الذكرى السنوية العاشرة لاقتلاع المسيحيين من سهل نينوى
ننشر فيما يلي نصّ كلمة غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاقتلاع المسيحيين من سهل نينوى:
"...لا موت... يستطيع أن يفصلنا عن محبّة الله" (روم 8: 38-39)
منذ عشر سنوات، في السادس من شهر آب 2024، يوم عيد تجلّي الرب يسوع على جبل تابور، تمّ الاعتداء على عشرات الآلاف من المسيحيين وغيرهم من الأقلّيات بشكل فظيع من قِبَل العصابات الإرهابية العائدة للدولة الإسلامية "داعش" (وهو اختصار بالعربية للدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام). وكانت هذه العصابات قد غزت الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، والتي شكّلت موطناً للمسيحيين بمذاهبهم كافّةً.
من يستطيع أن ينسى حرف "نون" المخطوط على الأبواب للتعريف عن المسيحيين في الموصل، بغية استهدافهم وجعلهم عرضةً لمختلف أشكال التعصّب والتمييز والاضطهاد والظلم والقتل. لقد اقتُلِعت جماعاتنا المسيحية جذرياً من أرضها الأمّ في سهل نينوى، وأُجبِرَت على اللجوء إلى إقليم كوردستان والعيش تحت الخِيَم لأكثر من سنتين. وخلال هذه التجربة القاسية والرهيبة، كانت كنائسنا السريانية تستعدّ لإحياء الذكرى المئوية ل "سيفو"، وهي مذابح الإبادة بحقّ المسيحيين: الأرمن، السريان، الكلدان والآشوريين، والتي ارتُكِبَت عام 1915! لذا علينا أن نقرّ بفخر وامتنان أنّ شهداءنا في القرن الحادي والعشرين وحّدوا دماءهم مع دماء أجدادهم، شاهدين بشكلٍ بطولي لإيمانهم حتّى الاستشهاد.
رغم تقلّبات المنفى والفراق الذي فُرِضَ على أعضاء العائلة الواحدة، يذكّرنا عيد تجلّي ربّنا يسوع المسيح، الإله المتجسّد، أنّه لا يمكن لقوى الشرّ أن تنتصر أبداً. فلنعُد إلى تأكيد مار بولس في رسالته إلى الرومانيين: لا محنة، لا قلق، لا اضطهاد، ولا حتّى الموت، يستطيع أن يفصلنا عن محبّة المسيح يسوع ربّنا (روم 8)، طالما أنّنا نحيا الشركة الحقيقية مع الله الآب، فنصبح شهوداً لإنجيل المحبّة، والمغفرة والسلام.
"لا تخف، أيّها القطيع الصغير" (لو 12: 32)
أيّها الأحبّاء، أبناء وبنات كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، لا يسعنا سوى التعبير عن إعجابنا واندهاشنا بمثابرتكم وتمسُّككم بالإيمان، حيثما أنتم، سواء كنتم متجذّرين في أرض أجدادكم، أو مقتلَعين إلى أراضٍ جديدة وبعيدة. استسلِموا بين يدَي الرب يسوع المسيح، الذي منحكم هويتكم. سيبقى هو على الدوام رجاءكم ورجاءنا.
اغناطيوس يوسف الثالث يونان
بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي
|