في تمام الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم الخميس 4 تمّوز 2024، وصل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، إلى كنيسة أمّ الرحمة السريانية الكاثوليكية في كونكورد – سيدني، أستراليا، حيث رفع غبطته صلاة الشكر للرب على وصوله بالسلامة مع الوفد المرافق، مفتتحاً فعاليات زيارته الرسولية الأبوية الثانية إلى أستراليا.
رافق غبطتَه أصحابُ السيادة: مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
كما شارك أيضاً باستقبال غبطته في هذه الصلاة، الآباءُ الكهنةُ الذين يخدمون في أستراليا: الخوراسقف فاضل القس اسحق كاهن إرسالية ملبورن، والأب يوحنّا إينا كاهن إرسالية سيدني، والأب ماجد آل حنّا الكاهن المساعد في إرسالية سيدني، والأب لويس بركات، ابن الكنيسة السريانية الكاثوليكية وكاهن في أبرشية سيدني اللاتينية.
وفور وصول موكب غبطته، استُقبِل بالتصفيق والتهليل من قِبَل الجموع الغفيرة من المؤمنين الذين قَدِموا للترحيب بغبطته ونيل بركته الرسولية.
دخل غبطته إلى الكنيسة بموكب حبري، يتقدّمه الأساقفة والكهنة والشمامسة، على أنغام نشيد استقبال رؤساء الأحبار ܬܳܐܒܰܫܠܳܡܪܳܥܝܳܐܫܰܪܺܝܪܳܐ(هلمّ بسلام أيّها الراعي الحقيقي)، ووسط أهازيج السرور من المؤمنين الذين غصّت بهم الكنيسة.
وبعد أداء صلاة الشكر للرب على الوصول بالسلامة إلى أستراليا، رحّب الأب يوحنّا إينا بغبطته وبأصحاب السيادة وبالآباء الخوارنة والكهنة، معبّراً عن الفرح الكبير الذي يغمر الكنيسة السريانية الكاثوليكية في أستراليا عامّةً، وإرسالية سيدني خاصّةً، باستقبال غبطته، داعياً له بالصحّة والعافية والعمر المديد، وطالباً بركته الأبوية.
ثمّ ألقى سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى كلمة بعنوان "مبارك الآتي باسم الرب ܬܳܐܒܰܫܠܳܡܪܳܥܝܳܐܫܰܪܺܝܪܳܐ"، معرباً عن الفرح باستقبال غبطته "باسم إخوتي الكهنة والشمامسة، وباسم أبنائكم وبناتكم في أستراليا، نحيّيكم تحيّة بنوية بالفرح والتهليل، ونحيّي الوفد المرافق لغبطتكم، في هذه الزيارة الثانية لغبطتكم للجالية السريانية في أستراليا، وإنّما يدلّ هذا على اهتمامكم ومتابعتكم الراعوية للجالية، وكانت الزيارة الأولى قبل إحدى عشرة سنة في أواخر كانون الثاني - شباط 2013 في أيّام المرحوم الخوراسقف ميشيل برباري مؤسِّس الإرسالية السريانية الأولى في سيدني، وهو الذي اقتنى هذه الكنيسة بالذات كأوّل مُلكٍ باسم جاليتنا السريانية".
وأشار سيادته إلى أنّكم "سترون، غبطتكم، في الأيّام القادمة هذا الشعب الأمين لكنيسته ولطقوسه ولتراثه، يبحث عن هوية جديدة في أرض غريبة وثقافة جديدة ولغة جديدة. ليس الأمر هيّناً، لا للوافدين، ولا لرعاتهم الروحيين الذين مثلهم يجتهدون لإيجاد لغة وصيغة ومفردات للتأقلم مع المجتمع الجديد، من دون فقدان الروح والقيم والمبادئ التي تربّينا عليها. كما يبحثون عن كهنة معاونين جُدد، رعاة ومبشّرين متشبِّعين من روح الإنجيل. ونحن نتمنّى أن تكون الأيّام التي تقضونها، غبطتكم، معنا، فرصةَ بركةٍ لشعبنا، وسنداً لكهنتنا، ونوراً لرجائنا، ونقلةً نوعيةً لتنظيم إرساليتنا في أبرشية سريانية تجمعنا وتوحّدنا".
وتطرّق سيادته إلى برنامج زيارة غبطته "المحمَّل بحركة دائبة، وأنتم، يا صاحب الغبطة، والحركة فارسان قديمان متلازمان، هناك ملفّات تحتاج بركتكم وحكمتكم وخبرتكم"، شاكراً الآباءَ الكهنةَ والشمامسةَ والمؤمنين، "وكلّ من ساهم في تنظيم وتهيئة مستلزمات هذه الأمسية. جئتم أهلاً، سيّدنا، وحللتم سهلاً. وكلّنا آذان صاغية لاستماع كلمتكم ولنيل بركتكم".
بعدئذٍ وجّه غبطة أبينا البطريرك كلمة أبوية بعنوان "ما أجمل أن يلتقي الإخوة معاً"، عبّر فيها عن سروره البالغ أن "نلتقي كعائلة روحية تجمع الرعاة والشعب المؤمن، إخوتنا أصحاب السيادة، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة، ويبدو أنّ هذه الجماعة هنا تتلألأ بالشمامسة الخدّام وبالسيّدات، لأنّنا نعرف أنّ الذين رافقوا الرب يسوع في النهاية هم النساء، إذ لم يخفْنَ، بل تبعْنَه حتّى الصليب، ونحن نحتاج إلى الأخوات الفاضلات اللواتي بمحبّتهنَّ تنمو وتترعرع الرعية".
ونوّه غبطته إلى أنّ "هذه هي الزيارة الثانية التي نأتي بها إليكم، كنّا نتمنّى أن نزوركم أكثر، ولكن لأنّ كنائسنا انتشرت في الأصقاع الأربعة، وهذا الأمر من جهة يُفرِح قلبنا لأنّ الذين تركوا أرض الآباء والأجداد بدأوا بحياة في بلاد الاغتراب، ويقومون بمسؤولياتهم كآباء وأمّهات لتربية الأولاد ومرافقة الشبيبة في مجتمع جديد ويختلف، أكان عقلياً أو لغوياً أو على صعيد العادات".
ولفت غبطته إلى أنّنا "نفرح، كما قلنا لأولادنا الأحبّاء في فرنسا، ولا بدّ أنّكم سمعتم أنّنا قمنا في الأسبوعين الماضيين الأخيرين، بزيارة عشر تجمُّعات من رعايا وإرساليات سريانية كاثوليكية في فرنسا، والتقينا بالمطارنة وبأعضاء مجالس الرعايا وبالأخويات. وقلنا لهم بأنّنا نفرح أنّكم أخيراً وصلتم إلى الميناء على هذه الأرض الفانية، ونفرح لأنّ هذا البلد، فرنسا، أعطاكم الكرامة الإنسانية كي تعيشوا أحراراً بإنسانيتكم، وأيضاً أحراراً بإيمانكم، ولكن علينا أن نقرّ أنّكم تزدادون ونحن في بلاد المنشأ ننقص. وهذا لا يعني أنّ هذا الأمر يحزننا، لكنّ هذا الشعور هو فرح وتأسُّف لما يحصل في الشرق، ونحن لطالما نلتقي مع رجال دين من الخارج ونقول لهم بأنّ المسيحيين معرَّضون للغياب الحقيقي نوعاً ما في الشرق، ممّا يجعلنا نراجع نفوسنا، ضارعين إلى الرب كي يقوّينا".
وأكّد غبطته أنّنا "لا نذكر هذا الأمر كي نُضعِف من عزيمتكم، بل يجب أن نعرف أن نشكر الرب لأنّنا وصلنا إلى نوع من ميناء سلام. نشكر الرب لأنّ عائلاتنا تلتقي وتجتمع، وفي الوقت ذاته، علينا أن نفكّر في منشئِنا، حيث لدينا أهل ورعايا وأبرشيات في بلاد المنشأ في الشرق. علينا أن نبقى دوماً متواصلين وأسخياء معها، وليس فقط أن نأتي بعائلاتنا إلى هنا، وهذا شيء جيّد جداً، لكن يجب أن تكون لدينا المحبّة للجميع، وبالمحبّة نعرِّف عن ذواتنا أنّنا تلاميذ المسيح".
وختم غبطته كلمته شاكراً "حضوركم جميعاً، ونحن ندرك جيّداً التحدّيات الكبيرة في هذه البلاد، وإن شاء الله سنلتقي دائماً في مناسبات تجمع عائلتنا الكنسية، رعاةً ومؤمنين، فنكون شهوداً للرب يسوع، ولا نخاف ولا نخجل أن نقول إنّنا مسيحيون من الشرق. نحن نحمل هذا التراث الرسولي بالمعاناة والآلام مثل أهلنا، وسنبقى فخورين بالرب يسوع. ولا يمكن أن نغفل عن التنويه إلى أنّ هذه الكنيسة هي من ثمرة أتعاب رسول أول أتى من مصر إلى أستراليا، هو الخوراسقف ميشيل برباري الذي بدأ بخدمة هذه الإرسالية، وكانت حينها جماعة صغيرة العدد، فعلينا أن نفتخر دائماً برعاتنا ونذكرهم في صلواتنا. بارككم الرب وأدامكم بالصحّة والعافية".
وبعدما منح غبطته البركة الأبوية، انتقل إلى قاعة الكنيسة حيث التقى المؤمنين في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب مع الأبناء.
|