وبعد صلاة قصيرة، اصطحب غبطتُه نيافةَ المطران جورج، وتوجّها إلى العطشانة حيث سيتمّ اللقاء الأخوي بين البطريركين الأنطاكيين.
ولدى وصولهما إلى الباحة الخارجية لدير مار يعقوب البرادعي، استُقبل غبطته من قبل أصحاب النيافة المطارنة أمام مدخل الدير، ليستقبله في الصالون البطريركي قداسةُ أخيه البطريرك مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص.
التقى بطريركا أنطاكية وتعانقا، وتبادلا قبلة محبّة أخوية عابقة بأريج تاريخ أنطاكية المجيد، وتراثها التليد، وسِيَر آبائها الميامين الذين خطّوا بأحرفٍ من نورٍ مسيرةَ هذه الكنيسة العريقة في المجد والسؤدد.
رافق غبطةَ أبينا البطريرك يونان في هذه الزيارة، إلى نيافة المطران جورج صليبا، أصحابُ السيادة المطارنة السريان الكاثوليك: مار رابولا أنطوان بيلوني، مار فلابيانوس يوسف ملكي، ومار يوحنّا جهاد بطّاح النائب الطريركي العام على أبرشية بيروت البطريركية، وأمينا سرّ البطريركية الأب أفرام سمعان، والشمّاس حبيب مراد.
كما حضر هذا اللقاء أصحابُ النيافة المطارنة السريان الأرثوذكس: مار كيرلّس أفرام كريم النائب البطريركي في شرقي الولايات المتّحدة الأميركية، مار ديونوسيوس جان قوّاق مدير الديوان البطريركي بدمشق، مار خريسوستوموس ميخائيل شمعون مدير المؤسّسات البطريركية في العطشانة، مار تيموثاوس متّى الخوري السكرتير البطريركي، ومار تيموثاوس ماثيو شيريان السكرتير البطريركي لشؤون الكنيسة في الهند، والأب الربّان كيرلّس بابي، والأب الرّبان أوكين الخوري نعمت السكرتير البطريركي.
بدايةً ارتجل قداسة البطريرك عيواص كلمةً أخويةً، قال فيها:
"يسرّنا ويسعدنا ويشرّفنا أن نستقبلكم في هذا اليوم المبارك، فيكون لقاؤنا هذا باكورة أعمالنا في العام الجديد، ونتبادل التهاني بعيد الميلاد المجيد والسنة الجديدة، التي نرجو من الله أن تكون زمن خيرٍ وبركةٍ لكنيستنا السريانية المقدّسة الواحدة، ولشعبنا السرياني الواحد العريق.
نحن كنيسةٌ واحدةٌ ولسنا كنيستين، نشترك بأصولٍ واحدةٍ وجذورٍ واحدةٍ، ونمارس طقوساً كنسيةً واحدةً، بل نؤمن إيماناً واحداً.
وإذ نجدّد ترحيبنا بكم وبصحبكم يا صاحب الغبطة، ندعو لكم بالتوفيق في مهامكم. ونسأل الله تعالى أن ينشر أمنه وسلامه في شرقنا والعالم".
بدوره أجاب غبطة أبينا البطريرك يونان مرتجلاً كلمةً أخويةً، قال فيها:
" بفرحٍ وسرورٍ جئنا نقوم بزيارتنا الأولى في هذا العام الجديد إلى قداسة أخينا الكبير مار اغناطيوس زكّا الأوّل، لنقدّم له التهاني الأخوية بعيد ميلاد الربّ يسوع المجيد وبالعام الجديد، ونبادله المحبّة الأخوية. "فما أجمل وما أحلى أن يجتمع الإخوة معاً، هناك أمر الربّ بالبركة".
نعم، إنّه لقاء الإخوة وأبناء البيت الواحد والكنيسة الواحدة والشعب الواحد. ولا يسعنا إلاّ أن نذكر مآثركم الجليلة التي أغنيتم بها الكنيسة المقدّسة خلال هذه السنين الطوال من عهدكم البطريركي الميمون، مجدّدين التهنئة لكم بمناسبة احتفالكم بيوبيلكم الأسقفي الذهبي، ومتمنّين لكم الصحّة والعافية والعمر المديد في رعاية الكنيسة التي ائتمنكم الربّ يسوع عليها.
ولا ننسى أبناءنا وبناتنا في الشرق الذين يعانون، وخاصّةً في سوريا والعراق، ونصلّي من أجل هذه المحن التي طال أمدها، فيتحنّن الرب لتنقشع هذه الغيمة السوداء عن سماء شرقنا الغالي".
ثمّ تبادل أصحاب القداسة والغبطة والنيافة والسيادة الأحاديث الأخوية في مواضيع شتّى كنسية، روحية، رعوية، ووطنية، وسواها.
وأكّد الجميع خلال هذا اللقاء أنّ المسيحيين مكونٌ أصيلٌ في هذا الشرق، لا بل هم سكّانه الأصليون، حاثّين أبناءهم على مواصلة الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام في هذه الأرض المشرقية التي منها انطلقت البشارة، مناشدين الضمير العالمي والدول المعنيّة لإنهاء العنف الدائر حالياً في بلاد الشرق، سيّما في سوريا، والمبادرة إلى إطلاق سراح جميع المخطوفين، وفي مقدّمتهم صاحبا النيافة مطرانا حلب للسريان الأرثوذكس يوحنّا ابراهيم، والروم الأرثوذكس بولس اليازجي، والكهنة، والراهبات.
وقدّم غبطة أبينا البطريرك يونان إلى قداسة البطريرك عيواص، كتاباً نفيساً يؤرّخ مراحل الزيارة الرسولية التي قام بها قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان خلال شهر أيلول من عام 2012، وهو من إعداد اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. وكانت مناسبة ليتوقّفوا خاصّةً عند حدث زيارة قداسة البابا إلى دير سيّدة النجاة ـ الشرفة، حيث التقى رؤساء الكنائس غير الكاثوليكية، وفي مقدّمتهم قداسة البطريرك زكّا الأوّل عيواص. كما قدّم غبطته لقداسته الميدالية البطريركية، وقد نُقشت عليها من جهة أيقونة سيّدة النجاة، ومن الجهة الأخرى نُقش الشعار البطريركي. كما أهدى غبطته إلى قداسته وإلى كلٍّ من أصحاب النيافة المطارنة والآباء الكهنة والرهبان نسخةً من كرّاس رسالة الميلاد 2013 التي وجّهها غبطته بحسب عادته السنوية.
بعد ذلك، بارك صاحبا القداسة والغبطة مأدبة غداء المحبّة التي أقامها البطريرك عيواص على شرف أخيه البطريرك يونان بهذه المناسبة المباركة.
وقد أنشد سيادة المطران أنطوان بيلوني ترنيمة ܐܘܪܒܝܢܝ ܡܪܝ ܐܘܪܒܝܢܝ ܟܗܢܘܬܐ ܠܡܪܢ ܐܡܪܬ(عظّمني ربّي عظّمني، قال الكهنوت لربّنا...)، وأهداها إلى قداسة البطريرك عيواص.
وبعد قطع قالب الحلوى، أدّى أصحاب النيافة والسيادة بعض الأناشيد الكنسية إكراماً وتقديراً لبطريركَي أنطاكية السريانيين، وختموها بنشيد "هب يا إله العالمين إغناطيوس الراعي الأمين...".
ثمّ التُقطت الصور التذكارية تخليداً لهذا اللقاء الأخوي. وتبادل الجميع تحيّة الوداع، فوُدِّع غبطته وصحبه بمثل ما استُقبِلوا من حفاوة وإكرام.
شكراً لله على نعمه وعطاياه.
|