في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء 4 كانون الأول 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديسة الشهيدة بربارة، وذلك لإرسالية العائلة المقدسة السريانية الكاثوليكية في أوكسبورغ Augsburg، ألمانيا.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب إياد ياكو كاهن إرسالية العائلة المقدسة في أوكسبورغ والإرساليات السريانية الكاثوليكية في جنوب ألمانيا، والأب دانيال كاهن رعية أوكسبورغ للسريان الأرثوذكس. وخدم القداس شمامسة الإرسالية، وأعضاء الجوق، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الإرسالية، والذين حضروا بشكل لافت ومميَّز لنيل بركة غبطته رغم كون القداس في يوم عمل في منتصف الأسبوع.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالقول: "كالراعي الساهر على جميع المؤمنين، لا بدّ وأن نقرّ لكم بفرحنا أن نكون بينكم في هذا المساء كي نحتفل بالذبيحة الإلهية في عيد القديسة الشهيدة بربارة، في هذا اليوم المبارك، الرابع من كانون الأول. وبهذه المناسبة نهنّئ جميع الأخوات المبارَكات على اسم بربارة، وبربارة أصبحت قديسة معروفة في العالم كلّه، ليس فقط في الشرق حيث وُلِدَت ونالت إكليل الشهادة، بل في كلّ البلاد، شرقاً وغرباً، حيث هناك كنائس مشيَّدة على اسم القديسة بربارة. جئنا إليكم، أيّها الأحبّاء، في ظرف خاصّ، حيث كانت لنا زيارة إلى سيادة أخينا مطران أبرشية أوكسبورغ اللاتينية Bertram MEIER، ومعنا المونسنيور حبيب مراد، وراعيكم أبونا إياد ياكو، والأب دانيال".
ونوّه غبطته إلى أنّ "كنيستنا، كما نردّد دائماً عندما نزور كنائسنا في العراق، أكان في بغداد، سيّدة النجاة، أو في الشمال، الموصل، وكنائس سهل نينوى، والمهجَّرين إلى إقليم كوردستان، كنّا نقول لهم: كنيستنا شاهدة على الإيمان بربّنا يسوع المسيح، وشهيدة بسبب إيمانها، لأنّها تحبّ الرب يسوع وتبذل ذاتها من أجل الرب يسوع، على غرار القديسة الشهيدة بربارة، هذه الفتاة العذراء، وجميعنا نعرف قصّة استشهادها، فقد قدّمت ذاتها بإلهام ربّاني كي تبقى أمينة للرب يسوع، ولم تقبل أن تسجد للأوثان".
وذكّر غبطته المؤمنين "أنّ الكهنة لدينا في كلّ الكنائس أصبحوا "قِطَعاً نادرة"، أي قلائل، فعلى أبونا إياد الذي يخدمكم بكلّ تجرُّد ومحبّة أن يتنقّل بين عدّة كنائس في مدن بعيدة عن بعضها، ويعطي ذاته من أجل هذه النفوس المؤتمَنة له. لذلك علينا أن نقرّ دائماً بفضل كهنتنا الأفاضل، ونصلّي من أجلهم، ولا نترك فرصة إلا ونعبّر لهم عن محبّتنا وتشجيعنا وتضامُننا. على الكنيسة أن تكون هذه العائلة الواحدة التي، بالرغم من اختلاف الآراء بين أفرادها، لا يجب أن تصل أبداً إلى المقاطعة والانحراف، بمعنى أن نشكّك الآخرين، وخاصّةً أولادنا الصغار الأحبّاء وشبيبتنا من شبّان وشابّات".
ولفت غبطته إلى أنّ أنّنا "ندرك جيّداً، نحن الأهل، أنّ التضحيات التي فُرِضَت علينا في بلادنا تعلِّمُنا أن نبقى أمناء للرب يسوع. ولا نعتقد أنّنا، إذا أتينا إلى هذا البلد حيث هناك نوع من الحرّيات لم تكن متوفّرة في بلادنا، فهذا يعني أن ننسى إيماننا ووصايا الرب والمحبّة التي تجمع الزوجين، الأب والأمّ. لذا على الأهل أن يتابعوا رسالتهم، ويربّوا الأولاد التربية السليمة والصحيحة".
وتوقّف غبطته عند "الأخبار الأليمة التي تصلنا من سوريا، فبعد لبنان الذي عانى قرابة ثلاثة أشهر من عاصفة الحرب والقذائف والطائرات الحربية والصواريخ، لبنان الصغير بمساحة 10452 كيلومتراً مربَّعاً، للأسف لم يتركه حتّى أشقاؤّه العرب كي يعيش بسلام وأمان ويبقى رسالة لمحيطه. اليوم سمعتم بالهجمات الإرهابية في شمال سوريا، وبالأخصّ في حلب، ومن ثمَّ جنوباً إلى حماة ومناطق عدّة. لم نكن نتوقّع هذا الأمر أبداً، لكنّنا نتذكّر جيّداً، وللأسف الشديد، قبل عشر سنوات، نكبة الموصل، ونكبة سهل نينوى وقراه وبلداته، حيث تهجَّرتُم وطُرِدتُم من أرض الآباء والأجداد بسبب هذا الاضطهاد المخيف والإرهابي".
وتضرّع غبطته "إلى الرب كي يقوّينا ويعزّي قلوبنا رغم كلّ هذه المآسي، ويلهمنا أن نتقلَّد فضيلة الرجاء ولا نفقدها مهما كانت العاصفة قويّة وعنيفة. نبتهل إليه، هو إلهنا ومخلّصنا، كي يجمعنا بالمحبّة، مستذكرين أنّ أتباع الرب يسوع في الكنيسة الأولى في أنطاكية كانوا يُعرَفون من الناس المحيطين بهم أنّهم مسيحيون لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضاً، كما يخبرنا لوقا الإنجيلي كاتب سفر أعمال الرسل".
وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب أن يباركنا ويملأنا بفرح هذا العيد، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، ومار يوسف حامي العائلة المقدسة، والقديسة الشهيدة بربارة، وجميع القديسين والشهداء".
وكان الأب إياد ياكو قد ألقى كلمة رحّب فيها "بغبطة أبينا البطريرك، باسمي وباسمكم جميعاً، في هذا اليوم المميَّز وهذا المساء المبارك، اليوم عيد القديسة بربارة. فمن المفرح جداً أن نتحلَّق حول غبطته الذي عوّدنا دائماً أن يرعانا برعايته الأبوية الصالحة، ويكون موجوداً بيننا لمرّات عديدة. نسأل الرب أن يديمه بالصحّة والعافية والعمر الطويل، ويحفظه على رأس لكنيستنا، طالبين بركته الأبوية وصلواته المستجابة على الدوام".
وختم قائلاً: "أهلاً وسهلاً بكم سيّدنا صاحب الغبطة، وجودكم دائماً بيننا هو مصدر بركة وفرح وغنى روحي لنا".
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، التقى بالمؤمنين في قاعة الكنيسة، فنالوا بركته الأبوية، وتبادلوا التهاني بعيد القديسة بربارة، في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب مع أبنائه الروحيين.
|