الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يترأّس رتبة جنّاز ودفن المرحوم الخوراسقف حنّا (سعيد عبدو) قوّاق، دير الشرفة - لبنان

 
 

    في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء 1 أيّار 2024، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، رتبة جنّاز ودفن المرحوم الخوراسقف حنّا (سعيد عبدو) قوّاق، وذلك في كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.

    شارك في الرتبة أصحاب السيادة: مار ربولا أنطوان بيلوني، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة، والآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية ودير الشرفة وأبرشية بيروت البطريركية وأبرشية الحسكة ونصيبين وأبرشية حمص وحماة والنبك، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، والشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، وعائلة المرحوم الخوراسقف حنّا قوّاق، والأهل والأقرباء، وجمع من المؤمنين.

    خلال الرتبة، تليت الصلوات والترانيم والقراءات بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، بلحن أليم ومؤثّر.

    وبعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة تأبينية، بعنوان: "تعلّموا منّي فإنّي وديع ومتواضع القلب"، تحدّث فيها غبطته "في هذا الحال المحزن، وفيه نودّع أخاً لنا، كاهناً، خوراسقفاً، خدم الكنيسة بأمانة ووداعة وتواضُع سنين عديدة. يحضر معنا اليوم صاحب السيادة المطران مار ربولا أنطوان بيلوني، زميله في الإكليريكية، إن كان في القدس وهنا في دير الشرفة، وقد رُسِمَا كاهنين في العام عينه 1954، ففي تشرين الأول القادم تكون قد مرّت على سيامته الكهنوتية سبعون سنة. نعم، سبعون سنة خدم خلالها الكنيسة حتّى في مرضه العضال مدّة سنوات عندما جاءنا إلى هنا، دير الشرفة، عام 2016".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "جميعنا نعرف المرحوم الخوراسقف حنّا قوّاق، فقد كان في الحقيقة رجل الله وتلميذ المسيح. اشتهر بوداعته، وكان يرفع قلبه إلى الرب دوماً ويقول: يا يسوع ارحمني، يا عذراء احميني واحرسيني، يا مار يوسف تشفّع بي. ولم يكن يتذمّر أبداً حتّى في أصعب ساعات مرضه".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "بهذا الوداع الليتورجي الطقسي الذي نقدّمه له، كما ترون أحبّاءنا، يشارك معنا عدد كبير من إكليروس كنيستنا، خمسة من أصحاب السيادة إخوتنا المطارنة، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة، والرهبان الذين استقبلوا المرحوم الخوراسقف حنّا عندما قَدِمَ إلى دير الشرفة، والراهبات اللواتي عرفْنَه في الحسكة حيث كان الكاهن الأمين والوديع، وقد كان دائماً أميناً في خدمته لهنّ في القداس اليومي. كما تشارك أيضاً شقيقته وأولادها وأولاد شقيقه، ونحن كلّنا نشارك في هذه الصلاة الوداعية، متأكّدين أنّ الرب هو الذي يستقبله في السماء، ونحن في زمن القيامة المجيدة".

    ونوّه غبطته إلى "أنّني أنا بذاتي عرفْتُ أبونا الخوراسقف حنّا، وقد اختار هذا الإسم في رسامته الكهنوتية في القامشلي بدلاً من اسمه سعيد، عرفْتُه، أكان في القامشلي أو في الحسكة، وخاصّةً كاهناً في رأس العين، هذه المدينة المبتلاة اليوم بهمجية الإرهابيين. كان يخدم الكنائس كلّها فيها، ويدير المدرسة، وكان دائماً الكاهن المحبوب في تلك الكنيسة المسمّاة على اسم مريم المجدلية في رأس العين، والتي نسأل الله أن تكون قائمة حتّى الآن".

    وتابع غبطته: "عرفْتُه أيضاً عندما كنتُ أخدم في الولايات المتّحدة الأميركية، حيث عرضتُ عليه أن يأتي ويساعدني في الخدمة، إذ كانت لديّ ثلاث كنائس، ثلاث إرساليات، في نيوجرسي وشيكاغو ولوس أنجلوس. فجاء وأمضى أشهراً يعاونني حينئذٍ، وكان دوماً الكاهن الوديع الذي يتقرّب منه الجميع ويطلبون بركته ودعاءه".

    وأكّد غبطته على أنّنا "نحن شعب الرجاء، ومار بولس رسول الأمم يعلّمنا أنّه ليس هناك مجال أبداً أن تَخلى حياتنا من الأحزان، وأنتم تعرفون ما هي الأحزان والمعاناة التي تعيشونها في هذه الأيّام، أكان هنا في لبنان أو في سوريا والعراق. نحن الكنيسة التي تعاني، وبإمكاننا أن نقول نسبياً أكثر من أيّ كنيسة أخرى، أكانت كاثوليكية أو أرثوذكسية أو إنجيلية، فقد عانينا مختلف الاضطهادات والمعاناة والظلم، سواء في العراق، ثمّ في سوريا، واليوم في لبنان. ومع ذلك يشدّد مار بولس على أنّه لا يجب أن نحزن كسائر الناس، لأنّ عيوننا موجَّهة إلى الله تعالى، فليست لنا هنا مدينة باقية، بل نرجو المدينة السماوية حيث السعادة الحقيقية، إذ أنّنا سنلتقي مع الرب يسوع والعذراء مريم والقديسين والشهداء الذين نفتخر بهم، لأنّهم سفكوا دماءهم من أجل الإيمان".

    وختم غبطته موعظته بالقول: "صلاتنا ترافق المرحوم الخوراسقف حنّا بالرجاء الحقيقي بأنّ المؤمن خلّصه يسوع وأقامه منتصراً على الموت المادّي، لأنّ حياته ستبقى دائماً مع الرب يسوع. وهذا ما نرجوه، ونطلب من عائلته أن تفكّر وتصلّي دائماً من أجله. فلسنا نعلن أسراراً عندما نشير إلى أنّ هناك، وللأسف، عائلات تنسى ذِكْرَ رجل الدين المتوفّي، الكاهن أو المطران، الذي ينتمي إليها، والذي خدم الكنيسة لسنوات، إذ على الأقلّ يجب أن يفكّر أفرادها بتقديم القرابين والقداديس من أجله، ليُظهِروا للجميع أنّهم يفتخرون بهذا القريب الذي كان الوكيل الأمين المتواضع والوديع".

    وخلال الرتبة، ووسط الترانيم السريانية الشجيّة، حمل الكهنة والشمامسة جثمان المرحوم الخوراسقف حنّا قوّاق وطافوا به في زيّاح مهيب حول المذبح الرئيسي، ثمّ داخل الكنيسة، مودِّعاً المذبح والكنيسة بجهاتها الأربع، وإكليروسها ومؤمنيها، وسط جوٍّ من الرهبة والخشوع والحزن.

    وفي نهاية الرتبة، نُقِل الجثمان ليوارى في مثواه الأخير في مدفن الأحبار والكهنة الراقدين تحت الكنيسة الكبرى في الدير. رحمه الله.

 

إضغط للطباعة