وقد حضر معالي وزير الإتصالات الأستاذ نقولا صحناوي ممثّلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ودولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي، والنائبان ميشال فرعون، وسيرج طور سركيسيان، والنائب السابق إيلي الفرزلي، وجو أسود ممثّلاً وزير الداخلية العميد مروان شربل، والدكتور برنار جرباقة ممثّلاً فخامة الرئيس أمين الجميل، وعماد واكيم ممثّلاً الدكتور سمير جعجع، وممثّلو قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والسفراء، وعدد من الفاعليات، ومؤسسات الطائفة.
وفي موعظته، اعتبر غبطة أبينا البطريرك "أننا نحن السريان قدّمنا ماضياً، ونقدّم حاضراً الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على وطننا لبنان وازدهاره، وكنا ولا نزال وسنبقى مؤسسين وفاعلين وعاملين في خدمته، بشهدائنا وأدبائنا ومفكّرينا وروّادنا في جميع مرافق الحياة المدنية". وشدّد على أنه "يحقّ لنا أن نعلي الصوت مجاهرين بمطلبنا العادل، داعين إلى إحقاق الحق بتأمين التمثيل المنصف لنا بما يتوافق مع تاريخنا وحضورنا، أسوةً بشركائنا في الوطن، سواء في المجلس النيابي أو سائر مرافق الدولة".
وحثّ غبطته اللبنانيين واللبنانيات "على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، أن يجدّدوا ولاءهم المطلق لوطنهم الذي يحتاج إلى كلٍ منهم، فيعملوا على توحيد الجهود لما فيه خير الوطن ونموّه"، مطالباً "المسؤولين فيه، على اختلاف رتبهم ومهامهم، أن يسعوا بكل ما أوتوا من قوة وعزم إلى خدمة لبنان بصدق ونزاهة وبروح الشراكة، وهذا إلزامٌ نابعٌ من طبيعة مسؤوليتهم التي تحتّم عليهم أن يدركوا أنهم مدعوون لخدمة بلدهم، وأنه لا يحق لأيٍّ منهم، ولأيّ سببٍ كان، أن يشلّ عمل إحدى مؤسسات الدولة أو مرافقها، لأنّ مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ولا تقبل بالمساومة".
وتطرّق صاحب الغبطة إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، حيث تعيش المنطقة "حالة غليانٍ وعدم استقرار، فها هي النزاعات والصراعات تعمّ في غير مكان". وكراعٍ روحي، يتساءل غبطته "عن صدى أصوات مجموعاتٍ وأحزابٍ تدّعي أنها تنشد إقامة نُظمٍ مدنية في بلاد هذه المنطقة، وهي تتجاهل شرعة حقوق الإنسان التي سنّتها منظّمة الأمم المتحدة، سيّما فيما يختصّ بالحريات الدينية، بما فيها حرية المعتقد والضمير لجميع المواطنين، أغلبيةً كانوا أم أقلية".
كما استغرب غبطته "موقف بعض الدول المسمّاة "ديمقراطية" لدى بحثها موضوع بلدان منطقتنا في تغييب حقوق الإنسان المدنية المرتبطة جوهرياً بالحرية الدينية. فلا نسمع هذه الدول تطالب بحزمٍ بفصل الدين عن الدولة في معرض دفاعها عن حقوق الأكثريات العددية، متناسيةً التمييز الواضح بين الديانات والأعراق في الدساتير التي تُصاغ في بعض بلدان المنطقة"، معتبراً "أنّ الحرية الدينية للإنسان هي الأهم في تكوينه الشخصي ونشأته الثقافية وممارسته المجتمعية. لذا نحثّ الجميع ونذكّرهم بواجب الدفاع عن الإنسان، كل إنسان وكل الإنسان في مشرقنا العزيز، ونسأل الله أن ينشر بشرى الرجاء والتسامح، ويُحلّ الأمن والسلام في كل البلدان".
وتوجّه غبطته خاصةً "إلى أبنائنا وبناتنا في سوريا الحبيبة التي تعيش محنةً مؤلمة وظروفاً صعبة لم تعهد مثلها في الماضي القريب"، معبّراً "عن ألمنا الشديد لما يجري فيها من إراقة دماء في أعمال عنفٍ طال أمدها وطاولت آثارها الأبرياء والمستضعَفين، سيّما وقد قرأنا اليوم في المواقع الإلكترونية عن الاعتداء على رهبان ديرنا، دير مار موشى الحبشي في النبك بحمص".
وناشد "أصحاب الضمائر الحية من المواطنين والمواطنات، إلى أية فئةٍ انتموا، وبخاصة المسؤولين، أن يحكّموا ضميرهم الوطني ويشبكوا أيديهم ويتلاقوا بالألفة والتعاون والتعاضد لإعادة وطنهم إلى أمنه وسلامه واستقراره، بعيداً عن العنف والحقد والبغض، إنما بروح التسامح والمحبة الصادقة".
وصلّى غبطته "من أجل السلام والأمان في العراق، حيث يعيش قسمٌ كبير من أبنائنا وبناتنا، وقد قدّم كثيرون منهم ذواتهم على مذبح الشهادة. فيتابعوا مسيرتهم بالشراكة مع إخوتهم في الوطن، وهم نسيجٌ أصيلٌ في أساس تكوين هذا البلد الحبيب"، حاثاً "الجميع على السعي الدؤوب لنهضة وطنهم واستقراره".
وفي كلمته الروحية، أكّد بطة أبينا البطريرك على "أولوية طلب ملكوت الله وبره وتسليم أمورنا لعناية الله ورعايته"، متطرّقاً إلى سيرة حياة وفضائل "القديس أفرام ملفان الكنيسة الجامعة، الذي جمع في حياته النسك والزهد مع الأعمال الرعوية والاجتماعية، فأضحى مثالاً لكل المكرَّسين والمكرَّسات، بل لأبناء الكنيسة وبناتها جميعاً".
وسوف ننشر النص الكامل لكلمة غبطته في خبر لاحق.
وبعد القداس، تقبّل غبطته يحيط به الأساقفة والكهنة التهاني من جميع الحاضرين.
|