أما الحضور الكنسي، فتقدّمه نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، الذي حضر إلى العراق للمشاركة في هذه المناسبة بدعوة خاصة من سيادة رئيس أساقفة بغداد للسريان الكاثوليك مار أفرام يوسف عبّا.
وحضر أيضاً صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار عمانوئيل الثالث دلّي بطريرك بابل على الكلدان، وغبطة مار أداي بطريرك الكنيسة المشرقية القديمة، والسفير البابوي في العراق المطران جورجيو لينغوا، وأساقفة بغداد من مختلف الكنائس، ومن بينهم رئيس أساقفة كنيستنا السريانية في بغداد مار أفرام يوسف عبّا. ومن أساقفة كنيستنا حضر أصحاب السيادة: مار أثناسيوس متي متوكا رئيس أساقفة بغداد سابقاً، مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي، ومار يوحنا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، وكهنة ورهبان وراهبات وشمامسة، ومن بينهم الشماس حبيب مراد أمين سر البطريركية.
بدايةً، استقبل غبطة أبينا البطريرك وأصحاب الغبطة والسيادة، الرئيس نوري المالكي، عند مدخل الكاتدرائية. وبعد قصّ الشريط، دخل الجميع إلى الكاتدرائية، فيما الجوق يرنّم ترتيلة "حبّكِ يا مريم". ولدى الوصول إلى الداخل، وقف الجميع دقيقة صمت على أرواح الشهداء والشهيدات الأبرار.
ثم رنّم سيادة المطران بطرس موشي إنجيل التطويبات، وتلا الجميع الصلاة الربانية، فكلمة ترحيب من كاهن الرعية الأب أيسر كسكو، الذي أشار إلى "أننا نأتي اليوم لنشهد بأننا أبناء رجاء وسلام ومحبة، ولأننا متجذّرون في أرضنا... وها هي اليوم تورق حياةً وأملاً بتعاضد متكامل بين جميع أطياف الشعب العراقي الواحد المتنوّع" (سننشر نص كلمته لاحقاً).
وألقى راعي الأبرشية سيادة المطران يوسف عبّا كلمة، أكّد فيها اعتزازه بأن يتم افتتاح هذه الكاتدرائية بحلّتها الجميلة، شاكراً غبطة أبينا البطريرك ونيافة الكردينال ساندري والبطاركة والأساقفة، ودولة الرئيس المالكي، وجميع الذين ساهموا في إعادة إعمار الكنيسة، سائلاً الرحمة للشهداء الذين سفكوا دماءهم الزكية فيها، مفاخراً العالم بهم (سننشر كلمة سيادته كاملةً لاحقاً).
وألقى نيافة الكردينال ليوناردو ساندري كلمة بالمناسبة، شجّع فيها مسيحيي العراق على الشركة والشهادة، ليسهموا في تحقيق السكينة والتقدّم وضمان السلام، من خلال حسٍّ مسكوني واعٍ، بالتعاون مع إخوتهم المواطنين بروح الحقيقة والاحترام (سننشر النص الكامل لكلمة الكردينال ساندري لاحقاً).
ثم ألقى رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي كلمة، دعا فيها جميع العراقيين إلى عدم التفريط بوحدة العراق وأمنه واستقراره، والحذر من الإرهاب الذي قال إنه يستهدفهم دون تمييز. كما شكر كلّ من صمد وقاوم من المسيحيين وبقي في العراق، جنباً إلى جنب مع إخوانهم، وكلّ من وقف بوجه هذه الهجمة التي يندر أن يتعرّض لها شعبٌ كما تعرّض لها العراق منذ 2003.
وأضاف الرئيس المالكي: "إنّ رسالتنا للعالم اليوم هي أنّ المسلمين والمسيحيين موحَّدون تحت خيمة العراق"، كاشفاً أنه طلب من الاتحاد الأوروبي "ألا يشجّع على هجرة المسيحيين من العراق"، مؤكّداً في الوقت نفسه أنّ الفاتيكان لبّى دعوته إلى "حثّ مسيحيي العراق على عدم الهجرة" (سننشر أهم فقرات كلمة الرئيس المالكي لاحقاً).
بعدها ألقى غبطة أبينا البطريرك كلمة أكّد فيها أنّ "العبادة الحقيقية لله هي العبادة بالروح والحق، هذا الروح الذي يسمو على المادة ويبثّ فيها الحياة"، مشيراً إلى تفرُّد اللغة العربية بمعنيين لكلمة "حق"، الحقيقة، أي نقيض الضلال، والعدل وإحقاقه على الجميع.
وشكر غبطته الرئيس المالكي لتعاطفه "مع معاناة أهلنا في بغداد"، ومؤازرته الفاعلة "لانطلاقة كنيستنا من جديد"، مذكّراً إياه بما سبق وعرضه عليه في زيارتين سابقتين: "إنّ المسيحيين في العراق هم من نسيج هذا الوطن الحبيب وجذورهم متأصّلةٌ في تربته المباركة. هم لا يطالبون بامتيازاتٍ، ولا يدّعون بأفضالٍ على غيرهم، بل أمنيتهم الوحيدة هي أن يشاركوا إخوتهم وأخواتهم، أغلبيةً كانوا أم أقلية، شرفَ خدمة وطنهم. وهذا يتمّ بنيلهم حقَّهم الوطني بالعدالة والمساواة".
وإذ تمنّى غبطته على الرئيس المالكي السير "في نهج العظماء الذين خدموا هذا الشعب وهذه الأرض"، أشار إلى أنّ دولة القانون "هي ما يطمح إليه المواطنون لأيّ دولةٍ أو عرق انتموا"، وهي لا تستقيم إلا "بإحقاق العدل والمساواة والمواطنة الواحدة" (سننشر نص كلمة غبطته لاحقاً).
ثم قدّم غبطته درعاً تذكارياً للرئيس المالكي الذي غادر بعدما زار مزار ومتحف الشهداء والمدافن، مودّعاً من سيادة المطران يوسف عبّا بكل حفاوة وتقدير.
بعد ذلك، ألقى ممثّل وزير الإعمار والاسكان كلمة تحدّث فيها عن دور الوزارة في إعادة تأهيل كنيسة سيّدة النجاة.
وفي ختام الحفل، قلّد الكاردينال ساندري الوسام البابوي للمهندس المشرف على إعمار الكنيسة زياد بني، وسلّم غبطة أبينا البطريرك عدداً من الدروع التذكارية لمسؤولي الدولة، والبطاركة، ورؤساء الكنائس في بغداد، والأستاذ رعد جليل كجه جي رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى.
بعد انتهاء الكلمات، توجّه الجميع لزيارة مزار ومتحف الشهداء وضريح الأبوين الشيدين ثائر ووسيم، وبعض الشهداء الآخرين، خلف الكاتدرائية، في جوٍّ يغمره التأثّر.
ثم لبّى غبطة أبينا البطريرك والكردينال ساندري والبطاركة والأساقفة الكهنة وجمع من المدعوين من رسميين ومدنيين، دعوة سيادة رئيس أساقفة بغداد مار أفرام يوسف عبّا ومجلس الأبرشية إلى مأدبة غداء في مطعم نادي الهندية بهذه المناسبة المباركة.
|