في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الخميس 11 تمّوز 2024، عقد غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، لقاءً أبوياً مع العاملين في اللجان والفعاليات والنشاطات وبعض المؤمنين في الإرسالية السريانية الكاثوليكية في مدينة برسبن Brisbane– أستراليا.
حضر هذا اللقاء أصحابُ السيادة: مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب يوحنّا إينا كاهن إرسالية سيدني والمكلَّف بخدمة إرسالية برسبن.
خلال اللقاء، تحدّث الأب يوحنّا إينا الذي عرّف باللجان والفعاليات بشكل عام، وأعطى لمحة موجزة عن نشأة الإرسالية وأبرز محطّاتها والتحدّيات التي تواجهها حتّى هذا اليوم. ثمّ تكلّم السيّد زيد صلّوحة، رئيس مجلس الإرسالية، عن طبيعة العمل والخدمة في الإرسالية بمختلف لجانها وفعالياتها، شاكراً غبطتَه على التفاتته الأبوية بهذه الزيارة الأولى لإرسالية برسبن، ومعه الوفد المرافق.
كما تكلّم سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى الذي تحدّث عن أهمّية العمل الجماعي بالمحبّة والتضامن بين الجميع، لما فيه خير الإرسالية ونجاح الخدمة الروحية والراعوية فيها.
وكانت مسك الختام كلمة أبوية توجيهية لغبطة أبينا البطريرك، شكر في مستهلّها جميع الحاضرين "لحضوركم المميَّز بالرغم من قلّة عددنا في برسبن نسبةً لملبورن وسيدني، لكنّ وجودكم في هذه المدينة أثبت أنّكم حقيقةً الجماعة المسيحية الحيّة التي تعيش إيمانها وتعيش الرجاء، وهذا ما سمعناه من رئيس أساقفة أبرشية برسبن اللاتينية Mark COLERIDGE الذي التقينا به صباح اليوم، وهو بدوره يشكركم ويهنّئكم على إيمانكم ورجائكم وثباتكم بالتراث الكنسي السرياني، رغم معاناة التهجير والتشتُّت التي حصلت".
وصلّى غبطته "إلى الرب كي يؤمّن الخدمة الراعوية لكلّ أبنائنا وبناتنا الذين غادروا أرضنا الأصلية في بلاد المنشأ، أكان في العراق وسوريا ولبنان ومصر والأراضي المقدسة والأردن وتركيا، ونحن نبذل كلّ جهدنا كي نرافق أولادنا في كنيسة الانتشار، والكنائس الشرقية بشكل عام، ومن بينها كنيستنا السريانية الكاثوليكية، تعيش هذه الظاهرة الجديدة، أنّنا أصبحنا في كنيسة الانتشار أكثر عددياً من الكنيسة الأمّ".
وأكّد غبطته للحاضرين "أنّكم في قلبنا، أيّها الأحبّاء، نحن نحبّكم ونفكّر كيف نستطيع أن نؤمّن لكم الخدمة الراعوية كي تحافظوا على هذا الإيمان الذي ورثتموه منذ مئات السنين من آبائكم وأجدادكم، وتحافظوا على هذا التراث. وأينما ذهبنا وزرنا مؤمنينا في كنائس الانتشار، نجد المطارنة المحليين يقرّون بهذا الخير الذي حمله معهم أولادُنا الذين تهجّروا بهذا الشكل المخيف، وهم يعطون مثالاً حيّاً على شهادتهم المسيحية. ونحن كرعاة نبقى معكم، ونستطيع القول إنّ رأسمال الكنيسة هو أنتم، الجيل الأول للهجرة، كي نحافظ على إيماننا وتراثنا وتقاليدنا الأصيلة".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "خدمنا في كنيسة الانتشار 22 سنة، ككاهن ثمّ كأسقف، ونعرف هذه المعاناة في تأسيس كنائس وتأمين الكهنة لخدمتها، لا نتكلّم بنظريات، بل نوجّه إليكم كلاماً مبنيّاً على الخبرة الحياتية. ونحن، ومعنا إخوتنا أصحاب السيادة الأساقفة الأجلاء والآباء الكهنة الأفاضل، نبقى نحبّكم لأنّكم أنتم رأسمال الكنيسة، قبل أن تكون هناك الأموال، فأنتم الذين ستستطيعون أن تؤسّسوا الكنيسة. المطران المحلي يبذل كلّ جهده كي يساعدنا، وبحثنا ذلك معه، لأنّ الحياة هنا في أستراليا أصبحت صعبة ومستلزماتها كثيرة، حتّى نسبةً لأميركا ولأوروبا الغربية".
ولفت غبطته إلى أنّكم "تسمعون أنّ الدعوات الكهنوتية في تناقُص نسبةً إلى حاجات المؤمنين، ويسوع نفسه قال: الحصاد كثير والفعلة قليلون، وقد كانت الكنيسة تتأرجح بالنسبة إلى الدعوات تزايداً ونقصاناً. لذا نسعى لتأمين الكاهن المناسب لخدمتكم، ونبذل جهدنا لتثبيت حضورنا في أستراليا بتأسيس أبرشية، وهذا الأمر ليس بالسهل، فهناك عدّة شروط، أبرزها عدد المؤمنين، والحضور المؤسّساتي، وإمكانيات القيام بمستلزمات الأبرشية، كي يكون لدينا مطران مسؤول يسعى بدوره لتأمين خير الأبرشية وتخصيص الكهنة لخدمتها".
ووجّه غبطته "الشكر للأب نور القس موسى الذي خدمكم حسب إمكانياته، ثمّ انتقل من برسبن، وكذلك الأب يوحنّا إينا الذي يؤمّن الخدمة في الوقت الراهن، واليوم علينا أن نبحث معكم عن الكاهن المستعدّ لخدمتكم. والبطريركية، منذ أن بدأنا خدمتنا فيها، قدّمت الكثير إلى كنيسة الانتشار، خاصةً على الصعيد المادّي، وهي لا تقصّر أبداً بالمساعدة، لأنّنا ندرك أهمّية كنيسة الانتشار، وضرورة دعمها كي تحافظ على وجودنا الكنسي في العالم".
وشدّد غبطته على أنّنا "نحبّكم، ونسـألكم أن تبقوا متأسّسين وراسخين بإيمانكم، فالأموال تأتي وتذهب وليست الأساس، أمّا الأساس فهو الوحدة بين المؤمنين، أكان هنا في شمال برسبن أو في الجنوب. وإن شاء الله يستطيع هذا الكاهن أن يجمع الرعية، ويؤسّسها بالاتّكال على الله. لا ينقصكم شيء، أيّها الأحبّاء، لديكم إمكانيات روحية وتراثية، وأنتم فخر للمؤمنين الصالحين بالرب يسوع".
وختم غبطته كلمته بالتأكيد على أنّنا "باتّكالنا على الله وبوحدتنا وبدعمنا للكاهن الذي يخدمنا، سنتمكّن من الوصول إلى هدفنا، وبقوّة الله باستطاعتنا أن نعمل حتّى العجائب".
وبعدما أجاب غبطته على أسئلة بعض الحاضرين، ختم اللقاء مانحاً إرساليةَ برسبن بركته الرسولية عربون محبّته الأبوية.
|