ظهر يوم الجمعة 22 كانون الأول 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الختامي للرياضة الروحية، والتي جاءت بعنوان "فلنعُدْ إلى معنى الميلاد"، بمناسبة عيد الميلاد للهيئتين الإدارية والتعليمية في كلٍّ من مدرسة ليسيه المتحف ومدرسة دير الشرفة، والتابعتين لبطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية، وذلك على مذبح كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار – المتن، لبنان.
شارك في القداس المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية ورئيس مدرسة ليسيه المتحف، والذي ألقى مواعظ الرياضة الروحية، والأب ديفد ملكي كاهن رعية مار بهنام وسارة ومدرّس التعليم المسيحي في مدرسة ليسيه المتحف، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية ورئيس مدرسة دير الشرفة ومدرّس التعليم المسيحي في مدرستَي المتحف والشرفة، وجميع المشاركين في الرياضة الروحية من الإداريين والمعلّمين والمعلّمات في المدرستين، وخدم القداس بعض الطلاب من أبناء الرعية.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "أمّا مريم فكانت تحفظ كلّ ما رأته وتفتكر به في قلبها"، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه موجّهاً الشكر "لكم جميعاً لأنّكم جئتم وشاركتم في هذه اللحظة، لحظة الوقوف في استراحة ومراجعة الذات والتفكير بعلاقتنا بالرب يسوع في هذا الموسم الميلادي الذي يجب أن يكون موسم محبّة، وحبّ خالص لله، وفرح وسلام. وبالطبع استمعتم إلى كلمات المونسنيور حبيب مراد الذي ذكّركم بدعوتنا كمسيحيين، أكنّا إكليروساً أو مؤمنين، أن نكون رسل الرب يسوع. وكما ترون، يشارك معنا أيضاً الأب ديفد كاهن هذه الرعية، والأب كريم المساعد في أمانة سرّنا ورئيس مدرسة دير الشرفة، والطلاب الثلاثة الذين يخدمون القداس، وهم طلابكم، باركهم الرب وحفظهم على الدوام متحمّسين للرب يسوع".
ونوّه غبطته إلى أنّ الرياضة الروحية هي "استراحة وإصغاء، وهذا ما نحتاج إليه اليوم في هذا العالم المتراكم والمضطرب، كما تعلمون. ولعلّ أكبر وأهمّ وأفضل مثل نستطيع أن نعطيه هو حياتنا هنا في لبنان في هذه الظروف التي ليست فقط مقلقة، لكنّها مخيفة أيضاً لوجود الوطن ومستقبله. وتعرفون جيداً الأسباب التي نتألّم بسببها، ونشعر بأنّ بلدنا في مرحلة تدهوُر وللأسف. لا نريد أن نزيد همومكم، لكنّنا نعود لنتذكّر الهموم التي تعانون منها كلّكم، ونحن أيضاً نعاني منها معكم. لكن بتفكيرنا وإصغائنا إلى الرب يسوع، يجب أن تكون لدينا الشجاعة، ونقرّ بأنّ من أكبر الأسباب التي أوصلَتْنا إلى ما نحن عليه هي عدم المحبّة بين المسيحيين. لا شكّ أنّ لإخوتنا وأخواتنا في الديانات الأخرى دور، لكن قبل كلّ شيء علينا أن نراجع أنفسنا ونتساءل إذا كنّا حقيقةً نحبّ لبنان مثلما يدّعي السياسيون".
وأشار غبطته إلى أنّ "المشاكل والصعوبات اليوم ليست فقط في لبنان، لكن في العالم كلّه أيضاً، لأنّه، وكما نعلم جميعنا، يعيش العالم في خضمّ القلاقل المخيفة والنزاعات والأنانيّة من البعض الذين يحكمون، إلى أن وصلنا إلى هذا الوضع المخيف في العالم. لدينا صعوبات وتحدّيات كبيرة من خارج الكنيسة، كما لدينا أيضاً صعوبات وتحدّيات من داخل الكنيسة".
ولفت غبطته إلى أنّنا "اليوم، فيما نتأمّل بالطفل الإلهي، نتأمّل بمحبّة الله لنا نحن البشر، فالمحبّة هي الأساس، إذ أنّها جاءَتْنا من الإنجيل، لأنّ الله محبّة. ولكن يجب أن نفكّر أيضاً بأنّ هناك المحبّة والحبّ، فالله أحبّنا بالمحبّة للجميع، وهو يطلب منّا أن نحبّ الجميع. لكنّ الحبّ، كما نعلم، متعلّق بالحبّ بين الرجل والمرأة، حتّى يكمّلا مشروع الله في هذا الكون، ويؤسّسا عائلة، ويعرفا أن يربّيا أولادهما التربية الصحيحة. إذاً هناك محبّة وحبّ، فعلينا أن نحبّ الجميع بالمحبّة التي أراد منّا الرب أن نعيشها، لكنّ الحبّ هو الحبّ الذي نعرفه بين رجل وامرأة، والبركة التي يعطيها الكاهن باسم الله، باسم الرب، وباسم الكنيسة، للمؤمنين الذين يطلبونها، هي بركة حقيقةً لخير الذين يتباركون، تشجيعاً، تقويةً للإيمان، وطلباً للتوفيق. إذاً هناك بركة، وعلينا أن نعرف أنّها بركة من الرب عن طريق الكنيسة، وألا نخلط الأمور، ونقول إنّ هناك بركة بسيطة وبركة سماوية من الرب".
وأكّد غبطته أنّ "علينا أن نتذكّر دائماً أنّ الرب يسوع لم يقل لنا بأنّنا سنمشي في دروب مليئة بالورود وسهلة، فالذي يريد أن يتبعه، عليه أن يعرف كيف يتبعه على طريق الصليب، وهو طريق الفداء. يدعونا الرب كي نكون له التلاميذ الحقيقيين، وأنتم اليوم، في هذه الرياضة الروحية، صمّمتم وأردتم أن تعيشوا دعوتكم المسيحية رغم كلّ الصعوبات. ولا تنسوا أنّ رسالتكم التربوية، إن لم تكن أهمّ رسالة يقوم بها إنسان، رجل وامرأة، في المجتمع، فهي بالتأكيد من أهمّ الرسالات التي علينا أن نفتخر بها ونشكركم عليها. وصحيح أنّ هذه أيّام ضيق معيشي كبير، لكنّنا نبذل قصارى جهدنا، كما تعلمون، كي نتعاون مع بعضنا، ونستمرّ بعيش هذه الرسالة التربوية وتأديتها".
وختم غبطته موعظته متمنّياً "لكم جميعاً عيد ميلاد مجيد، وسنة مليئة بالفرح والمحبّة والسلام، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، ومار يوسف، وشفيعَي هذه الكنيسة بهنام وسارة الشهيدين".
وقبل البركة الختامية، وجّه المونسنيور حبيب مراد كلمة بنوية شكر خلالها الرب على نِعَمِه وعطاياه لجميع المشاركين في الرياضة، شاكراً على رأس الجميع غبطةَ أبينا البطريرك على رعايته الأبوية المميَّزة للكنيسة عامّةً في كلّ مكان وعلى كلّ الأصعدة، ولا سيّما للكنيسة في لبنان، وبشكل خاصّ على صعيد التربية والتعليم والمدارس، مثمّناً ما بذله غبطته ولا يزال يقوم به من جهود جبّارة في سبيل المحافظة على رسالة التربية والتعليم السامية، سائلاً الله أن يحفظه ويديمه بالصحّة والعافية ويعضده في رعايته الكنيسة في هذه الظروف العصيبة.
كما شكر المونسنيور حبيب المشاركين في الرياضة، ضارعاً إلى الله كي يوفّق الجميع في متابعة تأدية هذه الرسالة الهامّة لخير الكنيسة والمدرسة والطلاب والمجتمع والوطن عامّةً، مهنّئاً إيّاهم بعيد الميلاد المجيد وبقرب حلول العام الجديد.
وبعد أخذ صور تذكارية تخليداً لهذه المناسبة، انتقل غبطته وجميع الحاضرين إلى صالون الكنيسة، حيث تمّت مشاركة فرحة عيد الميلاد في جوّ من المحبّة والفرح الروحي باللقاء العائلي الذي يجمع الأب مع أبنائه وبناته. وجرى تقديم هدايا تذكارية إلى غبطته من المدرستين، ثمّ قطع غبطتُه قالبَ الحلوى بهذه المناسبة، ووزّع الهدايا على المشاركين في الرياضة باسم إدارة المدرستين.
|