في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأحد ٢٦ أيّار ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي لإرسالية مار أسيا الحكيم السريانية الكاثوليكية في مدينة سودرتاليا - السويد، وذلك في كاتدرائية مار يعقوب النصيبيني للكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة، وخلاله قام غبطته برسامة ١٦ شمّاساً قرّاء وأفودياقونيين.
أمام المدخل الخارجي للكاتدرائية، استُقبِل غبطتًه من الفرقة النحاسية في الإرسالية التي عزفت نشيد الترحيب. وعلى أنغام نشيد استقبال رؤساء الأحبار "تو بشلوم روعيو شاريرو" (هلمّ بسلام أيّها الراعي الحقيقي)، دخل غبطته إلى الكاتدرائية التي اكتظّت بالمؤمنين. فاحتفل غبطته بالقداس يعاونه أصحابُ السيادة: مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، ومار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك، والأب رامي قبلان الزائر الرسولي في أوروبا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والأب بول قس داود كاهن الإرسالية، والأب عمّار باهينا كاهن إرسالية مار يوسف السريانية الكاثوليكية في سودرتاليا.
حضر القداس صاحب النيافة مار يوليوس عبد الأحد شابو مطران أبرشية السويد والدول الإسكندنافية للسريان الأرثوذكس، ومعاونه الأب الربّان أفرام لحدو، وعدد من الكهنة من مختلف الكنائس.
كما تقدّم الحضور رئيسة بلدية سودرتاليا Boel Godner، ومدير الناحية Richard Sundbom.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، شكر غبطةُ أبينا البطريرك نيافةَ المطران عبد الأحد شابو الذي "تعوّدنا أن نختبر محبّته الأخوية ولطفه وانفتاحه على أمور الكنيسة المسكونية، سيّما كنيستنا السريانية الواحدة. نحن شعب واحد وكنيسة واحدة وتراث لاهوتي وروحي وطقسي واحد، ولنا رجاء واحد في الرب الذي دعانا أن نكون تلاميذه بدءاً من أنطاكية وإلى يومنا هذا"، معرباً عن تقديره لنيافته ولكهنته ومؤمنيه، وداعياً لهم بفيض النِّعَم والبركات.
وأعرب غبطته عن فرحه بالقيام بهذه الزيارة الرسولية الرعوية إلى "لنشارككم فرحة تأسيس أوّل كنيسة لنا في سودرتاليا بالسويد، على اسم مار أسيا الحكيم. فنفرح معكم في السويد، هذا البلد الذي استقبلكم وحضنكم وعزّاكم وأعطاكم الكرامة الإنسانية والحرّية الدينية. نفرح معكم لأنّنا نعلم كم كانت مصائبكم وشدائدكم في بلاد المنشأ، ولكن في الوقت عينه نأسف ونتألّم لغيابكم عن مدنكم وقراكم وأرضكم، في سوريا والعراق ومصر ولبنان والأراضي المقدسة وتركيا، ونشهد كم تعذّبتم حتى أُرغِمتم على التهجير والقدوم إلى هنا، كما أُرغِم آباؤنا وأجدادنا منذ أكثر من مئة عام على النزوح والهجرة، لأنّكم كنتم وستظلّون رسل سلام ومحبّة وتسامح".
وتابع غبطته: "إننا نفتخر بشدائدنا، نعم، يسوع قال من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويأتي ورائي. ونحن على مثال آبائنا وأجدادنا على مدى العصور، تبعنا يسوع وحملنا صليبنا، ونبقى دوماً فخورين بصليب المسيح وبالشدائد والآلام التي نتحمّلها"، منوّهاً إلى قول يسوع "أنا الكرمة وأنتم الأغصان"، ومشدّداً على أننا "لا نستطيع أن نحصل على السعادة الحقيقية إن لم نكن متّحدين بالرب يسوع، بمعنى أنّ علينا أن نبقى دوماً أمناء له في الإيمان والرجاء والمحبّة".
وأشار غبطته إلى أنّ "البعض منّا يستطيع أن يصل إلى مراكز مهمّة في العلوم والسياسة والتجارة والمجتمع، لكنّ هذا ليس ميسّراً لجميعنا. نستطيع كلّنا أن نبدع بالمحبّة التي يطلبها منّا الرب يسوع القائل: بهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إن كنتم تحبّون بعضكم بعضاً".
وأردف غبطته: "أتينا اليوم إلى هذه الكنيسة المشيَّدة على اسم مار يعقوب النصيبيني أحد شفعائنا وآباء كنيستنا العظام، وكثيرون من الناس يذهبون ويحجّون إلى كنيسة مار يعقوب النصيبيني في مدينة نصيبين التاريخية في تركيا اليوم، ويكرّمون هذا القديس. نحن نشعر أننا فخورون أن نكون كنيسة واحدة بنعمة الرب، فليس هناك كنيستان أرثوذكسية وكاثوليكية قريبتين من بعضهما البعض كما نحن السريان. ويشرّفنا ويُفرِح قلبنا كثيراً أننا وقداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني تجمعنا علاقات أخوية رائعة، ونلتقي معاً دوماً عندما تُتاح الفرصة، وهكذا نقدّم شهادةً أخويةً لجميع أبنائنا أننا كنيسة واحدة تتبع الرب يسوع".
وأكّد غبطته على "أننا نفتخر بشدائدنا، فقد سمح ربّنا أن تتألّموا في بلادكم، وأن تتفرّق عائلاتكم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً. ومع ذلك نفتخر بشدائدنا، ومهما اضطهدونا ومهما جعلوا حياتنا جحيماً، فإننا نبقى فرحين بربّنا القائل: أنا هو الحياة"، مذكّراً المؤمنين "أنّ الرب يسوع هو حياتنا ورجاؤنا وهدفنا أينما كنّا، سواء في هذا البلد أو في بلاد المنشأ أو في أيّ بلد آخر. فهدفنا هو الوصول إلى الرب يسوع والعيش معه بسعادة في السماء بصحبة العذراء والقديسين"، طالباً "شفاعة مار أسيا الحكيم كي يشفي مرضانا، ويعطي الأمل لنفوسنا، ويساعدنا على العيش في هذا البلد بحرّيتنا الدينية، بالسلام والإطمئنان".
وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب أن يبارككم جميعاً، ويجعلكم دوماً ملتزمين بإيمانكم المسيحي وتقاليدكم الكنسية السريانية المشرقية العريقة، وساعين نحو الوحدة المسيحية".
وكان نيافة المطران عبد الأحد شابو قد ألقى كلمة في بداية القداس، رحّب فيها بغبطته في بيته، باسم أبرشية السويد والدول الإسكندنافية للسريان الأرثوذكس، مشيراً إلى أنّ "هذه الكنيسة التي نشترك فيها في هذا القداس هي على اسم مار يعقوب النصيبيني، فكلّنا سريان، ولا أنسى بأننا كنيسة واحدة وشعب واحد، ليست هناك أيّ كنيسة في العالم مجتمعة بالتقارب والتعاضد مثل كنيستينا السريانيتين، أقول هذا ملء الفم والحنجرة"، ومهنّئاً بتقديس وتدشين كنيسة مار أسيا الحكيم في سودرتاليا، هذا القديس المشيَّد على اسمه أحد المذابح الجانبية في هذه الكاتدرائية، طالباً شفاعة مار أسيا، وبركة غبطته.
وقبل مناولة الأسرار، قام غبطة أبينا البطريرك برسامة ستّة من أبناء إرسالية مار أسيا الحكيم شمامسة قرّاء، وسبعة من أبناء إرسالية مار يوسف شمامسة قرّاء، وترقية ثلاثة قرّاء من شمامسة إرسالية مار أسيا الحكيم إلى درجة الشمّاس الهوفودياقون (الرسائلي)، في جوّ من الفرح الروحي.
وقبل نهاية القداس، ألقى الأب بول قس داود كلمة شكر فيها غبطةَ أبينا البطريرك على تكرّمه بالقيام بهذه الزيارة الأبوية الراعوية، والأساقفة والكهنة على مشاركتهم، مثمّناً الرعاية الصالحة والتدبير الحكيم لغبطته، وكلّ أعماله الجليلة في خدمة الكنيسة والشعب المؤمن في الشرق والغرب، ومجدّداً امتنانه وعرفانه، ومعه أبناء الإرساليات الثلاث التي يخدمها في مدن سودرتاليا وفيستروس واسكلستونا، لما قدّمه ولا يزال يقدّمه غبطته من مساعدة ودعم لتعزيز الخدمة في هذه الإرساليات، داعياً لغبطته بالعمر الطويل مقروناً بالصحّة والعافية.
ثمّ قدّم الأب بول ومعه ممثّلون عن الإرساليات الثلاث هدية تذكارية لغبطته هي صليب يد بطريركي، عربون محبّة وشكر وتقدير. وكذلك قدّموا هدية لكلٍّ من أعضاء الوفد المرافق لغبطته، أساقفةً وكهنةً، وهي عبارة عن كأس وصينية للقداس.
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، استقبل المؤمنين الذين نالوا بركته الأبوية والتقطوا معه الصور التذكارية.
|