالي الجديد الأب بيار النادر المستعدّ للخدمة ومرافقة أبناء الرعية في مسيرتهم نحو الرب"، ومتمنّياً له "خدمة ناجحة ومباركة".
ونوّه غبطته إلى أنّ "كنيستنا امتُحِنت بقوّة في العقدين الأخيرين، وقد عانت وقاست الآلام والضيقات والتجارب، كما أنّها تحمل الآمال والطموحات والأفراح. فصحيح أنّنا جماعة صغيرة، لكن فلنتذكّر أنّ الرب يسوع نشر بشارته في العالم من خلال اثني عشر رسولاً، وأعطاهم مسؤولية حمل كلمة الإنجيل والبشرى السارّة في كلّ مكان من أنحاء العالم المعروف آنذاك".
ولفت غبطته إلى أنّنا "نعيّد اليوم عيد العنصرة، وتعني التجمّع والاجتماع، وقد سمعنا من سفر أعمال الرسل أنّه كما طلب يسوع من التلاميذ، ظلّوا مجتمعين في العلّية، منتظرين أن يحلّ عليهم الروح القدس. وفي الإنجيل يؤكّد لنا الرب يسوع أنّه سيرسل المعزّي إلى التلاميذ، وهو سيُفهِمهم ماذا يجب أن يفعلوا. وفعلاً، إزاء هؤلاء الناس المجتمعين من مختلف الأمم والأقوام والديانات واللغات، حلّ الروح القدس على التلاميذ، وبدأ بطرس والتلاميذ يبشّرون بالإنجيل علانيةً دون خوف".
وأشار غبطته إلى أنّ "بولس رسول الأمم كان يبشّر كلّ حوض البحر المتوسّط، بدءاً من دمشق وأنطاكية وآسيا الصغرى، نهايةً بروما حيث استُشهِد. يقول له الرب: لا تخَف، نعمتي تكفيك. أمّا بولس فيؤكّد أنّه ضعيف، ولكنّ ضعفه هو قوّته، لأنّه يتّكل على الرب. وعلى مثاله نحن أيضاً، رغم كوننا كنيسة منتشرة ومشتَّتة في مختلف أنحاء العالم، سنبقى ثابتين بإيماننا ورجائنا مهما كانت التحدّيات والصعوبات".
وتوجّه غبطته إلى الشباب الحاضرين بالقول: "إنّنا نتّكل عليكم كي تظلّوا ثابتين بإيمان آبائكم وأجدادكم الذين قدّموا كلّ شيء في سبيل التمسّك بالإيمان. أنتم الرجاء والأمل لكنيستنا، لا تغشّكم كلّ هذه الوسائل والإمكانيات المتاحة لكم، اجتماعياً وتقنياً وإعلامياً. لا تعتقدوا أنّنا خُلِقنا فقط لهذه الأرض، فدعوتنا هي أسمى وأرفع، إنّها مسيرة نحو السماء. اعملوا بحسب طلب الرب يسوع بالبقاء شاهدين لكلمته. سنبقى شعب الرجاء، ونشجّعكم كي تبقوا أقوياء وأمناء في خضمّ الصعوبات".
وختم غبطته موعظته شاكراً جميع المشاركين في هذه المناسبة المباركة "لأنّكم حضرتم وشاركتم معنا في فرحة هذا العيد، حيث احتفلنا بالسجود واستلهام حضور الروح القدس، بحسب طقسنا السرياني، وقد رشّينا الماء علامةً لحضور الروح القدس ورمزاً للحياة. نسألكم أن تبقوا دائماً منفتحين على عطايا الروح القدس ومواهبه، وممتلئين من الفرح والسلام والمحبّة".
وكان الأب بيار النادر قد ألقى كلمة رحّب خلالها بغبطته بكلّ فرح واعتزاز، متوجّهاً إلى غبطته بالقول: "لن أقدّم لكم هذه الرعية يا صاحب الغبطة، فأنتم تعرفونها جيّداً، وقد زرتموها أكثر من كلّ أسلافكم، وفرّحتموها بزياراتكم. لقد تابعتمونا بعين قريبة وساهرة على حاجاتنا، ومتنبّهة لآلامنا وأفراحنا وصعوباتنا وطموحاتنا. نعرف جيّداً الجهود التي بذلتموها ولا تزالون تقومون بها كي ترعوا كنيستنا السريانية في كلً مكان، ونشعر معكم بكلّ الأتعاب التي تتكبّدونها بمحبّتكم الأبوية، ونلمس نتائج أعمالكم".
وأكّد لغبطته أنّ "لرعيتنا تحدّيات كثيرة، ولكنّنا نعرف أنّه بقدر ما أنتم معنا وتعتنون بنا، بقدر ما ستتذلّل الصعوبات التي تعترض طريقنا. ندعو لكم بالصحّة والعافية، ونعبّر لكم دائماً عن تعلّقنا بكنيستنا الأمّ ولغتنا وطقسنا السرياني".
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، التقى بالمؤمنين الذين نالوا بركته وأخذوا معه الصور التذكارية تخليداً لهذه المناسبة المباركة، في جوّ من الفرح بلقاء الأبناء بأبيهم الروحي.
|