ܐܓܪܬܐ ܕܥܐܕܐ ܕܡܘܠܕܗ ܕܡܪܢ ܝܫܘܥ ܡܫܝܚܐ ܕܒܒܣܪ
ܫܢܬ ܒ̱ܝܐ
رسالة عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح بالجسد
عام 2011
ܒܫܡ ܐܝܬܝܐ ܡܬܘܡܝܐ ܐܠܨܝ ܐܝܬܘܬܐ ܐܚܝܕ ܟܠ
ܐܝܓܢܐܛܝܘܣ ܝܘܣܦ ܬܠܝܬܝܐ ܕܒܝܬ ܝܘܢܐܢ
ܕܒܪ̈ܚܡܘܗܝ ܕܐܠܗܐ
ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܟܘܪܣܝܐ ܫܠܝܚܝܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ
باسم الأزلي السرمدي الواجب الوجود الضابط الكل
اغناطيوس يوسف الثالث يونان
بمراحم الله
بطريرك الكرسي الرسولي الأنطاكي للسريان
إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الاحترام
وأولادنا الخوارنة والكهنة والراهبات والرهبان والشمامسة الأفاضل
وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المباركين بالرب
نهديكم البركة الرسولية والنعمة والمحبة والسلام بمخلّصنا يسوع المسيح
"فلمّا تمّ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً لامرأة، مولوداً في حكم الشريعة،
ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني" (غلا 4: 4 ـ 5)
في ملء الزمان، أضحت البشرية على استعدادٍ لتقبّل البادرة الإلهية الفريدة، فانحنى الله بعظيم رحمته على خليقته، وارتضى أن يتأنّس كلمته الأزلي من مريم العذراء بقوة الروح القدس. لقد بلغت محبة الله للإنسان أنه أرسل ابنه الوحيد ليخلّص العالم المتخبّط والمثقل بالخطايا، والمتبرّر بشرائع تثنيه عن جوهر العلاقة الحبية بخالقه. وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول بقوله: "فلمّا تمّ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً لامرأة، مولوداً في حكم الشريعة، ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني" (غلا 4: 4 ـ 5).
اتخذ كلمة الله، "الإله من الإله، والنور من النور"، طبيعتنا البشرية بفعل تواضعٍ عجيب. "الخالق صار خليقة، الذي لا نهاية له وُسع في أحشاء البتول"، كما يعلّمنا ملافنتنا السريان، متأمّلين بإعلان الرسول يوحنا الحبيب في مستهلّ إنجيله: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة هو الله ... والكلمة صار بشراً فسكن بيننا" (يو 1 : 1 و14).
قد يتساءل البعض عن دقة التوقيت لتأنّس كلمة الله، معجزة المعجزات، الذي غيّر العالم كلّه وحوّل مجرى التاريخ البشري المعروف إلى: قبل الميلاد وبعد الميلاد. هذا التوقيت هو ما أطلق عليه الرسول بولس في رسالته إلى المؤمنين في غلاطية "ملء الزمان"، فميلاد يسوع المسيح لم يكن صدفةً، لا من حيث الزمان أو المكان أو حتى طبيعة البشر وأحوالهم، لأنّ عند الله "لكل أمرٍ أوان، ولكل غرضٍ تحت السماء وقت" (جامعة 3: 1).
وها نحن نرى دقة اختيار التوقيت الإلهي لميلاد المخلّص وإتمام نبوءات العهد القديم فيه، بدءاً من البشارة إلى زكريا الكاهن بولادة يوحنا المعمدان الذي سيُعدّ الطريق أمام السيد المسيح، كما تنبّأ عنه أشعيا النبي بقوله: "صوت منادٍ في البرية: أعدّوا طريق الرب، واجعلوا سبل إلهنا في الصحراء قويمة" (أش40: 3). وتلتها بشارة الملاك إلى العذراء مريم، ليتمّ ما قيل بالنبي أشعيا عينه: "فلذلك يؤتيكم السيدُ نفسُه آيةً: ها إنّ الصبية تحمل فتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش 7: 14). ثم نرى الملاك يطمئن يوسف خطيب العذراء، "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأتي بامرأتك مريم إلى بيتك، فإنّ الذي كُوِّن فيها هو من الروح القدس، وستلد ابناً فسمِّهِ يسوع، لأنه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم" (مت 1: 20 ـ21).
لقد شاء الله منذ البدء أن يولد في بيت لحم أفراتة ليخلّص البشرية بأسرها، لذلك سخّر أوغسطس قيصر ليصدر أمراً لإحصاء الشعوب الخاضعة لسلطة الدولة الرومانية، مجرياً الاكتتاب بحسب التقليد المتّبع، وهو أن يذهب كل شخص إلى مدينة آبائه ليكتتب فيها، مدوّناً اسمه في سجلات الدولة. فصعد يوسف مع مريم إلى بيت لحم، كونهما من تلك المدينة، مدينة داود، كما تنبّأ ميخا النبي: "وأنتِ يا بيت لحم أفراتة، إنك أصغر عشائر يهوذا، ولكن منكِ يخرج لي من يكون متسلّطاً على إسرائيل، وأصوله منذ القديم، منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 1). وهناك حان الزمان المحدّد من الله، وإذ أُوصدت الأبواب بوجهيهما، نراهما يلتجئان إلى مكانٍ وضيعٍ حيث "ولدت مريم ابنها البكر، وقمّطته وأضجعته في مذود لأنه لم يكن لهما موضعٌ في المنزل" (لو 2: 7).
أجل، في ملء الزمان وُلد كلمة الإله من عذراء، وُلد تحت حكم الناموس، ليفتدي الذين هم في حكم الناموس، ويمنحنا نعمة البنوّة الإلهية. سُجّل اسمه في سجلات المملكة كسائر البشر، ودخل التاريخ، وأعلن للملأ وعلى رؤوس الأشهاد حقيقة تجسّده "إلهاً تاماً وإنساناً تاماً". فقد جاء المسيح الموعود به من نسل داود، وشرّع ميلاده عهد النعمة والرحمة والحق، وفوق هذه كلها عهد شريعة المحبة التي تبذل دون حدود أو شروط، "فإنّ الله أحبّ العالم حتى إنه جادَ بابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
في الميلاد هتفت الملائكة مبشّرةً رعاة بيت لحم المتناوبين على حراسة قطعانهم في الليل أنه "وُلد لكم اليوم مخلّصٌ في مدينة داود وهو المسيح الرب" (لو 2: 11)، وأردفت مترنّمةً بالأنشودة الميلادية: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر" (لو2: 14). واهتدى حكماء المشرق بالنجم إلى المولود الإلهي، فقرّبوا له هداياهم ذهباً ولباناً ومراً.
وُلد المسيح متواضعاً، مخلياً ذاته، واشترك معنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، ليمنحنا نعمة التبني للآب السماوي، "أما الذين قبلوه وهم الذين يؤمنون باسمه، فقد مكّنهم أن يصيروا أبناء الله، فهم الذين لا من دم ولا من رغبة لحم ولا من رغبة رجل بل من الله وُلدوا" (يو 1: 12ـ13). وكما سُجّل اسم يسوع في سجلات المملكة على الأرض، كذلك سُجّلت أسماؤنا في سجلات ملكوته السماوي وميراثه الأبدي. فالرب يسوع بشّر تلاميذه بذلك بقوله لهم "بل افرحوا بأنّ أسماءكم مكتوبةٌ في السموات" (لو 10: 20). ويتغنّى أحد ابتهالات الفرض السرياني بهذه الشركة المتبادلة، بل هذا الاتحاد بين الله والإنسان بقوله: "أخذ ممّا لنا وأعطانا ممّا له، والكنيسة التي قبلته تترنّم بمجده ليل نهار".
وفي تأمّلاتٍ مدهشة بسرّ ميلاد الإله الكلمة، يحلّق مار يعقوب السروجي (+521 م) في سماء الروح، واصفاً في إحدى مواعظه المولود الإلهي بعباراتٍ تدلّ على تواضعه الذي لا يوصف، إذ وهو الإله الملتحف بالمجد والمتسربل العظمة يأتي إلى الأرض وديعاً متواضعاً، فيقول: "ܬܶܕܡܘܪܬܐ ܚܕܰܬܐ: ܡܳܪܶܐ ܫܡܰܝܐ ܒܰܡܥܰܪܬܐ، ܢܘܪܐ ܒܥܰܙܪܘܪ̈ܐ، ܓܰܘܙܰܠܬܐ ܕܡܶܬܚܰܒܒܐ ܥܰܠ ܚܰܕܝܐ، ܛܥܝܢ ܠܰܟܪ̈ܘܒܐ ܕܰܫܩܝܠܝܢ ܠܗ ܕܪ̈ܳܥܐ، ܡܳܪܗ̇ ܕܡܰܪܟܰܒܬܐ ܕܰܡܙܰܝܚܐ ܠܗ ܛܠܝܬܐ". وترجمتها: "إنها لأعجوبةٌ جديدةٌ أن نرى رب السماء في المغارة، فها النار حالّةٌ في المذود، اللهيب المتّقد يضمّه الصدر، حامل الكاروبيم يحمله الذراعان، سيد المركبة تزيّحه الصبية".
إنّ المولود الإلهي لهو مثالنا الأسمى، به نقتدي ونحن نقوم اليوم بخدمتنا في الرعاية والتدبير، بطريركاً ورؤساء أساقفة وأساقفة وخوارنة وكهنة، إذ دُعينا لنبني كنيسته المقدسة التي اقتناها بدمه وهي جسده السرّي. فنسير على خطاه في خدمتنا لشعب الله بروح الصدق والتجرّد والتضحية وبذل الذات، حتى نضحي تلاميذ حقيقيين للمعلّم الصالح الذي "تجرّد من ذاته متّخذاً صورة العبد، وصار على مثال البشر ... فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب" (في 2: 7 ـ 8).
هكذا تزهو الكنيسة وتنتعش الأبرشيات والرعايا والإرساليات والرهبانيات والإكليريكيات، ويزداد تعلّق المؤمنين برعاتهم الروحيين الذين يبذلون ذواتهم عن الرعية. فنحيا جميعاً الشهادة لإيماننا بأعمق معانيها، عملاً بوصية الرب يسوع القائل في موعظته على الجبل: "هكذا فليضىء نوركم للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجّدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16).
إنّ ميلاد الرب بالجسد في نظرنا نحن المؤمنين بسرّ محبة الله، هو السرّ العجيب والأعظم في تاريخ البشرية، فيه زال الخوف الذي خيّم على علاقة الخليقة بباريها، ونُقض سياج العداوة بين الله والإنسان، وتمّت المصالحة بين السماء والأرض. فالمسيح المولود في بيت لحم هو مسيح العالم كلّه، لا فرق بين أمّة وأخرى، ولا بين رجل وامرأة، عجوز وطفل، غني وفقير، كبير وصغير، فالمسيح هو "الكلّ في الكلّ" (كو 3: 11). هو للكلّ على اختلاف أجناسهم وحضاراتهم وطبقاتهم الاجتماعية ومذاهبهم الدينية، لأنه جاء ليزيل الحواجز ويحطّم الأنانية والعنصرية والتعصّب، وينشر البهجة في قلوب الناس والأمل في نفوسهم، ويمنح الراحة والسلام لضمائرهم. وهكذا يقدّم له المؤمنون باسمه قلوبهم نقيةً طاهرة، معترفةً به ملكاً أبدياً للحبّ والسلام.
أيها الأحباء
يطلّ علينا عيد الميلاد المجيد هذا العام وشرقنا الغالي يعاني من غليانٍ وتخبُّطٍ في المجهول، ويشهد نزاعاتٍ وصراعاتٍ داخليةً وإقليمية، إلا أننا على يقينٍ بأنّ بشرى الرجاء والأمل التي يحملها لنا مولود بيت لحم ستظلّ مشعّةً فيه، فتتلاقى شعوبه على تنوّع أديانها وخلفياتها الثقافية والاجتماعية والسياسية في الألفة والإخاء بروح الحوار وقبول الآخر. ورجاؤنا أن تتضافر الجهود في بناء المجتمعات المدنية التي تجمع ولا تفرّق، والتي تساوي ولا تميّز. فالديمقراطية الحقّة تستمدّ شرعيتها من الروح التوافقية بين جميع فئات الوطن، وهي ليست مرهونة بأكثرية ساحقة إزاء أقليات مهمَّشة.
وهنا نتوجّه على وجه الخصوص إلى أبنائنا وبناتنا في العراق الجريح الذي طالت محنته وقدّم الشهداء والشهيدات الذين نفتخر بهم. إننا ندعو أن يتلاقى المسؤولون فيه ويتعاونوا بغية تحقيق الخير العام للجميع، كما نحثّ المواطنين على التسامح والغفران، فتتصافى القلوب والنيات، وتتشابك الأيادي في ورشة بناء وطنهم واستقراره، بعيداً عن منطق إلغاء الآخر، سيّما المسيحيين الذين هم مكوّنٌ أصيلٌ في نسيج بلاد الرافدين منذ أقدم العصور، وهم لا يرضون بديلاً عن وطنهم أبداً.
وتتّجه أنظارنا اليوم إلى سوريا الحبيبة، التي تمرّ منذ أشهرٍ بمحنةٍ لم تشهد لها مثيلاً في الماضي القريب. إننا نتألّم مع ذوي الضمائر الحية لما يجري على أقسامٍ من أراضيها من هيجانٍ مخيفٍ وأعمال عنفٍ تطال العديد من الأبرياء والمستضعَفين. وإذ نطلب الرحمة للضحايا التي سقطت والتعزية للعائلات والأفراد المفجوعين بعزيز، نناشد الجميع أن يبتعدوا عن العنف بكل أشكاله، ويعودوا إلى أصالتهم الوطنية، ويحقّقوا الإصلاحات المنشودة، متوخّين حلّ الخلافات بطرق السلم الحضارية التي تؤمن بكرامة المواطنين وحريتهم والمساواة بينهم، وتحافظ على دور وطنهم الطليعي في وجه كل إغراءٍ وتدخُّل. كما نصلي مع جميع المؤمنين ومحبي هذا البلد حتى تستعيد سوريا حالة الطمأنينة والازدهار في وحدة جميع المواطنين فيها.
أما لبنان، هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً، فإننا نجدّد الدعوة لأبنائه وبناته كافةً، مسيحيين ومسلمين، على تنوّع انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، إلى التكاتف والتعاضد لما فيه خير هذا البلد الحبيب. ومع جميع الرعاة الروحيين، نحثّهم بقلبٍ أبوي كي يحافظوا على شهادة الوحدة في التنوّع والغنى في التعدّدية، فيعود لبنان مركزاً للإشعاع و"رسالة الشرق للعالم".
وبروح المسؤولية، نطلب من جميع القيّمين على الشؤون العامة فيه أن يعوا ويدركوا أنهم مدعوون لخدمة المواطنين بتجرّدٍ وأمانةٍ ونزاهة، وأنّ عليهم أن يحكّموا ضميرهم الوطني مغلّبين المصلحة العامة على كل مصلحة شخصية، سيّما ونحن نشهد الأزمات المعيشية التي تكاد تصبح خانقةً لغالبية فئات المجتمع وبخاصةٍ للشباب، فيؤمّنوا العيش الكريم واللائق للجميع، ممّا يعزّز الثقة بالوطن.
وهنا لا بدّ لنا من التأكيد على أنّنا نحن السريان كنّا وما زلنا وسنبقى مكوّناً مؤسّساً وعاملاً وفاعلاً في هذا الوطن، فقد قدّمنا الشهداء الكُثُر قرابين تضحيةٍ في سبيل لبناننا الحبيب، وساهم عددٌ من مفكّرينا في إغناء ثقافته. ومن هنا نعلي الصوت بوجوب إحقاق الحق وتأمين التمثيل العادل لنا بما يتوافق مع تاريخنا وحضورنا، عملاً بمبدأ المساواة بين كل المواطنين.
ولا يفوتنا أن نوجّه أنظارنا وقلوبنا بشكلٍ خاص إلى أبرشياتنا ورعايانا وإرسالياتنا وجميع أبنائنا وبناتنا في بلدان الانتشار، مجدّدين محبتنا الأبوية لهم، ومؤكّدين أنهم دائماً في صلاتنا. إننا نشجّعهم على التمسّك بالشهادة لإيمانهم بالرب يسوع المخلّص، والتعلّق بكنيستهم السريانية الأنطاكية والأمانة لتراثها العريق، والحفاظ على تجذّرهم ببلادهم الأمّ في الشرق، مع الإخلاص التام والمحبة الكاملة لأوطانهم الجديدة، وأن يوثّقوا رباط الوحدة بين بعضهم البعض، رعاةً ومؤمنين.
أيها المبارَكون
اليوم، وإذ نسير معكم في حجٍّ روحي للقاء المخلّص في بيت لحم، لا بدّ لنا من عيش التلمذة للطفل الإلهي، فنتعلّم رسالته السامية ونحملها زوّادةً لحياتنا. وهل من وسيلةٍ أنجع من أن نبادل المخلّص حباً بحبّ، وأن نعيش المحبة الصادقة نحو الجميع، بدءاً من أقرب المقرّبين إلينا في عائلاتنا، وصولاً إلى من لا يشاركنا إيماننا وقناعتنا، فالمحبة هي الينبوع الصافي الذي منه نرتشف كل فضيلةٍ وطهرٍ ونقاوة. كما نتمثّل بالتواضع العظيم الذي نهجه لنا يسوع بميلاده، فرفعَنا إليه، وقد افتقر وهو الغني ليغني فقرنا.
فلنفرحنّ إذاً بميلاد مخلّصنا في هذا اليوم المبارك وفي كل يوم، ولا ندع العالم ومغرياته ومنغّصاته تشغلنا عن الفرح الروحي بالمسيح يسوع ربنا. ومهما اشتدّت العواصف والرياح من حولنا، فلا ندع الخوف ينال منّا، ولا تقلق قلوبنا، لأنّ الرب شدّد عزائمنا ووعدنا قائلاً: "ثقوا، أنا هو، لا تخافوا" (مت 14: 27)، ووعوده صادقةٌ لا تقبل أيّ شك.
في هذا العيد المبارك، يطيب لنا أن نهنّئكم جميعاً، سائلين الطفل الإلهي مولود المغارة أن يجعلنا نحيا التزامنا المسيحي بأمانةٍ وتجرّدٍ وإخلاص، فنكون أبناءً وبناتٍ حقيقيين له، ليس بالاسم فقط، بل بالروح والحق، على حدّ قول القديس الشهيد اغناطيوس النوراني ثالث بطاركة أنطاكية (+107م): "صلاتي إلى الله، لا أن أُدعى مسيحياً فحسب، بل أن أكون بالفعل مسيحياً".
نعايدكم بأطيب التمنيات لعامٍ جديدٍ يفيض بالنعم والخيرات والبركات، ونختم بالتهنئة الميلادية:
ܡܫܝܚܐ ܐܶܬܝܠܶܕ ... ܗܰܠܠܘܝܰܗ
وُلد المسيح ... هللويا
صدر عن كرسينا البطريركي في بيروت ـ لبنان
في اليوم العشرين من شهر كانون الأول عام 2011،
وهي السنة الثالثة لبطريركيتنا
|