في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء ٢٥ كانون الأول ٢٠١٨، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس عيد ميلاد الرب يسوع، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف، بيروت، يعاونه الأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، بحضور ومشاركة الشمامسة والراهبات الأفراميات وجمع من المؤمنين من مختلف الرعايا، قدموا ليشاركوا في القداس ويهنّئوا غبطته بالعيد.
رنّم غبطة أبينا البطريرك الإنجيل المقدس من بشارة القديس لوقا، ثمّ أضرم ناراً في موقدة وُضِعت في وسط الهيكل، وزيّح فوقها الطفل يسوع. ثمّ طاف عبطته في زيّاح حاملاً الطفل يسوع، فيما الجوق ينشد تسبحة الملائكة "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"، ليضع بعدها غبطته الطفل يسوع في المكان المرموز به إلى المذود في المغارة التي نُصِبت داخل الكنيسة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن ميلاد الرب يسوع بالجسد، إذ تواضعَ كي يرفع الجنس البشري، فأخذ صورة عبد وأطاع حتّى الموت، موت الصليب، مشيراً إلى أنّ الله هيّأ الشعب كي يقبل مجيء المسيح المخلّص. فقد تنبّأ الأنبياء، ولمّا حان ملء الزمان أرسل الله ابنه متجسّداً من العذراء مريم بقوّة الروح القدس.
وتطرّق غبطته إلى وصف حدث الميلاد الذي هو حدث مفرح ومليء بالعجب، فكيف يتخلّى ابن الله عن ذاته وينزل إلينا نحن البشر، ليس في فخامةٍ ومجدٍ كما يفكّر البشر ، لكنّه جاء طفلاً متواضعاً، إذ لم يكن هناك مكان ليولد فيه إلا ذاك المكان الحقير، ولفَّته أمّه بقمط، وأضجعته في مذود، منوّهاً إلى حدث الرعاة الذين ظهر لهم الملائكة وهم أول الناس بعد مريم ويوسف يشهدون حدث الميلاد.
وتناول غبطته الأوضاع العامّة في لبنان الذي يعيش مرحلة صعبة جداً وأزمة تكاد تكون خانقة للكثيرين من المواطنين، بسبب إهمال السياسيين وعدم تفكيرهم بمعاناة الشعب الذي يحقّ له كلّ الحقوق المدنية، وأن يعيش بكرامته في أرض آبائه وأجداده، مطالباً إيّاهم بالإسراع في تشكيل هذه الحكومة، ومذكّراً هؤلاء السياسيين أن يفكّروا بمصلحة وخير هذا الشعب الذي أنهكته الأزمة منذ سنوات، سائلاً الله أن يعود النازحون إلى بلادهم في سوريا وفي العراق في أقرب وقت.
كما تكلّم غبطته عن الأوضاع الراهنة في سوريا وفي العراق، مؤكّداً المطالبة بتأمين الحقوق المدنية والحرّيات الدينية لشعبنا المسيحي، كي يستطيع متابعة العيش في أرض الآباء والأجداد، مشدّداً على أننا لسنا مستورَدين من الخارج، بل نحن أبناء وبنات هذه الأرض، ولنا الحق أن نعيش فيها بحرّية وكرامة.
وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى الطفل الإلهي المولود عجباً في بيت لحم، كي يحلّ أمنه وسلامه في لبنان والشرق والعالم، ويجمع العائلات أينما كانت، ويذكّر أبناء شعبنا أنّ أرض أجدادنا غالية جداً، وأنّ علينا أن نتمسّك بها على الدوام رغم صعوبة الظروف وعظمة التحدّيات.
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، انتقل إلى الصالون البطريركي حيث استقبل المؤمنين والمهنّئين بعيد الميلاد حتّى الظهر، وكذلك في فترة بعد الظهر حتّى المساء، فقدّموا لغبطته التهاني بالعيد مع التمنّيات بالصحّة والعافية والعمر المديد.
|