لبّى غبطة ابينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان دعوة اخيه غبطة الكاثوليكوس موران مار باسيليوس اقليميس، الرئيس الأعلى لكنيسة المالنكار السريان الكاثوليك كي يقوم بالزيارة الاولى لكنيسته في الهند.
فمن روما حيث التقيا لمشاركتهما في الاجتماع الذي عقده قداسة الحبر الاعظم مار بينيدكتوس السادس عشر مع البطاركة ورؤساء الاساقفة الأعلين الشرقيين الكاثوليك، توجه كلاهما معاً مستقلين الطائرة عينها الى الهند، في تمام الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر يوم السبت الواقع في 19 ايلول، على إثر تناولهما طعام الغداء مع قداسته ومدعويه في مقره الصيفي في كاستل كاندولفو.
وفي مطار دبي في الإمارات حيث توقفا ليستقلا طائرة اخرى، انضمّ اليهما سيادة المطران مار اثناسيوس متى متوكا ومرافقه السيد واثق هندو القادمين من بغداد، وسيادة مار باسيليوس جرجس القس موسى رئيس اساقفة الموصل القادم بدوره من اربيل، فتابع الجميع رحلتهم من دبي فجر يوم الأحد 20 ايلول، متوجهين الى مطار تريفاندروم، عاصمة ولاية كيريلا، الهند وهي مقر كرسي الكاثوليكوس موران مار باسيليوس اقليميس.
ولدى وصولهم في الساعة التاسعة من صباح الاحد الى مطار تريفاندروم، جرى استقبال حافل لغبطة ابينا البطريرك الذي يزور وللمرة الأولى الكنيسة الشقيقة،
حيث أنشد الاكليروس والمؤمنون المحتشدون في المطار وخارجه نشيد استقبال الرعاة الكنسيين السريان، ثم توجه موكب غبطة
البطريرك والكاثوليكوس، تشق له الطريق سيارة البوليس، الى دارغبطة الكاثوليكوس حيث كان قد احتشد جمع آخر من اساقفة واكليروس ومؤمنين، وقصدا كنيسة المقر، على الألحان الدينية السريانية وبلغة الماايلام وهي اللغة الأم في ولاية كيريلا.
تميزت الزيارة البطريركية الأولى الى الكنيسة الشقيقة في كيريلا المتميزة بالحيوية والإيمان المنفتح على فئات المجتمع بشرائحه الإثنية واللغوية والدينية، ببرنامج حافل شمل ثلاث ابرشيات: الاولى هي الابرشية العائدة الى الكثوليكوس وهي كبرى ابرشيات هذه الكنيسة. كذلك ابرشيتا تيريفالا ومارثاندوم.
في اليوم الثاني لوصول غبطته، أي صباح الإثنين 21، توجه الى ابرشية مارثاندوم للمشاركة في الاحتفال الشعبي الرائع، المسمى ب "ذكرى الاتحاد"، وقد اعتادت هذه الكنيسة أن تقيمه في كل عام في مثل هذا التاريخ، مخلدة ذكرى إتحادها مع كرسي روما عام 1930، عندما قام المطران ايفانيوس آنذاك بالخطوة التاريخية الجريئة، معيداً صلات الوحدة مع الكرسي البطرسي في روما. ويذكر المؤرخون أن بطريركنا الأنطاكي الشهير مار اغناطيوس أفرام رحماني كانت له صلات اخوية مع المطران المذكور، وقد شجعه على خطوة الوحدة هذه، مؤكداً له دعم كنيستنا الكامل لبادرته الكنسية نحو الوحدة، وقدم له العون في نقل تراثنا السرياني العريق للكنيسة الناشئة والتي كان عليها مجابهة الكثير من الصعاب.
هذا الاحتفال الذي دام خمس ساعات ونيف، وشارك فيه ما يقرب من 30 الف شخص قدموا من مختلف الأماكن، ترأسه غبطة ابينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث بمشاركة الكاثوليكوس مار باسيليوس اقليميس واساقفة كنيسته المالنكارية الثمانية الآخرين، بينهم سبعة اساقفة عاملون ورئيس اساقفة متقاعد وبمشاركة المطرانين اللذين رافقا غبطة البطريرك. وقد شمل الاحتفال ليترجية القداس الإلهية و كلمات مناسبة في نهاية القداس، رحب فيها خطباء عديدون بالبطريرك الانطاكي وصحبه، كما ألقى غبطته بدوره كلمة شكر وتهنئة معبراً عن إعجابه وتقديره لهذه الكنيسة الفتية. واختتم الاحتفال بتطواف شعبي في شوارع البلدة انتهى الى باحة كنيسة أخرى، حيث أقيم زياح للقربان المقدس تبارك به الحضور، قبل أن ينصرفوا الى مدنهم وقراهم فرحين يلهجون بحمد الرب على إنعاماته الغزيرة عليهم وعلى كنيستهم.
ويوم الثلاثاء 22 صباحاً ، توجه غبطته لزيارة اديرة الرهبان والراهبات والإكليريكيتين الكبرى والصغرى في مدينة تريفاندروم وشارك بعد الظهر في رتبة تكريس كنيسة جديدة مكونة بشكل رئيسي من مؤمنين انتموا الى الكنيسة من ديانات مختلفة ففتحوا قلوبهم لنعمة الإيمان واقتبلوا سرّ المعمودية، وأضحوا حجارة حية مميزة في كنيستهم لحرارة تقواهم وتعلقهم بالرب المخلص.
وفي برنامج غبطته الحافل بالصلوات والزيارات واللقاءات، خصص يوم الاربعاء 23 لزيارة ابرشية تيريفالا وهي ابرشية على رأسها مار قوريلوس رئيس اساقفة، وقد تميزت أيضاً بمؤسساتها التربوية من معاهد وكليات ومدارس يقصدها الآلاف من الطلاب. وشارك غبطته في احتفال رائع إقيم بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس المجمع الصحي الكبير الذي يشمل كليات الطب البشري، وطب الاسنان، والصيدلة، الى جانب كلية التمريض. وهو يضم أيضاً مشفى كبيراً مرفقاً بهذه الكليات بحتوي على 1200 سريراً . أمّا الاطباء الذين يمارسون رسالة الطب ويدرسونها في هذا المجمّع، فيتجاوز عددهم على 240 من المتخصصين. ولقد شارك في هذا الاحتفال الآلاف من العاملين في هذا المجمّع مع العديد من الشخصيات الرسمية من وزراء ونواب ورؤساء بلديات. جاؤوا كلهم ليعبروا عن تقديرهم لما حققته الكنيسة المالنكارية من إنجازات رائعة احتراماً للشخص البشري أياً كانا ديانته وخدمة للمجتمع بأسره . كما زار غبطته في ذلك اليوم الأديرة والاكليركية وكلية شهيرة قطعت شوطًاً كبيراً من التقدم في مجال المعلوماتية وعلم النباتات.
ولقد تميز يوم الخميس 24 بزيارة لمعهد "مار افرام المسكوني للبحوث السريانية" SEERI)(، وهو المعهد العالي الوحيد في العالم الذي يمنح الشهادات العليا في التراث السرياني من ماجستير ودكتوراه. كما سنحت الفرصة لغبطة ابينا البطريرك أن يجتمع برفاق الكلية القدامى الذين قضى معهم سنوات الدراسة الكهنوتية في جامعة انتشار الإيمان في روما، فكان لقاء مؤثر تحقق بعد 38 سنة !
أمّا اليوم الأخير اي الجمعة في 25، فقد تميز بزيارات قام بها غبطته الى بعض الجمعيات الرهبانية والكنسية، واختتم مساء بليترجية الهية حبرية احنفل بها غبطته باللغة السريانية في كاتدرائية تريفاندروم، وقد خدمته جوقة من الكهنة والشمامسة أدت الاناشيد السريانية. وفي نهاية ليترجية القداس افتتح غبطته مؤتمراً يقام سنوياً للملتزمين بالعمل الرعوي والتربوي في رعايا الابرشية. وقد رحب هؤلاء بغبطته الذي هنأهم وشجعهم في رسالتهم كعلمانيين مضطلعين بدورهم الهام في الكنيسة الى جانب الرعاة الروحيين من اساقفة وكهنة ورهبان وراهبات مكرسين.
وكان الافتراق يوم السبت في 26. بعد القداس في كابيلا الرئاسة الاسقفية صباحا، توجه موكب غبطته والمطرانين المرافقين، وفي المقدمة سيارة البوليس تفتح لهم الطريق نحو مطار تريفادروم. وهناك تبادل غبطته مجدداً كلمات الشكر والتقدير مع مودعيه الذين برعوا في حسن الضيافة والتكريم لضيفهم الكبير. وبعد وقفة في مطار دبي واصل غبطته الرحلة الى مطار الرحلة إلى بيروت ليصل إليها في السابعة مساء.
|