في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم السبت 7 شباط 2015، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلّي الطوبى، بالقداس الإلهي بمناسبة يوم المريض العالمي، بدعوة من دار بيت عنيا للمعوَّقين والمسنّين والمرضى التابع لأبرشية السريان الكاثوليك في بغداد، وذلك في كاتدرائية سيّدة النجاة في الكرادة ـ بغداد.
عاون غبطتَه في القداس أصحابُ السيادة المطارنة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، ومار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي على أوروبا، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها. وحضر الإحتفال سيادة السفير البابوي في العراق المطران جورجيو لينغوا، ونيافة مطران بغداد والبصرة للسريان الأرثوذكس مار سويريوس حاوا، والمونسنيور باسكال كولنيش مدير مؤسّسة "مبرّة المشرق"، وفعاليات رسمية، يتقدّمها وزير العلوم والتكنولوجيا في العراق فارس يوسف ججو، وعدد كبير من الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران يوسف عبّا كلمة رحّب فيها بالبطريرك يونان، وشكره على تلبية دعوة الأخت ألحان مديرة دار بيت عنيا، رغم انشغالاته الكثيرة، ليكون بالقرب من أبنائه وبناته المرضى والمعوّقين في احتفال يوم المريض العالمي.
وأشاد المطران عبّا بدار بيت عنيا للمرضى والمهمَّشين الذي أصبح ذخيرةً مقدّسةً وبركةً ربّانيةً في أبرشية بغداد للسريان الكاثوليك.
ثمّ ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية رائعة، أشار فيها إلى "أنّنا نجتمع اليوم في هذه الكاتدرائية، معبّد الشهادة والإستشهاد، كما أنّنا سوف نقيم ذكرى شهدائنا بعد أشهرٍ من هذا العام، وهي الذكرى الخامسة لاستشهادهم من أجل الحق والسلام، من أجل العراق وشعبه، لأنّهم بقوا صامدين رغم كلّ الأخطار.
وتوجّه غبطته بالصلاة من أجل مرضى دار بيت عنيا، وشكر الله على الأشخاص الذين يعتنون بهم:
"نصلّي من أجل إخوةٍ وأخواتٍ لنا هم الأقرب إلى المعلَّق على الصليب والمائت على خشبةٍ بعد غذابٍ مريرٍ، هو المخلّص الفادي. إخوتنا وأخواتنا في بيت عنيا في هذه الأوقات العصيبة، هؤلاء الذين يعيشون القربى من المسيح والتواصل معه ويشكرونه لأنّ لهم ملائكة يخدمونهم، يحرسونهم، يحمونهم، ويحبّونهم، من إخوةٍ وأخواتٍ تكرّم الله عليهم بمنحهم هذه النعمة".
وتابع غبطته: "سمعنا من الإنجيل المقدّس هذا النص الرائع من إنجيل متّى عن الدينونة الأخيرة. وكلّ مرّة نتأمّل به، نتذكّر هذه المحبّة التي أعطانا إيّاها الرب ذاته، إذ شبّه جميع المحرومين والمعذَّبين والمهمَّشين به بالذات، أي أنّه علّمنا أن نرى في هؤلاء الإخوة والأخوات هو عينه، إذ قال كنتُ جائعاً فأعطمتموني، كنتُ مريضاً فزرتموني، كنتُ غريباً فآويتموني".
وتطرّق البطريرك يونان في عظته إلى المحنة التي يتعرّض لها أبناء أرض الرافدين في هذه الأيّام:
"نحن اليوم في زمن المحنة والتي للأسف طالت، إن كان في العراق وسوريا ولبنان وأغلب بلدان الشرق الأوسط. نرفع أيدينا إلى العلى ونقول لله: متى ستنتهي هذه المحنة؟ ونحن نرى اليوم إخوةً وأخواتٍ لنا كانوا يعيشون بكرامتهم الإنسانية في هذه الأرض أرض الرافدين، وإذا بهم بظرف ساعاتٍ يُهجَّرون قسراً ويُقتلَعون من أرضهم في عصر الحضارة والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان".
وبنفحةً من الرجاء أردف غبطته قائلاً: "نتابع هذا الإحتفال ومشاركتنا الروحية بقربان المذبح، متذكّرين أنّ الرب غلب الألم بموته وقيامته. لذلك نحن نؤمن بأنّ العراق لا بدّ وأن يقوم، وأنّ هذا الشعب الطيّب لا بدّ وأن يعرف طريقه نحو السلام والتآخي لبناء بلدٍ خضاري. هذا ما ندعو من أجله في كلّ المحافل. إنّنا شعب حضارة بلاد الرافدين، يحقّ لنا أن نعيش بكرامتنا ونشارك في مسيرة العالم نحو الخلاص، نحو المحبّة والعدل".
وفي ختام موعظته، تمنّى غبطته "أن يعود العراق إلى ما كان عليه، وأن يعرف شعبه الطريق نحو السلام والتآخي لبناء حضارة المحبّة. بشفاعة سيّدة النجاة، نطلب من الرب أن يبارككم جميعاً، أن يساعد ذوي الآلام والأوجاع في بيت عنيا وفي كلّ مكان، وأن يعطيهم الأمل والرجاء والصبر على آلامهم، ويبارك جميع الذين يتفانون من أجلهم".
وخلال القداس، أقام غبطته رتبة تكريس زيت مسحة المرضى، وجال بين المرضى ووسم جباههم بالزيت المقدّس، مسيحيين ومسلمين.
وبعد أن توّج غبطته، وبحسب العادة السنوية، ملك جمال المرضى، ألقى سيادة السفير البابوي كلمةً بالإكليزية، تحدّث فيها عن يوم المريض العالمي، وعمّا يقوم به قداسة البابا فرنسيس من أعمال جليلة في خدمة المرضى والفقراء والمهمَّشين والمستضعَفين، مثمّناً حضور غبطة أبينا البطريرك من لبنان إلى بغداد في هذه الظروف الصعبة ليكون بقرب أبنائه الروحيين، ومثنياً على همّة القيّمين على دار بيت عنيا، ومصلّياً من أجل شفاء جميع المرضى.
وبعد القداس، افتتح غبطته المعرض الخيري لمنتوجات وأشغال من صنع نزلاء دار بيت عنيا، يعود ريعه لدعم نشاطات الدار ورسالته الإنسانية.
لقد كان هذا الإحتفال عرساً روحياً أثلج قلوب المرضى والمؤمنين عامةً.
|