الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس مساء الأحد التاسع بعد العنصرة في كنيسة القديس توماس مور اللاتينية في مدينة أوكلاند – نيوزيلندا

 
 

    في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الأحد 21 تمّوز 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الأحد التاسع بعد عيد العنصرة، وذلك في كنيسة القديس توماس مور Saint Thomas More Latin Church في مدينة أوكلاند Auckland، في نيوزيلندا New Zealand.

    عاون غبطتَه صاحبا السيادة: مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب يوحنّا إينا كاهن إرسالية سيدني، والأب دوكلاس البازي كاهن رعية مار أداي الكلدانية في أوكلاند. وخدم القداس الشمامسة، وأعضاء الجوق. كما شاركت جموع غفيرة من المؤمنين الذين غصّت بهم الكنيسة، وقد حضروا بفرح وشوق لنيل بركة غبطته في زيارته الأبوية الراعوية التفقّدية الأولى إلى نيوزيلندا، وللمشاركة في هذا الاحتفال الروحي المبارك.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، عبّر غبطة أبينا البطريرك عن "السرور الكبير بلقائكم والاحتفال معكم بهذا القداس ضمن زيارتنا الأبوية الراعوية الأولى إلى نيوزيلندا، وفي ختام زيارتنا التفقّدية إلى المؤمنين في أستراليا ونيوزيلندا، يرافقنا صاحبا السيادة والآباء الكهنة، وها نحن في لقائنا الأبوي الرائع هذا، نشهد للمحبّة التي يطلبها الرب يسوع منّا. ففي سفر أعمال الرسل، نجد أنّ التلاميذ، تلاميذ يسوع، كانوا يُعرَفون بأنّهم مسيحيون لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضاً. إيماننا المسيحي، إذاً، مؤسَّس على المحبّة، ونحن نعلم ونسمع وننشد المحبّة، وكأنّ المحبّة أمر سهل، لكنّنا نعي أنّها تتطلّب جهداً وقداسة حتّى نعرف أن نقبل الآخرين ونحبّهم كما نحبّ الله تعالى".

    ونوّه غبطته إلى أنّه "في الرسالة إلى العبرانيين، يذكّرنا كاتب هذه الرسالة بأنّ الله هو أبونا، وبأنّنا أبناء وبنات له، وهذا يميّزنا نحن في الإيمان المسيحي، فالله لم يبقَ ذاك الكائن القادر على كلّ شيء، والذي كأنّه يسرّ بإدانة الناس، ولكنّ الله هو أب ونحن أبناؤه، وتعرفون علاقة الأب بالأبناء والبنات. أنتم تعيشون هذه العلاقة في عائلاتكم، وهي تتطلّب الصبر والاحتمال والتفهُّم لأولادنا وشبّاننا وشابّاتنا، وحتّى أيضاً للزوجين، وتعرفون كم هي الصعوبات والتحدّيات التي تجابهونها أنتم بأنفسكم في هذا البلد الجميل والمضياف، ولكنّ العقلية والثقافة قد تختلف عمّا تربّينا عليه، وهنا يبرز موضوع كيفية التأقلم والدخول في هذه الحضارة الجديدة".

    واعتبر غبطته أنّ "الله هو أب، ونحن نشتاق إلى أن نلتقي بهذا الأب، لأنّه ليس لنا مكان دائم على هذه الأرض الفانية. فالقديس أوغسطينوس، وهو من آباء الكنيسة في القرنين الرابع والخامس في شمال أفريقيا، في الجزائر اليوم، يقول في كتابه The Confessions الإعترافات: خلقْتَنا لكَ يا رب، وقلبنا لن يستريح إلى أن يستقرّ فيكَ. وهذا الأمر يذكّرنا أنّ علينا أن نحيا مع الله كأبناء وبنات له".

    ولفت غبطته إلى أنّه "في الإنجيل المقدس الذي سمعناه بحسب القديس مرقس، كلام خطير جداً للرب يسوع الذي يشير إلى أنّ كلّ الخطايا تُغفَر، ما عدا التجديف على الروح القدس. نتساءل اليوم ما هو التجديف على الروح القدس؟ يعتبر اللاهوتيون وعلماء الكنيسة المقدسة أنّ التجديف على الروح القدس هو الإصرار بعناد على عدم قبول الحقيقة الإيمانية، والتمسُّك برأينا حتّى حين يكون خاطئاً، من دون أن نتواضع ونقرّ بخطئنا ونقبل الحقيقة. وهذا الأمر ينطبق على زمن الرب يسوع أيضاً، على الذين كانوا يشكّون بيسوع ويطلبون منه أن يكفّ عن الكرازة، حتّى من ذويه وأهله، من أهل الناصرة، وليس فقط أولئك الذين كانوا يعادونه من كبار الفريسيين والكتبة، لماذا؟ لأنّه كان يعلّم بكلّ وضوح أنّ الله هو محبّة، وأنّه يريد أن يخلّص البشر أجمعين، وتأنُّسه هو، كلمة الله، أكبر مثال على محبّة الله".

    ودعا غبطته المؤمنين إلى "أن نكون متواضعين، وأن نقبل الحقيقة، وتعرفون كم تؤثّر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، ليس فقط بين الناس، بين المؤمنين، لكن حتّى في الكنيسة، فالانتقادات اللاذعة من دون أيّ حرج على الكنيسة لا تبني بل تهدم. ومثلما جاء في الإنجيل المقدس: كلّ بيت ينقسم على ذاته، على حدّ قول الرب يسوع، هو بيت مُعَدّ للزوال. فعلينا، نحن أيضاً، كمسيحيين من بلاد المشرق، من بلادنا التي تهجّرنا منها، أكان من العراق وسوريا ومصر ولبنان، أن نتحلّى بهذه الفضيلة، فضيلة الإقرار بأنّ ما قَسَمَ المسيحيين من جراء عدم المحبّة أوصلهم إلى هذا الضعف والتشتُّت. لذلك، عليكم، أنتم الأهل، أن تنشروا دائماً حولكم المحبّة والسلام، وذلك بقبول الواحد للآخر، ليس فقط بالكلام، ولكن أيضاً بالفعل الحياتي الذي يعيشه".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع أن يباركنا جميعاً، ويبارك صغارنا الأحبّاء وشبّاننا وشابّاتنا وجماعتنا المؤمنة، حتّى نكون شهوداً حقيقيين لمحبّة الرب. نسأله تعالى، هو الذي جمعَنا في هذا المساء في بيت الله، أن يقوّي فينا المحبّة الحقيقية التي تجعلنا نُعرَف أنّنا تلاميذه، في هذا المجتمع الموجَّه نحو العلمنة الهادمة".

    وكان الأب دوكلاس البازي قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك، معبّراً عن سروره مع المؤمنين باستقبال غبطته في زيارته الراعوية الأبوية الأولى إلى نيوزيلندا، ومعه صاحبا السيادة والآباء الكهنة، متمنّياً لغبطته زيارةً مكلَّلةً بالنجاح، مقدّماً التهنئة بافتتاح كنيسة الروح القدس الجديدة في ملبورن، وبوضع حجر الأساس لكنيسة العائلة المقدسة في سيدني، وسائلاً الله "أن يمنّ علينا بصخرة أخرى تُبنى عليها كنيسة أخرى في نيوزيلندا".

    وتابع قائلاً: "صاحب الغبطة، نستودعكم رعاية أمّ الكنيسة العذراء مريم في ذهابكم وإيابكم، وجلّ ما نقدّمه لكم هو صلاتنا وتضرّعنا إلى الرب كي يمتّعكم بدوام الصحّة وديمومة الإبداع في كلّ ما تقومون به من أعمال جليلة في رعاية أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية في كلّ مكان، بما حباكم الله من حكمة وفطنة، فضلاً عن دفاعكم المستميت عن قضايا المسيحيين في الشرق"، طالباً "السلام لبلداننا، سلاماً داخلياً وخارجياً، واذكرونا جميعاً في صلاتكم، وبارخمور".

    وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية، ثمّ خرج من الكنيسة بموكب حبري مهيب، وانتقل إلى قاعة الكنيسة حيث عقد لقاءً أبوياً مع المؤمنين، وسط جوّ من الفرح الروحي.

 

إضغط للطباعة