في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم السبت 24 كانون الأول 2016، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي بقداس عيد ميلاد الرب يسوع المسيح بالجسد مع أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية من النازحين العراقيين في لبنان، وذلك في كنيسة مار الياس - الدكوانة - المتن.
عاون غبطتَه في القداس الأب يوسف سقط كاهن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين، بحضور ومشاركة سيادة المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة، والأب حبيب مراد أمينسرّ البطريركية. وشاركت جماهير غفيرة من المؤمنين غصّت بهم الكنيسة وساحتها.
في بداية القداس، أقام غبطته رتبة الشعلة، فقرأ الإنجيل، وأوقد النار وطاف حولها يحيط به الإكليروس، مرنّمين التسبحة الملائكية "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر".
وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطته موعظة روحية، تحدّث فيها عن ميلاد الرب يسوع بالجسد، متناولاً الأوضاع الراهنة، وبخاصة في العراق، وأبرز ما جاء في موعظة غبطته:
"هذا اليوم الذي نحتفل به بالقداس هو يوم الرجاء الذي فيه وُلد الرب الإله الكلمة متجسّداً من مريم العذراء، وأراد أن يعطينا الرجاء. والرجاء هو العامل المهمّ في حياة المؤمن، فبدون رجاء نحن أتعس الناس.
لمّا بلغ ملء الزمان، أرسل الله ابنه متأنّساً، وبميلاده أضحينا أبناء وبنات الله بالتبنّي.
تقولون كيف يترك الله القادر على كلّ شيء أبناءه في هذه الأوضاع الأليمة التي تملأ قلوبنا بالقلق، بل بما بشبه اليأس.
هذه السنة الثالثة وأنتم هنا في لبنان بعد أن اقتُلِعتم من أرض آبائكم وأجدادكم، نتساءل أين هي العناية الإلهية، ولماذا يسمح الله أن تطول غربتنا وأن تتأزّم الأوضاع التي نعيشها، وأين الأمل والرجاء؟
نعم نتذكّر أنّ آباءنا وأجدادنا تحمّلوا الكثير على مرّ العصور في أوطانهم!
نتذكّر اضطهادات سيفو منذ مئة عام، وكذلك ما حدث لأهلنا في سوريا والعراق، ومؤخّراً منذ أسبوعين في مصر!
تذكّروا كم تحمّل آباؤنا وأجدادنا كلّ أنواع الإضطهاد من أجل المسيح، فهذا فخر لنا يا أحبّاءنا أن نحتمل في هذا الوقت العصيب كلّ الأعمال المشينة والمهينة والمؤلمة في سبيل الرب.
كثيرون هاجروا إلى أوروبا وأميركا وأستراليا وسواها، ولكن تأكّدوا أنّ الهجرة ليست بالسهلة! لا يمكننا لا نحن ولا سائر الرؤساء الروحيين أن نختار بدلاً عنكم، طبعاً القرار لكم في الهجرة أو عدمها. قبل شهر، زرنا سهل نينوى، واطّلعنا على حجم المأساة من خراب ودمار وحرق، أمر مؤلم جداً ويجب أن نثور على هؤلاء الذين لا ضمير لهم!
إننا ندعو من يقدر على العودة أن يعود، فيحق لنا أن نعيش في أرضنا في العراق بكرامتنا وحقوقنا. ونحن نطالب بإنشاء مناطق آمنة ندير فيها شؤوننا بذاتنا، وندافع عن حقوقنا وحقوق شعبنا.
رسالة الميلاد هي الرجاء رغم الصعوبات والمحن، مهما تألّمنا وعانينا، فآباؤنا وأجدادنا تألّموا وعانوا أكثر، علينا أن نكون على قدر المسؤولية.
لقد تهجّر الطفل يسوع من بيت لحم وقُتل أطفال بيت لحم في سبيله. نطلب من الطفل الإلهي أن يؤهّلنا كي نبقى متّحدين برباط الإيمان والرجاء والمحبّة على الدوام، آمين.
وُلد المسيح... هللويا".
وبعد البركة الختامية، تقبّل غبطته تهاني المؤمنين بالعيد، مع التمنّيات بالعودة السريعة إلى أرض الآباء والأجداد
|