يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للموعظة الروحية التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال القداس الإلهي الذي احتفل به غبطته بمناسبة افتتاح أعمال السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، بعنوان: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به"، وذلك صباح يوم الإثنين 17 حزيران 2019، في كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا:
"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به"
إخوتي الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة آباء السينودس المقدس الجزيلي الإحترام
أحبّائي الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأعزّاء
يسرّنا أن نحتفل بهذا القداس في مستهلّ أعمال سينودس كنيستنا السريانية الأنطاكية، واضعين اجتماعاتنا تحت أنوار الروح القدس في زمن العنصرة، وتحت أنظار أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، طالبين من الرب أن يبارك اجتماعنا ويهدينا لنقوم بالخدمة الموكلة إلينا بروح الراعي الصالح وبوحدة الروح، فيأتي بالثمار التي تنفع كنيستنا وأبناءها وبناتها في بلادنا الأمّ في الشرق وفي عالم الإنتشار.
إنّ رسالتنا الأسقفية هي عينها رسالة المسيح بالذات، سلّمنا إيّاها بسلطانه الإلهي: "أعطيتُ كلّ سلطانٍ في السماء والأرض، اذهبوا إلى العالم كله". فنقوم بخدمتنا كما يليق بالوكلاء الأمناء بحسب قلب الرب يسوع ومشيئته القدوسة.
فسلّمنا الرب وديعة الكرازة بالإنجيل كي نبلغ بجميع مؤمنينا إلى كمال معرفة الحق، ونوزّع عليهم الأسرار، فيتقدسوا بنعمها. وهكذا نبني جماعة المؤمنين على ركيزتي الحقيقة والمحبّة، على ما يعلّمنا قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر.
إنّ المسؤولية الملقاة على عاتقنا جسيمة، فعلينا التخلّق بأخلاق المسيح، كي نتمّ عملنا في حقل الرب بما يقتضيه من مصداقية ومسؤولية. فنحافظ على الوحدة فيما بيننا، بروح السلام والتواضع والوداعة.
يعزّينا ويشدّد عزائمنا ويقوّي ضعفنا ويملأ ضعفنا المسيحُ بالذات، الذي بعد أن سلّم رسله مهمّة الكرازة، أكّد لهم ولنا: "أنا معكم كلّ الأيّام حتى انقضاء العالم".
إنّ عملنا في قلب الكنيسة لا يفعل فعله دون التعاضد والتعاون من أحبّائنا أعضاء الإكليروس بمختلف درجاتهم، من خوارنة وكهنة وشمامسة ورهبان وراهبات ومؤمنين، والذين من أجل خلاص نفوسهم كرّسنا ذواتنا للخدمة.
نبدأ اجتماع سينودسنا برياضة روحية نتأمّل فيها معاني دعوتنا إلى الخدمة الأسقفية في ضوء مواقف ومحطّات من حياة مار بطرس زعيم الرسل، يلقيها علينا قدس الأب العام لجمعية المرسَلين اللبنانيين الموارنة مالك أبو طانوس.
إنّ جوهر رسالتنا هو أن نحمل المسيح إلى أبنائنا وبناتنا، سيّما أنهم بأمسّ الحاجة لأن يتعزّوا ثابتين في حضور الرب يسوع في وسطهم، في ظلّ ما يتعرّض له شرقنا من آلام وعذابات وحروب ونزاعات تفتك بالبشر قبل الحجر، وتجعل أبناءنا يتشتّتون في كلّ مكان شرقاً وغرباً.
إننا نصلّي من أجلهم في هذه الذبيحة الإلهية، كي يحافظوا على إيمانهم راسخاً رغم كلّ التحدّيات، ونحمل همومهم وهواجسهم وتطلّعاتهم في اجتماعنا.
إلى الروح القدس المعزّي نرفع تضرّعنا ليسكب علينا مواهبه، فيتكلّل سينودسنا بالنجاح، ببركة الرب وحماية أمّه مريم العذراء سيّدة النجاة.
أشكر حضوركم جميعاً، وأتمنّى لكم ولجميع اللائذين بكم من إكليروس وعلمانيين كلّ خير وبركة.
|