في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الجمعة 28 تمّوز 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية مار أفرام السرياني في لافال – مونتريال، كندا.
بدايةً، استُقبِل غبطتُه أمام مدخل الكاتدرائية من قِبَل أعضاء حركة مار شربل في الرعية الذين أدّوا له التحيّة البنوية الترحيبية. ثمّ احتفل غبطته بالقداس الإلهي، يعاونه صاحبُ السيادة مار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب إيلي يشوع كاهن رعية مار أفرام في لافال – مونتريال، بحضور ومشاركة الآباء الكهنة: ريشار ضاهر، باسكال قسّيس، وربيع خبّاز. وخدم القداس شمامسة الرعية وأعضاء الجوق، وبحضور ومشاركة جمع غفير من أبناء الرعية الذين حضروا للقاء غبطته ونيل بركته، رغم أنّ موعد القداس هو في يوم عمل عادي.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن "الفرح الكبير أن نكون معاً كي نحتفل بهذا القداس، لم نستطع أن نكون معكم يوم الأحد لأنّنا سنسافر غداً السبت إلى فلوريدا كما رتّبنا برنامجنا في زيارة رعايا الولايات المتّحدة الأميركية، لكن إن شاء الله نعدكم أن نقوم، بمشيئة الرب، أن يسهّل لنا الرب مناسبة كي نعود ونلقاكم في بيت الرب، هذا البيت الجميل الذي، كما تعرفون، منذ ما يقرب من العشرين سنة استطعتم أن تحصلوا عليه بنعمة ربّانية، وكان موجوداً معنا حينذاك الأب باسكال قسّيس والأب إيلي يشوع الذي كان حينها شمّاساً، وأنتم أعضاء المجلس والسيّدات. واليوم لدينا حركة مار شربل للشباب المشاركين معنا، والذين نفتخر بهم، مستذكرين أنّنا كلّنا وضعنا أنفسنا بالمسيرة على طريق الرب الذي يؤكّد لنا دائماً: أنا هو الطريق والحقّ والحياة".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "سمعنا من الرسالة إلى العبرانيين أنّ الناموس الحقيقي، والناموس كلمة يونانية تعني الشريعة la loi، هذه الشريعة الحقيقية هي محبّتنا للرب، وليس ما نسمّيه التقاليد والفروض الخارجية. ويذكّرنا يسوع أيضاً أنّ علاقتنا مع الرب يجب أن تكون علاقة الأبناء والأصدقاء، علاقة تلاميذ الرب يسوع، إذ أنّنا أُرسِلْنا إلى العالم كي نشهد للرب يسوع بشجاعة ودون خوف، وأيضاً بالأمانة لكنيسته".
ولفت غبطته إلى "أنّكم تعلمون الظروف التي تعيشونها أنتم هنا، بالطبع كلّكم جئتم إلى هنا منذ سنوات أخيرة لم تكن بعيدة، لكنّ الظروف حكمت علينا أن نفتقدكم في الشرق، ونحن نسمع من سيادة المطران راعيكم ومن الآباء الكهنة بظاهرة النزوح إلى كندا وشمال أميركا وأوروبا وأستراليا. نفرح معكم لأنّكم لقيتم هدفكم في الحياة من كرامة إنسانية وحرّية دينية، لكن علينا أن نقولها دائماً: إنّها خسارة لا تُعوَّض بالنسبة إلينا، نحن في الشرق، لأنّنا عادةً نحن المسيحيين عندما نهاجر، قليلون فقط هم الذين يعودون".
وأكّد غبطته على أنّنا "نسلّم دائماً أمرنا للرب، هذه الكنيسة كما قلنا لكم هي كنيسة جميلة وحلوة، لكنّها تحلو أكثر بحضوركم ومشاركتكم وأمانتكم مع رعاتكم الكنسيين الذين دُعُوا إلى خدمتكم، كي نكون حقيقةً هذه الرعية الشاهدة للرب يسوع في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها وتعيشونها أنتم أيضاً هنا".
وتوجّه غبطته بالتهنئة إلى "شبيبتنا الحاضرة هنا، هؤلاء الذين قدّموا ذواتهم للرب يسوع بفرح، وهم حقّاً الأصدقاء الصالحون للرب يسوع، ويريدون أن يكونوا على الدوام مع يسوع، وأن ينموا في الحياة بالأمانة للرب يسوع ولكنيسته. يعرفون جيّداً كم يواجهون من المشاكل والصعوبات والتحدّيات في هذا المجتمع حيث يعيشون، لكن مع يسوع كلّ شيء ممكن عندما نريد أن نكون حقيقةً سعداء معه وفي الكنيسة".
وختم غبطته موعظته شاكراً "جميعكم لحضوركم، ونسأل الرب أن يبارككم دائماً، ويبارك الذين يخدمونكم، ويبارك جميع الذين يسعون كي تنتشر هذه الكنيسة وتزدهر هذه الأبرشية دائماً بالسلام والمحبّة والفرح".
وكان صاحب السيادة مار فولوس أنطوان ناصيف قد ألقى كلمة ترحيبية بغبطته، فقال: "اليوم كنيستنا، كنيسة مار أفرام، هذه الرعية المباركة تفرح بقدومكم يا صاحب الغبطة، قدوم الراعي، قدوم الأب، كي نزداد بركة ونفهم أكثر فأكثر معنى الوحدة والشراكة الكاملة. اليوم كلّنا بالتأكيد نحبّ أن تكون هذه الزيارة في يوم يظهر فيه كلّ جمال الكنيسة التي تتزيّن بمؤمنيها. أهلاً وسهلاً بجميع الذين حضروا وجاؤوا اليوم، نشكركم رغم الظروف الصعبة ورغم أشغالكم، أتيتم اليوم ولو أنّها زيارة غير مُحَضَّرة سابقاً، ألف شكر على حضوركم. كنّا نتمنّى أن تكون زيارة أطول، وبالتأكيد ستكون لكم يا سيّدنا زيارة قريبة، وستكون رسمية بإذن الله، هذه الزيارة كي نفرح معكم يا سيّدنا بأبناء مار أفرام المؤمنين الذين أتوا من بعيد، من الظلم والتهجير، كي يعيشوا هنا ملء الحياة، ويستطيعوا أن يعبّروا عن إيمانهم رغم الظروف الصعبة التي تعيشها هذه البلاد".
وتابع سيادته: "اليوم نفرح لأنّكم موجودون بيننا يا صاحب الغبطة كأب ورأس وراعٍ، كي تعطونا ملء معنى الشركة والمحبّة والوحدة، لأنّه حيث يكون رأس الكنيسة هناك تكون الشراكة الكاملة، سواء أكانت زيارة رسمية أو زيارة خاصّة، وسواء أكان قداس يوم أحد أو قداساً عادياً خلال الأسبوع مثل اليوم، فبمجرّد أن يكون رأس الكنيسة حاضراً، فهناك تكون الكنيسة، وتكون ملء الشركة والوحدة".
وأردف سيادته: "اليوم نفرح بهذه الزيارة، ونطلب من غبطتكم أن تصلّوا من أجلنا ومن أجل هذه الرعية التي لكم بالتأكيد فيها أتعاب جمّة، والرعية تتذكّركم وتذكركم وتشكركم في كلّ وقت وكلّ مناسبة، وخاصّةً بصلاتها كلّما تجتمع يوم الأحد. أهلاً وسهلاً بكم سيدنا، خطوة مباركة وعزيزة. ونشكر المونسنيور حبيب مراد الذي يرافقكم وقد تعب في الإعداد لهذه الزيارة، والآباء الكهنة: أبونا ريشار وأبونا باسكال وأبونا إيلي وأبونا ربيع والشمامسة".
وختم سيادته: "معاً سنصلّي طالبين من الرب أن يديمكم يا سيّدنا، ويبارك مشاريعكم وأعمالكم، وأن يبارككم جميعاً أيّها الحاضرون ويبارك عائلاتكم".
وقبل البركة الختامية، ألقى الأب إيلي يشوع كاهن الرعية كلمة محبّة وشكر لغبطته، فقال: "باسم مجلس وكافّة لجان وأعضاء رعية مار أفرام، نشكركم يا سيّدنا صاحب الغبطة لحضوركم وبركتكم الأبوية والرعوية التي خصّيتمونا بها في زيارتكم الخاصّة والقصيرة هذه إلى لافال ومونتريال، هذه الرعية التي عرفتموها واختبرتموها بعملكم وتواصلكم الدائم معها، وبدعمكم وبركتكم الأبوية، هذه الرعية التي هي رعية نشطة بكافّة المجالات، رعية لا تعرف التعب ولا الملل، رعية هدفها أن تكون عائلة واحدة مع راعيها، أساسها المسيح، ومبنيّة على الصخر، صخر الإيمان والرجاء والمحبّة".
وأكمل قائلاً: "سيّدنا شكراً لحضوركم ودعمكم وبركتكم الأبوية، ونحن نعرف جيّداً عندما انتُخِبْتُم بطريركاً كان شعاركم "صرتُ كلاً للكل"، ونحن نرى هذا الشعار متجسّداً كلّ مرّة في كلّ أعمالكم وأسفاركم الكنسية والرعوية. هذه الرعية ستظلّ وفيةً لكم، وشاكرةً للرب على نِعَمِه وبركاته، ولغبطتكم على رعايتكم الأبوية، ولسيادة راعي الأبرشية".
وختم بالقول: "نضرع إلى الرب كي يديمكم بالصحّة والعافية، ويقوّيكم، ويبارك كلّ أعمالكم ومشاريعكم، أكانت كنسية أو راعوية، وقلوبنا الآن بشوق إلى نيل بركتكم الأبوية".
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، التقى بالمؤمنين في قاعة الكاتدرائية في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأبناء بأبيهم العام الذي اشتاقوا إلى رؤيته، فنالوا بركته واستمعوا إلى إرشاداته وتوجيهاته الأبوية.
|