الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يترأّس قداس عيد تهنئة العذراء مريم بميلاد الرب يسوع

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخميس 26 كانون الأول 2024، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي الذي احتفل به المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بمناسبة عيد تهنئة العذراء مريم بميلاد الرب يسوع، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    شارك في القداس صاحب السيادة مار غريغوريوس بطرس ملكي النائب البطريركي السابق في القدس والأراضي المقدسة والأردن، والأب سعيد مسّوح نائب مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة وقيّم الدير، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية المهجَّرين العراقيين في لبنان، والأب طارق خيّاط الكاهن المساعد في إرسالية العائلة المقدسة. وخدم القداس بعض الشمامسة الإكليريكيين من طلاب إكليريكية الشرفة، بحضور ومشاركة الراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "ܬܰܘ ܢܺܐܡܰܪ ܛܽܘ̈ܒܶܝܗ̇ ܠܗܳܝ ܡܰܪܝܰܡ܆ ܡܓܰܙܰܝܬܳܐ ܕܥܶܬܪܰܬ݀ ܒܒܰܪ ܡܳܪܳܗ̇ هلمّوا نمنح الطوبى لمريم، الفقيرة التي اغتنت بابن سيّدها"، تحدّث المونسنيور حبيب مراد عن "عيد تهنئة العذراء مريم بميلاد الرب يسوع، هذه المناسبة التي رتّبَتْها الكنيسة السريانية في ثاني أيّام عيد الميلاد. لا نزال في غمرة أفراح ميلاد الرب، هذا العيد العظيم الذي تمّ في ملء الزمن، والذي فيه نلنا الخلاص بولادة الطفل الإلهي بطريقة أعجوبية، كما يقول آباؤنا السريان: ܒܬܽܘܠܬܳܐ ܝܶܠܕܰܬ ܕܽܘܡܳܪܳܐالبتول ولدت عجباً. هذا الميلاد العجيب الذي نفرح فيه معاً، ومع الفرح نشكر ربنا على هذه العطيّة العظيمة وعلى هذا الخلاص الذي منحنا إيّاه، كما نشكره في كلّ عمل، سواء كان بسيطاً أو كبيراً، فكم هو جميل أن نشكره بالأحرى على هذا العمل العظيم جداً الذي هو خلاصنا".

    وتوجّه بالتهاني "بهذا العيد إلى بعضنا البعض، وعلى رأسنا جميعاً نهنّئ غبطة أبينا البطريرك، وندعو له بالصحّة والعافية وأن يحفظه الرب في رعاية الكنيسة، وكذلك صاحب السيادة، والإخوة الآباء الكهنة والشمامسة، والأخوات الراهبات، والمؤمنين الأحبّاء الحاضرين جميعاً، وكلّ المؤمنين بالرب يسوع في العالم. نهنّئهم بفرح ونور ومجد وسلام الميلاد، هذا الفرح الكبير الذي أعطانا إيّاه هذا العيد، وقد علّمَنا ربنا أن ننشر هذا الفرح حولنا، فهو القائل: افرحوا وابتهجوا، ومار بولس يقول: إفرحوا كلّ حين. وعلينا تقع مسؤولية أن نفرح بالنور الذي انبعث من مغارة ومذود بيت لحم، وننشره من حولنا، هذا النور الذي، كما كتب سيدنا البطريرك في رسالة الميلاد، "النور يشرق في الظلمات ولم تدركه الظلمات"، حسبما يعلّمنا مار يوحنّا في إنجيله الذي نقرأه في صباح عيد الميلاد. هذا المجد العظيم الذي حدث في الميلاد يتتابع اليوم".

    وأشار إلى أنّ "هذه المناسبة الجميلة تجد جذورها في واقع حياتنا اليومية وعاداتنا، فعندما يكون فرح في عائلة، يذهب الجميع للتهنئة، وعندما يولد طفل، الجميع يهنّئون والدته وأفراد العائلة بولادة هذا الطفل الجديد. وهكذا نحن اليوم، نهنّئ أمّنا مريم العذراء بهذا الحدث العظيم، وهذه التهنئة ليست لأنّ العذراء هي أساس الخلاص، بل لأنّها هي ܡܓܰܙܰܝܬܳܐ ܕܥܶܬܪܰܬ݀ ܒܒܰܪ ܡܳܪܳܗ̇الفقيرة التي اغتنت بابن سيّدها وربها يسوع المسيح الذي حلّ في أحشائها".

    وتأمّل "بمريم العذراء التي، حين بشّرها الملاك بالحبل بالرب يسوع، قالت له على الفور: كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً، ثمّ استسلمت مباشرةً لمشيئة الرب بقولها العظيم: ها أنا أمةٌ للرب فليكن لي بحسب قولك. بعدئذٍ أكملت العذراء مسيرتها مع الرب، وحملت هذا الإيمان الذي استسلمت وسلّمت حياتها له، ونقلَتْه إلى نسيبتها أليصابات، وراحت فعاشت هذه الخبرة العظيمة مع هذه الإنسانة البارّة الذي يصفها القديس لوقا في الإنجيل ويقول عنها وعن زكريا زوجها إنّهما كانا بارَّين أمام الله والناس، هذه الإنسانة البارّة التي تملك خبرة حياة مهمّة وغنيّة، بما أنّها زوجة كاهن، تشاركَتْ العذراءُ معها هذا الفرح الكبير".

    ونوّه إلى أنّ "مريم لم تكتفِ بذلك، بل تركت هذا الشيء في قلبها، كي تتأمّل وتنذهل به وتعظّم هذا الميلاد العظيم. كانت جالسة قرب المذود في بيت لحم، فجاء الرعاة ليقدّموا لها التهنئة، كذلك فعل المجوس لاحقاً. أمّا مريم فكانت مع يوسف حامي العائلة المقدسة، تفكّر بهذا الكلام، وتتأمّل به في قلبها، وكانت قد أعلنت وهي بعدُ عند أليصابات هذا النشيد العظيم: تعظّم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلّصي. ولم تطلب مريم من أحد أن يكرّمها ويمنحها الطوبى كونها أضحت أمّاً لله، بل هي تريد الكرامة لأنّها تمجّدت بميلاد ابنها يسوع المسيح. لذلك تفرح مريم، ونفرح معها في الميلاد، ونهنّئها، ونهنّئ أنفسنا بهذا الخلاص الذي تحقّق بميلاد يسوع المسيح".

    ولفت إلى أنّنا "نتأمّل أيضاً بالرعاة الذين كانوا أوّل مَن بُشِّرَ بالميلاد، فالبارحة قال لهم الملاك: ها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب. لقد تركوا كلّ شيء، القطعان تستدفئ في الليل، والرعاة خائفون عليها، لكن لم يَعنِهِم الأمر، بل تركوا كلّ شيء وتبعَتْهم القطعان. فذهبوا إلى بيت لحم، وعاينوا هذا الحدث مثلما أخبرهم به الملاك: "كما قيل لهم". تأكّدوا أنّ هذا الحدث حقيقي وليس كلاماً فقط، بل تمَّ حقيقةً، وأنّ المولود موجود في المذود، ورأوا حوله مريم ويوسف. ثمّ غادروا فرحين بعد أن أخبروا مريم ويوسف بما سمعوا من الملاك، والناس الذين رأوهم انذهلوا من فرحهم وإيمانهم، فقد حملوا رسالة فرح الإيمان ونشروها، وهي بحدّ ذاتها أعطت ثمراً في حياتهم وحياة من التقوا بهم".

    واعتبر أنّ "هذه دعوة كلّ واحدٍ منّا، أن يكون على مثال مريم، وعلى مثال الرعاة اليوم. لدينا هاتان الأمثولتان الكبيرتان: مريم التي تبعت الرب يسوع من الميلاد حتّى الآلام وأقدام الصليب والموت والقيامة، ومع قيامته تأكّدت أنّ هذا النور الذي أشرق في الميلاد هو نفسه النور الذي سينبعث من القبر الفارغ، وسينير حياتها وحياة كلّ من يؤمن بالرب يسوع ويتأكّد أنّه مخلّص حياته ويسير بحسب تعاليم الرب".

    وختم موعظته ضارعاً "إلى الرب كي نكون على مثال أمّنا مريم العذراء، وعلى مثال الرعاة، نستنير بنور ميلاد الرب، ونضيء به حولنا، فيشرق أينما كان، في عتمة الظلمات التي نعيشها هذه الأيّام، وفي تحدّياتنا في بلدنا وشرقنا، وفي كلّ مكان، أكانت إيمانية أو حياتية أو وطنية. نضع كلّ هذه التحدّيات والصعوبات أمام المذود كي يبدّدها الطفل الإلهي بنور ميلاده، حتّى نشعّ وننير على مثال الرب يسوع، ليعرف العالم أنّنا تلاميذ الرب يسوع، ويمجّدونه هو، وليس نحن".

    وبعدما منح غبطته البركة الختامية، استقبل جميع الحاضرين وعدداً من المهنّئين بالعيد في الصالون البطريركي، في جوّ من المحبّة والفرح الروحي.

 

إضغط للطباعة