في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس ١٦ أيّار ٢٠١٩، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في مراسم رتبة جنّاز ودفن المثلّث الرحمات البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة سابقاً، وذلك في الكرسي البطريركي الماروني، بكركي.
ترأس رتبة الجنّاز والدفن صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، بحضور ومشاركة نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان ممثّلاً قداسة البابا فرنسيس، وأصحاب القداسة والغبطة والنيافة بطاركة ورؤساء الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، ومطارنة وكهنة ورهبان وراهبات.
تقدّم الحضور فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، ودولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وممثّلون عن رؤساء دول عدّة، وسفراء، ووزراء ونواب حاليون وسابقون، ورؤساء أحزاب، وأعضاء السلك القضائي، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفعاليات، وألوف مؤلّفة من المؤمنين والمواطنين من مختلف المناطق والطوائف والبلدان شرقاً وغرباً، والذين ملأوا ساحات الكرسي البطريركي والطرق المؤدّية إليه في زحف جماهيري ضخم لتوديع الراحل الكبير.
وتلا غبطة أبينا البطريرك الصلاة الأولى من رتبة الجنّاز، وتناوب الآباء البطاركة على تلاوة الصلوات الأخرى.
وألقى غبطة البطريرك بشارة الراعي موعظة تأبينية، تحدّث فيها بتأثّر وإسهاب عن المثلّث الرحمات، متناولاً سيرته العطرة وخدمته النصوح للكنيسة المارونية وللمسيحية وللبنان والشرق والعالم، كاهناً وأسقفاً وبطريركاً وكردينالاً، معدّداً أبرز أعماله وإنجازاته على مختلف الأصعدة، الأمر الذي جعل منه عن حقّ وجدارة الراعي الصالح على مثال يسوع المسيح وأيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن، وأنّ الله يزرعه اليوم شفيعاً للكنيسة ولبنان، منوّهاً إلى أنّ المثلّث الرحمات تعرّف إلى الناس كباراً وصغاراً، وإلى السياسيين بألوانهم وتبدّلاتهم، ممّا ولّد لديه الكثير من الفطنة، ومؤكّداً أنّه لم يسعَ إلى البطريركية ولم يطلبها، وأنه كان على أتمّ الاستعداد ليحمل صليبها.
ولفت البطريرك الراعي إلى أنّ المثلّث الرحمات عمل على إعادة بناء الدولة اللبنانية، وتعزيز العيش المشترك الذي كان يعتبره جوهر لبنان البلد الوحيد في الشرق الذي يتساوى فيه المسيحي والمسلم، مشيراً إلى أنّ هناك إجماع على أنّ البطريرك صفير هو أبو الاستقلال الثاني، وبطريرك المصالحة الوطنية وصمّام الأمان للوطن، ولافتاً إلى أنه كان قدوةً في صبره وصمته وصلاته.
كما ألقى نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رسالة وجّهها قداسة البابا فرنسيس، مقدّماً فيها التعازي بانتقال المثلّث الرحمات الذي كان عنصراً مؤثّراً في جمع الصفوف وإرساء السلام والمصالحة، ووجهاً لامعاً من تاريخ لبنان، ومدافعاً عن سيادته واستقلاله.
وقلّد فخامة رئيس الجمهورية المثلّث الرحمات الوشاح الاكبر من وسام الإستحقاق اللبناني، تقديراً لما قدّمه للبنان ولأبنائه من مختلف الطوائف، من دفاع عن الوطن وفعل إيمان حيّ للكنيسة ومؤمنيها.
وفي نهاية الرتبة، وُورِي المثلّث الرحمات في مدافن البطاركة في الكرسي البطريركي الماروني في بكركي.
وقبل بدء رتبة الجنّاز، كان غبطة أبينا البطريرك قد ألقى نظرة الوداع على جثمان المثلّث الرحمات المسجّى في كنيسة سيّدة الإنتقال في الكرسي البطريركي، حيث صلّى غبطته من أجل راحة نفسه. ثمّ قدّم التعازي إلى غبطة أخيه البطريرك بشارة الراعي وأصحاب السيادة المطارنة الموارنة في صالون الكرسي البطريركي، سائلاً الله أن ينعم على المثلّث الرحمات بالنياح والراحة الأبدية في مصافّ الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء الحكماء.
|