ظهر يوم الجمعة 24 تشرين الثاني 2017، عقد غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، لقاءً مع مجموعة من ممثّلي المنظّمات الدولية غير الحكومية الناشطة في الإتّحاد الأوروبي، بحضور ومشاركة عدد من الإعلاميين، وذلك في مقرّ ممثّلية المؤتمرات الأسقفية في الإتّحاد الأوروبي التي تضمّ 28 مؤتمراً أسقفياً ل 28 دولة أوروبية، في العاصمة البلجيكية بروكسل.
رافق غبطتَه إلى هذا اللقاء سيادةُ المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، والأب رامي القبلان الزائر الرسولي في أوروبا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والشمّاس توما حبّابة.
في بداية اللقاء، أدان غبطة أبينا البطريرك العمل الإرهابي الذي استهدف مسجداً في منطقة العريش بشمال سيناء، سائلاً الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى، منوّهاً إلى أنّ المسؤولين الكنسيين في مصر واثقون أنّ الرئيس المصري حكيم ووطني ويستطيع أن يسير بالبلد ويخلّصه من الإرهابيين، وهو يسعى كلّ جهده للحفاظ على مصر كوطن للجميع.
ثمّ وجّه غبطة أبينا البطريرك كلمةً إلى الحاضرين، تحدّث فيها عن الوضع المتأزّم في الشرق، وبخاصة في سوريا وفي العراق، ممّا يهدّد استمرارية الحضور المسيحي في الشرق، حتّى أنّ مسيحيي الشرق أضحوا هدفاً للإضطهاد. فجميع المكوّنات عانت الإضطهاد، ولكنّ المسيحيين وهم المكوّن الأساسي في الشرق، أصبحوا الأكثر تضرّراً نظراً لقلّة عددهم، وها هم الكثيرون منهم يغادرون أرضهم في الشرق بحثاً عن مكانٍ آمنٍ ومستقرّ لتأمين مستقبلٍ أفضل وعيش كريم لهم ولعائلاتهم في أوروبا وأميركا وأستراليا.
وأعرب غبطته عن ارتياحه كون المسيحيين يجدون الملاذ الآمن لهم في البلاد التي يقصدونها، شاكراً هذه البلاد على حسن ضيافتها واختضانها لهم، وفي مقدّمتها مملكة بلجيكا. لكنّه عبّر في الوقت عينه عن الحزن الكبير لإفراغ بلادنا في الشرق من سكّانها الأصليين المسيحيين، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر هو مسألة حياة أو موت بالنسبة لمسيحيي الشرق وهم أبناء الكنائس الرسولية الأولى، منوّهاً إلى أنّ الرب يسوع المسيح ووالدته مريم العذراء وتلاميذه لم يتكلّموا اليونانية ولا اللاتينية، إنما اللغة السريانية، وهي لغة كنيستنا ونحن نسعى للمحافظة عليها رغم كلّ الظروف والتحدّيات.
وشدّد غبطته على أنّه يحقّ لمسيحيي الشرق أن يعيشوا في الحرّية وأن يتمتّعوا بالحقوق والواجبات عينها أسوةً بسائر المواطنين، بروح المواطنة الحقّة وبالمساواة بين الجميع، وأن ينعموا بالحياة الآمنة والعيش الكريم، مؤكّداً أنّ مسيحيي الشرق يريدون البقاء في أرضهم، شرط أن يتوفّر لهم الأمن والسلام والإستقرار.
وأشار غبطته إلى أنّ الكنيسة تسعى كلّ جهدها كي يشعر أبناؤها المهجَّرون أنّ العناية الإلهية ترعاهم أينما حلّوا، حتّى يستطيعوا أن يتابعوا مسيرتهم في الشهادة للرب يسوع ولإنجيل المحبّة والسلام والفرح، مشدّداً على وجوب أن يتعامل الجميع بروح النزاهة والصدق من أجل أن يتحرّر العراق وسوريا من الإرهاب والإرهابيين الذين عاثوا فيهما فساداً وخراباً ودماراً وحرقاً وقتلاً وتهجيراً، ومركّزاً على دور المجتمع الدولي ببذل كلّ الجهود للقضاء على الإرهابيين وعدم السماح لهم بالعودة إلى أيّ بلد كان وتهديد السلام والأمان في أيّ مكان في العالم.
وخَلُصَ غبطته إلى أنّه يجب علينا دوماً قول الحقيقة بالمحبّة، طالباً من الجميع أن يفصلوا بين الدين والسياسة، وأن يدافعوا عن الحقيقة وعن الحقوق المدنية للجميع. فالأديان لا تتحارب إنّما البشر يتحاربون باسم الدين، والذين يقتلون باسم الدين يقومون بأعمالهم الفاسدة في كلّ مكان، لذا يقتضي السعي لنشر الوعي والتيقّظ لمجابهتهم ونشر السلام والأمان والإستقرار.
وبعد كلمته، أجاب غبطته على أسئلة عدد من الحاضرين.
وكانت هناك مداخلة لسيادة المطران أنطوان شهدا، عرض فيها الأوضاع الراهنة في مدينة حلب وتداعيات الحرب المدمّرة التي عانت منها، مبدياً تفاؤله بالتحسّن الملموس الذي يحصل فيها.
|