في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الخميس 8 حزيران 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القربان المقدس (عيد خميس الجسد الإلهي)، وذلك على مذبح كنيسة العائلة المقدسة، سدّ البوشرية – المتن، جبل لبنان.
شارك في القداس المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للاجئين العراقيين في لبنان، والأب طارق خيّاط الكاهن المساعد في إرسالية العائلة المقدسة. وخدم القداس جوق كنيسة مار بهنام وسارة – الفنار، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من رعية مار بهنام وسارة ومن إرسالية العائلة المقدسة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "من يأكل من هذا الخبز ويشرب من هذه الكأس يحيَ إلى الأبد"، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن "الفرح الكبير أن نكون بينكم في هذا المساء وفي هذا العيد الكبير الذي نحتفل به بهذا السرّ العظيم، سرّ القربان المقدس، سرّ جسد المسيح ودمه، ومعنا أولادنا الذين تناولوا هذا السرّ المقدس قبل بضعة أسابيع في كنيسة مار بهنام وسارة، وأصبحوا مثل الملائكة، لأنّهم اتّحدوا بالرب يسوع اتّحاداً وثيقاً مثلما وعد الرب يسوع".
ونوّه غبطته إلى أنّ "عيد القربان المقدس بالمعنى العامّي الذي نذكره دائماً، عيد الجسد الإلهي، هو عيد هامّ في الكنيسة، ابتدأت الكنيسة تحتفل به منذ أكثر من 500 سنة، لأنّه كان يُقام منذ بداية الكنيسة القداس الذي فيه يتناول المؤمنون جسد الرب يسوع ودمه، كما أوصى يسوع تلاميذه، إذ قال لهم: اصنعوا هذا لذكري".
ولفت غبطته إلى أنّ "الكنيسة وجدت أنّه من الضروري التأكيد على أنّ القربان المقدس هو نفسه يسوع المسيح الحاضر بيننا بسرّ جسده ودمه الأقدسين، لأنّه قبلَ حوالي 500 سنة في أوروبا، ظهرت التعاليم التي كانت تعتبر أنّ في القربان المقدس هناك رمز وليس يسوع بالذات، بينما نحن نعرف يقيناً، كما سمعنا من مار بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس: أنا أسلّمكم ما تسلّمْتُه من الرب، أنّه في الليلة التي أُسلِم فيها، اجتمع مع تلاميذه في العشاء الأخير، وناولهم جسده تحت شكل الخبز، ودمه تحت شكل الخمر. وفَهِمَ التلاميذ بالحقيقة أنّ عليهم أن يكرّروا هذا السرّ المقدس كلّما يجتمعون، فيتذكّرون ذبيحة يسوع الفدائية على الصليب، وسرّ الفداء الذي تمّمه يسوع من أجل خلاصنا".
وأشار غبطته إلى أنّه "في كنائسنا بشكل عام، إن كان هنا في لبنان، وبشكل خاص في الرعايا، ولا سيّما كما سمعتم وشاهدتم التطوافات التي تكرّم القربان المقدس، على غرار الاحتفال في زحلة المشهورة بدورة القربان المقدس السنوية التقليدية في مثل هذا اليوم. فنحن عندما نتناول الرب يسوع تحت شكلي الخبز والخمر المكرَّسَين، نؤمن أنّ هذا هو الرب يسوع بالذات، لأنّ الرب يسوع، وهو ابن الله، قادر أن يحوّل هذا الخبز وهذا الخمر إلى جسده ودمه الأقدسين".
وهنّأ غبطته بهذا العيد "أولادنا الذين تناولوا الرب يسوع في المناولة الاحتفالية، وأهنّئكم لأنّكم بقيتم ثابتين بالإيمان وفخورين بأنّ الرب يسوع ليس فقط أحد الأنبياء، جاء وعلّمنا، بل أنّ الرب يسوع هو كلمة الآب السماوي المتجسّد من مريم العذراء، كما ستكرّرون في قانون الإيمان. ونحن نصلّي دائماً سائلين الرب أن يقوّي إيماننا ويثبّتنا رغم كلّ التحدّيات والصعوبات التي نعيشها، ونحن ندرك تماماً المصاعب والمعاناة التي تعيشونها أنتم، والتي يعيشها الشعب اللبناني واللاجئون، أكانوا من العراق أو من سوريا، والذين اضطُرُّوا إلى تركِ أرض آبائهم وأجدادهم واللجوء إلى لبنان".
وأكّد غبطته أنّنا "سنبقى نفكّر بكم ونصلّي من أجلكم، كي يرافقكم الرب على الدوام بنِعَمِه، ويجعلكم على مثال الرسل أمناء له. وعليكم ألا تنسوا أنّ الرب يسوع لن يترككم أبداً، إذ هو وعدَنا أن يبقى معنا حتّى نهاية العالم".
وختم غبطته موعظته "مجدِّداً الشكر لجميع الذين يخدمونكم، ونضرع إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، أن يبارك عائلاتكم وأولادكم وصغاركم وكباركم، ويجعلكم على الدوام تعيشون على مثال العائلة المقدسة في محبّة الرب واتّباعه في مسيرة حياتكم كلّها".
وفي نهاية القداس، طاف غبطته حاملاً القربان المقدس في زيّاح حبري مهيب داخل الكنيسة، ثمّ في شوارع وأحياء سدّ البوشرية، متوسّطاً الكهنة وجموع المؤمنين، في مسيرة صلاة وترانيم، ليعود بعدها إلى الكنيسة، حيث منح المؤمنين البركة بالقربان المقدس.
ثمّ جثا غبطته للصلاة والتأمّل أمام القربان المقدس الذي صُمِدَ على مذبح الكنيسة، حيث أقيمت جلسة صلاة وسجود تخلّلَتْها تأمّلات بعظمة سرّ القربان المقدس.
|