في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٤، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في احتفال وقداس إعلان قداسة ١٤ قديساً جديداً، ومن بينهم الشهداء الإخوة المسابكيون الموارنة الثلاثة، والذي ترأّسه قداسة البابا فرنسيس، في ساحة القديس مار بطرس في الفاتيكان. والقديسون الجدد هم: إيمانويل رويز لوبيز ورفاقه السبعة، وفرنسيس وعبد المعطي وروفائيل مسابكي، جوزيبي ألمانو، وماري ليوني بارادي، وإيلينا غويرا.
شارك أيضاً في الاحتفال والقداس أصحاب الغبطة البطاركة: الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، والكردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان في العراق والعالم، وروفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، والكردينال بيار باتيستا بيتساباللا بطريرك القدس للاتين، وعدد من أصحاب النيافة الكرادلة، وأصحاب السيادة الأساقفة، والآباء الكهنة، والرهبان والراهبات من مختلف الكنائس، ومن بينها الكنيسة السريانية المارونية التي إليها ينتمي القديسون الجدد الشهداء الإخوة المسابكيون الموارنة، فضلاً عن مشاركة جماهير غفيرة من المؤمنين من مختلف أنحاء العالم.
وقد رافق غبطةَ أبينا البطريرك صاحبُ السيادة مار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
وبعد إعلان قداسة القديسين الجدد، ترأّس قداسة البابا القداس الإلهي. وبعد الإنجيل المقدس، ألقى قداسته موعظة روحيةأكّد فيها على أنّ "الله هو إله المحبّة الذي ينحني لكي يبلغ من هم في الأسفل، والذي يجعل نفسه ضعيفاً لكي يرفع الضعفاء، والذي يعمل من أجل السلام وليس من أجل الحرب، والذي جاء ليَخدُم وليس ليُخدَم. إنّ الكأس التي سيشربها الرب هي تقدمة حياته، والتي بذلها محبّةً بنا، حتّى الموت، والموت على الصليب. وعندئذٍ، سيكون عن يمينه وعن شماله لصّان عُلِّقا مثله على الصليب، ولا يجلسان على كراسي السلطة، لصّان سُمِّرا مع المسيح في الألم ولا يجلسان في المجد. إنَّ الملك المصلوب، البارّ المحكوم عليه، يصبح عبداً للجميع: هذا هو حقّاً ابن الله! ينتصر من لا يتسلّط، بل الذي يخدم بدافع المحبّة".
ونوّه قداسته إلى أنّه "على الذين يتبعون المسيح، إذا أرادوا أن يكونوا عظماء، أن يخدموا ويتعلّموا منه. إنَّ يسوع يكشف أفكار قلوبنا ورغباتها وإسقاطاتها، ويكشف أحياناً عن توقّعاتنا للمجد والهيمنة والسلطة. هو يساعدنا كيلا نفكّر بعد الآن بحسب معايير العالم، وإنّما بحسب أسلوب الله الذي يُنهِض الأخيرين ويجعلهم أوَّلين. وأسئلة يسوع هذه، مع تعليمه حول الخدمة، غالباً ما تكون غير مفهومة بالنسبة لنا، كما كانت بالنسبة للتلاميذ. لكن باتّباعه والسير على خطاه وقبول عطيّة محبّته التي تحوّل طريقة تفكيرنا، يمكننا نحن أيضاً أن نتعلّم أسلوب الله: الخدمة".
ولفت قداسته إلى أنّ "علينا أن نتوق إلى الخدمة لا إلى السلطة، الخدمة هي أسلوب الحياة المسيحية... إنَّ الخدمة تولد من المحبّة، والمحبّة لا تعرف الحدود، ولا تقوم بحسابات، بل تبذل نفسها وتعطيها. هي لا تنتج فقط لتأتي بنتائج، كما أنّها ليست خدمة عرضية، بل هي شيء يولد من القلب، قلب تجدَّد بالمحبّة، وفي المحبّة. عندما نتعلّم أن نخدم، تصبح كلّ بادرة اهتمام وعناية، وكلّ تعبير عن الحنان، وكلّ عمل رحمة انعكاساً لمحبّة الله، وهكذا نواصل عمل يسوع في العالم".
وختم قداسته موعظته بالقول: "نتذكّر تلاميذ الإنجيل الذين يتمُّ اليوم إعلان قداستهم. طوال تاريخ البشرية المضطرب كانوا خدّاماً أمناء، رجال ونساء خدموا في الاستشهاد والفرح، وهم يتَّقدون بشغف إرسالي. هؤلاء القديسون الجدد عاشوا أسلوب يسوع: الخدمة. إنّ الإيمان والعمل الرسولي اللذين ساروا بهما قُدُماً لم يغذّيا فيهم الرغبات الدنيوية والرغبة الشديدة في السلطة، بل على العكس، فقد جعلاهم خدّاماً للإخوة ومبدعين في عمل الخير، ثابتين في الصعوبات، وأسخياء حتّى النهاية. لنطلب بثقة شفاعتهم لكي نتمكّن نحن أيضاً من أن نتبع المسيح على درب الخدمة، ونصبح شهود رجاء للعالم".
وفي نهاية القداس، وقبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، حيّا قداسة البابا جميع المشاركين في هذا الاحتفال الروحي، مذكّراً باليوم الإرسالي العالمي وبدعوة كلّ مسيحي للمشاركة في هذه الرسالة العالمية، إذ أنّ "الإعلان الإرسالي هو أن نحمل للجميع دعوة اللقاء الاحتفالي مع الرب الذي يحبّنا ويريدنا أن نشاركه في فرحه. وكما يعلّمنا القديسون الجدد: "كلّ مسيحي مدعو للمشاركة في هذه الرسالة العالمية بشهادته الإنجيلية الخاصّة في جميع السياقات". لنعضد، بصلواتنا ومساعدتنا، جميع المرسَلين الذين غالباً ما يحملون، بتضحيات كبيرة، إعلان الإنجيل المنير إلى جميع أنحاء الأرض".
ودعا قداسته جميع الحاصرين "كي نواصل الصلاة من أجل الشعوب التي تتألّم بسبب الحرب: فلسطين المعذَّبة، وإسرائيل، ولبنان، وأوكرانيا المعذَّبة، والسودان، وميانمار، وغيرها. ولنلتمس للجميع عطية السلام. ولتساعدنا العذراء مريم كي نكون، مثلها ومثل القديسين، شهوداً شجعاناً وفرحين للإنجيل".
هذا وقد قدّم غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، التهنئة إلى قداسة البابا فرنسيس بمناسبة إعلان قداسة القديسين الجدد، مهنّئأ أيضاً الكنيسة السريانية المارونية الشقيقة، بشخص رئيسها غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، على إعلان قداسة الإخوة الشهداء المسابكيين الموارنة، ضارعاً إلى الله بشفاعتهم، كي يمنّ على لبنان بانتهاء الحرب، وعودة السلام والازدهار إلى ربوعه، وعلى سوريا والعراق والأراضي المقدسة الشرق والعالم بالأمان والاستقرار.
|