ظهر يوم السبت 10 آب 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة ختام الرياضة الروحية السنوية لجمعية الراهبات الأفراميات بنات أمّ الرحمة، وذلك في كابيلا بيت الفتاة، بطحا – حريصا، لبنان.
شارك في القداس المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب مارون موسى، المُرسَل اللبناني الماروني، مدير إذاعة صوت المحبّة ومرشد الرياضة الروحية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والأب يوسف درغام كاهن رعية عذراء فاتيما في جونيه، والأخوات الراهبات الأفراميات.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، اعتبر غبطة أبينا البطريرك أنّها "مناسبة جميلة جداً أن نكون معكنَّ، أيّتها الأخوات الراهبات الأفراميات العزيزات، في انتهاء وختام الرياضة الروحية السنوية، ونشكر الأب مارون موسى لتقديمه مواضيع هذه الرياضة السنوية، لأنّنا نحتاج جميعاً إلى العودة والنهل من ينبوع الروح القدس، كي نستطيع أن نتابع حياتنا ودعوتنا ورسالتنا".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "سمعنا من الرسالة إلى العبرانيين، حيث يذكّر كاتب الرسالة إخوته من الديانة العبرية أنّه سبق لهم وتألّموا كثيراً في الماضي، أكان بالاضطهاد أو بالنفي أو بالسبي، لكن عليهم أن يتذكّروا أنّهم، إذا تألّموا من أجل الرب إلهنا، فهو لن ينسى المكافأة الحقيقية لهم. وفي الإنجيل المقدس بحسب القديس متّى، والذي تُلِيَ علينا للتوّ، نسمع هذه الكلمات التي أعطانا إيّاها الرب يسوع، حيث يعلن أنّه ليس تلميذ أفضل من معلّمه: إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضاً. ونحن نعرف أنّ تلاميذ المسيح، على مدى الأجيال والقرون، سابقاً وحاضراً، كانوا تلاميذ حقيقيين يتشبّهون بالرب يسوع، ويتقبّلون الآلام والعذابات".
ولفت غبطته إلى أنّ "موضوع الرياضة هو التأمّل بهذا السرّ العميق، سرّ الفداء الذي تمّمه الرب يسوع: أُنقُضوا هذا الهيكل وأنا أقيمه في ثلاثة أيّام. نعم، يذكّرنا هذا الموضوع، نحن الذين قرّرنا أن نتبع الرب يسوع مهما كانت الصعوبات والتحدّيات، متشبّهين به، ومتذكّرين أنّ علينا أن نتبعه في آلامه، وحتّى في موته، أكان موتاً معنوياً نعيشه كلّ يوم وكلّ لحظة، وحتّى عندما نفارق هذه الحياة، فعلينا أن نتذكّر أنّنا مع الرب".
وأشار غبطته إلى أنّ "العالم كلّه يعيش اليوم خضّاتٍ مخيفةً، ولبنان لا يهدأ منذ سنوات، وهناك مواضيع كثيرة نتألّم بسببها، وللأسف، وخاصّةً أنّنا نتشارك المعاناة مع الذين يعيشون هذه الخضّات المؤلمة في حياتهم اليومية. نعم، كلّنا نعرف جيّداً ظروف المعيشة اليوم في لبنان، ونشعر بالمآسي التي يعانيها الشعب، لذا فإنّنا مدعوون كي نعطي الرجاء للذين نلتقي بهم في حياتنا، ونعطيهم خاصّةً المَثَل بحياة رهبانية حقيقية وتكرُّس كلّي للرب".
وأكّد غبطته على أنّنا "وعدْنا الربَّ يسوع أن نتبعه ونتكرَّس له، ومهما كانت الصعوبات والعراقيل في حياتنا، سنبقى أمناء له. فالأمانة للرب يسوع وللوعد الذي قطعْتُنَّهُ له هو الأساس، وهذا لا يعني أنّ الحياة ستكون مليئة بالورود والزهور، وبهذه المناسبة، أحببنا أن نلبس اليوم هذه البدلة، بدلة الزهور والورود، كي نذكّركنَّ أنّه، وإن لم تكن حياتنا دائماً مزروعةً وروداً، فإنّ الرب يسوع أعلمَنا بأنّ الطريق صعب، ولكن مهما كانت آلامنا وصعوباتنا ومعاناتنا، علينا أن نعيش الفرح الحقيقي مع الرب يسوع. واليوم أيضاً، فإنّ ربّنا يسوع، الذي له كرَّستُنَّ ذواتكنَّ وحياتكنَّ، يتّكل عليكنَّ، بغضّ النظر عن العدد، ومهما كانت ظروف الحياة. لذا يجب أن تعملْنَ جاهداتٍ وتبذلْنَ كلّ ما بوسعكنَّ من أجل عيش الأمانة للوعود التي قطعْتُنَّها عندما تمَّمتُنَّ نذوراتكنَّ".
وذكّر غبطته الأخوات الراهبات أنّ "التحدّيات التي تجابه التكرُّس الرهباني اليوم كثيرة، فالعالم يتجاهلنا ويهملنا، لأنّ هذه العقلية التي تسرَّبت إلى العالم، ولا سيّما العالم الغربي، تتجاهل المؤمنين، وخاصّةً المكرَّسين والمكرَّسات، والذين يبذلون الكثير من التضحيات في أداء رسالتهم وخدمتهم. بالطبع لا أحد كامل، لكن هناك الكثير من الخير والرحمة والمحبّة التي عاشها وقدّمها الرهبان والراهبات ولا يزالون يقدّمونها لإخوتهم وأخواتهم الذين يحتاجون إليهم. مع ذلك، نتابع مسيرتنا مع الرب يسوع، ونسأله، هو الذي تألّم ومات وقُبِرَ ثلاثة أيّام، ثمّ قام من بين الأموات بمجدٍ إلهي، أن يمنحنا العزاء والقوّة، كي نبقى دائماً مكرَّسين ومكرَّساتٍ له، رغم كلّ ما يسمح أن نمرّ به من مِحَنٍ وصعوبات".
وختم غبطته موعظته مجدِّداً الشكر "للأب مارون موسى على أدائه الخدمة لأخواتنا الراهبات في هذه الرياضة، وللآباء الكهنة الذين يشاركون معنا في هذا القداس. كما نهنّئ الراهبات على كلّ ما يقمْنَ به في رسالاتهنَّ، أكان هنا في لبنان، وفي سوريا والعراق، ونضرع إلى الرب كي يزيد ويؤمّن كنيسته بمكرَّسين ومكرَّسات، ليكونوا شهوداً له ولمحبّته ولإنجيله بين إخوتهم وأخواتهم، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، أمّ الرحمة، ومار أفرام، فنكون دائماً فرحين باتّباع الرب يسوع".
وفي ختام القداس، منح غبطته بركته الرسولية إلى جمعية الراهبات الأفراميات، مع الدعاء لَهُنَّ بسنة قادمة مليئة بالخير وفيض النِّعَم والبركات في خدمتهنَّ في بيوت رسالة الرهبانية، في لبنان وسوريا والعراق.
|