رسالة عيد القيامة لغبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان
توجّه صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلّي الطوبى، بالرسالة السنوية لمناسبة عيد القيامة المجيدة، مجدِّداً الرجاء والإيمان بأنّ "قيامة الرب يسوع من بين الأموات انتصارٌ للمحبّة على الموت، والنعمة على الخطيئة، والحياة على الفناء، وتجدُّدِ الرجاء بقيامة الإنسان والمجتمعات والأوطان نحو حياةٍ أفضل"، موضحاً أنّ "قيامة الرب هي فعل إيمانٍ بامتياز، وهي عربون رجاء البشرية في الإنعتاق من ربقة المادّة للإنطلاق في عالم الروح. جسده القائم من الموت ينتقل إلى حالة الجسد الروحاني الذي لا يخضع لشريعة الزمان والمكان، إنّه جسدٌ مملوءٌ من قدرة الروح القدس".
وذكّر غبطته أنّ "قيامة الرب انتصارٌ على الموت لأنّه ربّ الحياة، وبموته الكفّاري تضامن مع المتألّمين، فقدّس آلامهم وأعطاها قيمةً فدائيةً، وبذلك أظهر قدسية الحياة البشرية وكرامتها. فكلّ امتهانٍ لحياةٍ بشريةٍ، حسّياً أو روحياً أو معنوياً، هو اعتداءٌ صارخٌ على قدسيتها وعلى عمل الفداء. إنّ ما يجري من اعتداءات تعذيبٍ جسدي وروحي، في هذا وذاك من البلدان حول العالم، يدينه الإنجيل والمسيحية إدانتهما لآلام الصلب التي أنزلها أمثالهم بالسيد المسيح. فآلام المسيح متواصلةٌ عبر آلام الأبرياء من أجل فداء العالم، واعتداءات الصالبين مستمرّةٌ في أولئك المعتدين على الأبرياء".
وأكّد غبطته على "حضور المسيح بيننا ومعنا ومن أجلنا"، راجياً "لأوطاننا قيامةً روحيةً وخلقيةً وسياسيةً بما يتلاءم مع تعاليم الرب التي طبعها في قلب كلٍّ منّا"، مذكّراً بكلمة مار بولس: "فإذا كان أحدٌ في المسيح، فإنّه خلقٌ جديد. قد زالت الأشياء القديمة، وكلّ شيءٍ صار جديداً. وهذا كلّه من الله الذي صالحَنا بالمسيح، وأعطانا خدمة المصالحة" (2 كور 5: 17 ـ 18).
وشدّد غبطته على أنّ "القيامة لا بدّ آتية يوماً لا محالة، رغم ما يعانيه المسيحيون المشرقيون منذ فجر الإيمان بالمسيح.
وتوجّه إلى الكنيسة "في لبنان إكليروساً ومؤمنين، ومعهم جميع اللبنانيين واللبنانيات"،معايداً بعيد القيامة المجيدة، سائلاً "الرب يسوع القائم من الموت، أن يعيد هذا العيد عليهم بالخير والصحّة والبركة".ودعا إلى "الصلاة من أجل حصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها، مع ما يحمّل القيّمين على إجراء هذا الإستحقاق من مسؤولية تاريخية حفاظاً على الموقع الأوّل للمسيحيين في الشرق برمّته، إذ إنّ رئيس لبنان هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي". واعتبر أنّ "عدم حصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها رسالة واضحة إلى مسيحيي الشرق بأنّ شريكهم المسلم يريد تفريغ الشرق منهم". ودعا أيضاً إلى حثّ "الهيئة العامّة لمجلس النواب كي تقرّ قانوناً جديداً للإنتخابات النيابية، لا يهمّش السريان، مذكّراً ومنوّهاً أنّ "السريان هم من المكوّنات الأساسية لهذا الوطن".
وعن الأحداث في سوريا، وجّه صاحب الغبطة نداءً، مستنكراً "استهداف المناطق الآمنة والمواطنين الأبرياء العزَّل"، مناشداً "الضمير العالمي، كي يبذل الجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، وبخاصّةٍ مطرانَي حلب للسريان الأرثوذكس يوحنّا ابراهيم، وللروم الأرثوذكس بولس اليازجي، والكهنة الثلاثة: ميشال كيّال، واسحق (ماهر) محفوض، وباولو دالّوليو". وتوجّه إلى أبناء الكنيسة في سوريا قائلاً "إنّ الكنيسة تصلّي لتحلّ القيامة في هذا البلد، ولتنتصر لغة الحوار والسلام على لغة المدفع والحرب"، مجدّداً "دعوة الكنيسة الدائمة لإحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون انحيازٍ سياسي أو طائفي".
وأكّد أنّ "الديمقراطية تأبى إقصاء جهةٍ، مهما كان عدد أفرادها قليلاً، إنّما الديمقراطية الحقّة تعلّم احترام الغير، وإن اختلف في الرأي والدين أو المذهب، وتسعى إلى نشر السلام والطمأنينة والإحترام بين المواطنين".
وإلى العراق الغالي، كما دعاه صاحب الغبطة في الرسالة، توجّه متمنّياً "أن تحصل الإنتخابات النيابية القادمة في جوٍّ هادئٍ وديمقراطي حضاري يثبّت أسس الدولة"، حاثّاً المواطنين "لتوحيد جهودهم في سبيل زرع بذور السلام الدائم في هذا البلد".
وإلى أبناء الكنيسة في الأراضي المقدّسة، صلّى صاحب الغبطة لتكون "زيارة الحجّ التي سيقوم بها قداسة البابا فرنسيس في أواخر شهر أيّار سبب بركةٍ وخيرٍ وسلامٍ على الديار المقدّسة والشرق بأسره".
وتوجّه غبطته إلى أبناء الكنيسة فيمصر، مصلّياً "كي تعيد الإنتخابات الرئاسية القادمة الأمان والسلام لهذه البلاد الحبيبة ولفئات مواطنيها، مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجّهاتهم".
وختم متوجّهاً بالمعايدة إلى كلّ أبنائه وبناته في بلاد الشرق وعالم الإنتشار في أوروبا وأميركا وأستراليا.
وهنّأ صاحب الغبطة في رسالته الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة بانتخاب خلفٍ للمثلّث الرحمات قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص، هو قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم، متمنّياً لقداسته "خدمةً مثمرةً لما فيه خير الكنيسة". وأكّد غبطته "أنّ الكنيستين السريانية الكاثوليكية والسريانية الأرثوذكسية هما "كنيسةٌ واحدةٌ وشعبٌ واحدٌ، بأصولٍ واحدةٍ وجذورٍ واحدةٍ، لنا إيمانٌ واحدٌ، وتجمعنا اللغة السريانية المقدّسة والتراث الأنطاكي العريق".
كما ذكّر غبطته بمناسبةإعلان قداسة البابوين يوحنّا الثالث والعشرين ويوحنّا بولس الثاني، يوم الأحد الجديد وعيد الرحمة الإلهية في السابع والعشرين من شهر نيسان الجاري في حاضرة الفاتيكان.
وأعلن غبطته عنتقديس وتدشين أوّل كنيسة سريانية في هولندا، مهنّئاً كاهنَي الكنيسة وأبناءها هناك على "همّتهم الشمّاء وإنجازهم الرائد هذا".
ودعا غبطته أبناء الكنيسة السريانية في الشرق وبلاد الإنتشار للصلاة من أجل إكمال دعوى تطويب المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي، مطران جزيرة إبن عمر في تركيا.
وختم غبطة البطريرك يونان رسالة عيد القيامة "بالتهنئة الأبوية القلبية بعيد قيامة ربّنا يسوع المسيح، راجين منه، وهو ملك السلام، أن ينشر أمنه وسلامه في العالم بأسره، وبخاصة في بلادنا المشرقية المعذّبة".
|