وهنا نودّ أن نشير إلى أنّ العلاقات قديمة بين الكنيستين الشقيقتين منذ أيام البطريرك أخيجان في القرن السابع عشر، الذي كان تلميذ المدرسة المارونية وصديق البطريرك الدويهي.
سطع نجم دير الشرفة بشكل خاص مع بداية القرن العشرين، إذ لعب دوراً ريادياً في أيام البطريرك أفرام الثاني رحماني، والخوراسقف اسحق أرملة. فكان الدير موئلاً لكثيرين من الآباء والعلماء والباحثين والمستشرقين، وأضحى أشبه بخلية نحل تعمل دون هوادة.
لدير الشرفة علاقات وصلات وثيقة مع دير سيدة بزمّار للأرمن الكاثوليك، ودير المرسلين اللبنانيين، ودير الآباء البولسيين للروم الكاثوليك، ومع أهالي كسروان ووجهائها (آل الخازن...)، ولاحقاً مع الرهبانية اللبنانية المارونية، إذ أنّ طلاب إكليريكية الشرفة يدرسون في جامعة الروح القدس الكسليك.
في دير الشرفة جوهرة ثمينة وكنز نفيس، هو المخطوطات والأرشيف التي حان الوقت لتوضع على المنارة ويضيء نورها للقاصي والداني. إنها إرث الآباء والأجداد، رجال علم وانفتاح، حافظوا عليها وحفظوها لنا، وعلينا أن نحفظ الأمانة والوديعة التي أوكلت إلينا، وأن نُظهِرَها للعلن مفاخرين بها، وواضعينها في متناول ذوي الاختصاص للنهل من مَعينها العذب، فهي صفحة مشرقة في تاريخ كنيستنا.
ولنا كلّ الأمل وملء الرجاء أنّ كنيستنا ستبقى أمينةً لهذا التراث الأصيل، فتظلّ كما نردّد دوماً "الجوهرة الصغيرة التي ترصّع تاج الكنيسة الجامعة".
الشكر الكبير لجامعة الروح القدس الكسليك لمبادرتها بالدعوة لهذا المعرض وتنظيمه، ولكلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل، وبخاصة لابننا الروحي الشماس يوسف درغام. وتمنياتنا أن يساهم هذا المعرض وينجح في إبراز هذا التراث الكنسي والثقافي والحضاري الثمين.
وخير ما نختم به كلامنا قول للقديس مار اسحق الأنطاكي، من آباء الكنيسة السريانية في القرن الخامس (491؟)، يتناول فيه أهمية دراسة العلم والانكباب على دراسة كنوزه:
ܣܺܝ̈ܡܳܬܳܐ ܒܣܶܦܪ̈ܶܐ ܛܡܺܝܪ̈ܳܢ܆ ܘܡܰܢܽܘ ܕܰܒܗܽܘܢ ܠܳܐ ܢܶܚܦܽܘܪ
ܓܰܙ̈ܶܐ ܚܡܺܝܠܺܝܢ ܒܰܟܬܳܒ̈ܶܐ܆ ܘܰܕܠܳܐܶܐ ܒܗܽܘܢ ܥܳܬܰܪ ܠܶܗ
الثروات المخبّأة في المجلّدات، من لا يحفر لاستخراجها
والكنوز التي تحملها الكتب، يغتني منها من يتعب بها
|