حضر القداس سيادة السفير البابوي في لبنان المطران كبريالي كاتشا ممثّلاً قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، المطران بولس صيّاح ممثّلاً البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، المطران ماسيس جوبيان ممثّلاً كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، الأرشمندريت نقولا حكيم ممثّلاً بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام، وعدد من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وحشود من المؤمنين.
وقد حضر أيضاً معالي وزير الصناعة الأستاذ فريج صابونجيان ممثّلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ودولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي، الدكتور برنار جرباقة ممثّلاً فخامة رئيس حزب الكتائب الشيخ أمين الجميّل، النائب حكمت ديب ممثّلاً دولة رئيس التيّار الوطني الحرّ وتكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، النائب نبيل دو فريج ممثّلاً دولة رئيس تيّار المستقبل الشيخ سعد الحريري، العميد وهبة قاطيشا ممثّلاً رئيس حزب القوّات الدكتور سمير جعجع، النائب نديم الجميّل، الوزير السابق الشيخ فريد هيكل الخازن، النائب السابق منصور غانم البون، العقيد ناصر حيدر ممثّلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، العميد بشارة جبّور ممثّلاً المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، العقيد ميلاد خوري ممثّلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، النقيب إيلي وهبة ممثّلاً المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، السفير المصري الأستاذ أشرف حمدي، السيد محمد حسن جاويد ممثّلاً السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي، المستشار الأول في السفارة الفرنسية كوشار ممثّلاً السفير الفرنسي باتريك باولي، السفير السابق الأستاذ جورج سيام، السيد جورج خوري ممثّلاً رئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد، رئيس بلدية الجديدة البوشرية السدّ الأستاذ أنطوان جبارة، رئيس بلدية الفنار الأستاذ كمال غصوب، المهندس عماد واكيم، الدكتور توفيق الهندي، وعدد من الفاعليات، والمجلس الاستشاري ومؤسسات الطائفة.
وخلال الموعظة التي ألقاها بعد الانجيل المقدس، دعا غبطته "القيّمين على شؤون المواطنين في لبنان إلى الحوار والتكاتف والتعاون لإيصال البلاد إلى برّ الأمان، فلا يلغي أحدٌ الآخر، بل يغلّب الكلّ المصلحة العامة على المصالح الخاصة، سيّما على المستوى المعيشي الاقتصادي والاجتماعي".
وشدد غبطته على "أنّ النظام اللبناني المتوافَق عليه من الجميع، والذي يؤمّن التوازن بين مختلف مكوّنات الوطن، هو الأنسب في المنطقة التي لم تصل بعد إلى تطبيق النظام المدني الذي يفصل بين الدين والدولة".
وتطرّق غبطته إلى قانون الإنتخابات المقترَح، وذكّر بأنّ "طائفة السريان الكاثوليك، طائفة مؤسِّسة من طوائف لبنان"، وأنه "ليس من العدل تسميتها بالأقليات"، خاصةً وأنّ "الدستور اللبناني ينصّ على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، نسبياً بين الطوائف".
وتوجّه بنداءٍ "إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المؤتمَن على دستور البلاد"، طالب فيه "بمنح السريان الكاثوليك حقّهم بمقعد نيابي مخصَّص لطائفة السريان الكاثوليك في الدائرة التي لهم فيها التواجد الديمغرافي والإجتماعي الأبرز أي منطقة الأشرفية"، واضعاً ثقته وثقة طائفة السريان الكاثوليك "بفخامته وبكل القيّمين على شؤون البلد بأنهم لن يتأخروا عن إحقاق الحق".
ورفض غبطته بشدة الأصوات التي تدعو الى "إعطاء مقعد نيابي للسريان"، مؤكّداً بأنّ هذا الأمر فيه "مخالفة لأحكام الدستور اللبناني، إذ لا وجود لما يُسمّى "سريان" في النظام اللبناني، إنما هناك طائفتان: سريان كاثوليك وسريان أرثوذكس".
وعن الأحداث في سوريا والعراق تطرّق إلى معاناة هذين البلدين من الحروب والصراعات والنزاعات التي تهدّد وجودهما ومستقبل مواطنيهما.
وشجب غبطته وأدان "استعمال العنف والسلاح بحجّة نشر الديمقراطية وأفكار الإصلاح"، إذ أنّ "مفهوم الديمقراطية، أي ممارسة الشعب حقَّه في تنظيم حياته المدنية، يعني مسيرةً حضاريةً هدفها حياة الإنسان وليس موته. فلا سبيل لنشر الديمقراطية الحقّة إلا بالحوار، وانتهاج لغة العقل بالاحترام المتبادل والمساواة الحقة في المواطنة بين الجميع في البلد الواحد، بغضّ النظر عن العدد أو العرق أو الدين".
وشدد غبطته تضامنه وصلاته من أجل جميع المواطنين في سوريا، وبخاصة أبناء وبنات الأبرشيات السريانية الأربع هناك: دمشق وحمص وحلب والجزيرة. وأهاب بجميع الأطراف المتنازعين "أن يحكّموا ضميرهم الأخلاقي وحسّهم الوطني، فلا يتأثّروا بأيّ ضغطٍ أو إملاء من أيّ جهةٍ أتى، بل يعتمدوا جميعاً لغة الحوار والتفاهم والمصالحة، نابذين لغة السلاح والعنف والتطرّف التي لن تؤدّي إلا إلى المزيد من القتل والدمار وتفتيت الوطن".
وحيّا غبطته لبنان، "هذا البلد المضياف، آملاً أن يستقبل جميع اللاجئين إليه بصدرٍ رحب ومحبةٍ أخوية"، متأسّفاً لأنّ النازحين من سوريا أفراداً وعائلات، أصبحوا كإخوتهم العراقيين مهجَّرين خارج وطنهم.
ثمّ تطرّق إلى الأوضاع في العراق، حاثّاً مكوّناته على "التعاضد وشبك الأيدي للنهوض به وإحلال الأمن والسلام فيه".
وفي كلمته الروحية، انطلق غبطته من عبارة "لأنّ كلّ من يرفع نفسه يتّضع، ومن يضع نفسه يرتفع"، فتحدث عن التواضع الذي دعا إليه السيد المسيح كل المؤمنين به، مذكّراً أنّ المسيح، ومن أجل خلاص أحبائه، تواضع فترك عرشه السماوي واتخذ صورة إنسان وأطاع أباه السماوي حتى الموت. وحثّ المؤمنين على الإلتزام بتعاليم السيد المسيح أي المحبة والتواضع والتسليم الكلّي للإرادة الإلهية، لأنّ في هذه وحدها الخلاص.
كما دعا غبطته المؤمنين إلى التأمّل ما بين مار أفرام السرياني المتواضع الذي مارس أعمال الرحمة والمحبة، متفانياً في خدمة الفقراء والمرضى، وشارك الضعفاء والمهجَّرين والنازحين معاناتهم وآلامهم، وبين ما يحصل ويحدث اليوم في الجزيرة وسائر المناطق السورية من معاناة تشبه زمن مار أفرام.
كما ودعا غبطته إلى التأمّل في مسيرة الحبر الأعظم قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر الذي أضحى المثال، مقدّماً للعالم كلّه "أمثولةً عظيمةً عن أنّ الإيمان فعل حبٍّ كبير للمسيح وكنيسته، وفعل تسليمٍ مطلق لإرادة الله، وفعل تواضعٍ وتجرّدٍ عميق من الذات، وهو المتسامي فضيلةً وعلماً"، إذ أنه بإعلانه استقالته، قد "بلغ الذروة في مفهوم المسؤولية وفي الشجاعة على ممارستها".
وختم غبطته موعظته متوجّهاً بالمعايدة إلى كلّ أبنائه وبناته في بلاد الشرق وعالم الانتشار في أوروبا وأميركا وأستراليا. (سننشر النص الكامل لموعظة غبطته في موقع البطريركية هذا لاحقاً).
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الرسولية، ثم تقبّل التهاني من الشخصيات الرسمية والدينية وجميع الحضور داخل الكاتدارائية.
ثم انتقل الجميع إلى دار كهنة رعية مار بهنام وسارة في الفنار، ملبّين دعوة كاهن الرعية المونسنيور إيلي حمزو، حيث بارك غبطته المائدة بحضور المطرانين جهاد بطاح ويوسف ملكي، والآباء الكهنة وبعض المؤمنين من جميع رعايا الأبرشية البطريركية.
|