يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للبيان الختامي للسينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، الذي عُقد في الكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة - الشرفة، درعون - حريصا، لبنان، من 17 حتّى 22 حزيران 2019:
البيان الختامي
للسينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية
الكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان 17-22/6/2019
مقدّمة
عُقد السينودس السنوي العام لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، في الفترة الممتدّة من 17 حتى 22 حزيران 2019، في الكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان، وذلك برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، وبمشاركة آباء السينودس الأساقفة القادمين من الأبرشيات والأكسرخوسيات والنيابات البطريركية والرسولية في لبنان وسوريا والعراق والقدس والأردن ومصر والولايات المتّحدة الأميركية وفنزويلا وأستراليا والوكيل البطريركي في روما.
استهلّ الآباء اجتماع السينودس برياضة روحية، يومي 17 و 18 حزيران، ألقى مواعظها الأب مالك أبو طانوس الرئيس العام لجمعية المرسَلين اللبنانيين الموارنة، متأمّلاً بمزايا الأسقف وصفاته وخدمته.
وتضمّن جدول أعمال السينودس الشؤون الكنسية والروحية والراعوية والإجتماعية والوطنية التالية:
أولاً: الشؤون الراعوية
أشاد الآباء بالجهود التي بذلتها الحكومة اللبنانية بإقرارها مشروع الموازنة وإحالته إلى المجلس النيابي لإقراره، متمنّين أن يصار إلى اتّخاذ الخطوات والقرارات الجريئة التي تخفّف من الأعباء على المواطنين اللبنانيين، وتساهم بمكافحة الفساد والتهرّب الضريبي والتوظيف العشوائي الذي تشكو منه معظم الإدارات.
وفي هذا الإطار، يكرّر الآباء نداءهم إلى فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة وكلّ المعنيين لإيجاد الحلّ السريع والفوري لمشكلة الإسكان وما سبّبته من تهجير جديد للشباب اللبناني، فضلاً عن الركود الإقتصادي، مع ما يستتبع ذلك من مخاطر جمّة على مستقبل الوطن والدولة.
وجدّد الآباء مطالبة المسؤولين بتحقيق التمثيل العادل والمُنصف للسريان في لبنان في مختلف الإدارات والمؤسّسات، وطالبوا أن يصار إلى اختيار أحد أبنائهم أو بناتهم لعضوية المجلس الدستوري المزمَع تشكيله، وذلك مساهمةً في خدمة الوطن مع شركائهم من مختلف المكوّنات.
-
أوضاع الأبرشيات في بلاد الشرق:
قدّم الآباء تقاريرهم عن حياة ونشاطات الأبرشيات والنيابات البطريركية في بلدان الشرق، ولم يغب عنهم استعراض واقع الحال ومعاناة أبنائهم في ظلّ الحروب العبثية التي لا تنتهي، والإضطهادات وأعمال العنف والإرهاب والتهجير والقتل والتدمير، واقتلاع عدد كبير من رعاياهم من أرض الآباء والأجداد، لا سيّما في سوريا والعراق، وتشتُّتهم في أرجاء الدنيا. ولكنّهم تفاءلوا أيضاً شاكرين الله لعودة العديد من المهجَّرين إلى قراهم في هذين البلدين.
وشدّد الآباء على الوحدة والتضامن وإعادة اللحمة والإحترام المتبادل بين أبناء كلٍّ من سوريا والعراق، مؤكّدين على ضرورة تعاضُد جميع المكوّنات لإرساء دعائم المواطنة المتكافئة، فالمسيحيون مكوِّن أصيل ومؤسِّس في هذين البلدين. ودعوا إلى تجاوُز المحنة والتكاتف بين جميع المواطنين لبناء السلام والرجاء والوحدة.
وأثنى آباء السينودس على جهود الحكومة في مصر لتعزيز الوحدة الوطنية والإستقرار الإجتماعي، وأبدوا ارتياحهم البالغ لخطاب الإعتدال الذي ينتهجه الرئيس. كما شدّدوا على حقّ الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وإقامة دولتهم على أرضهم، مؤكّدين أنّ القدس مدينة مقدّسة لأتباع الديانات الثلاث. ورحّبوا بالمساعي المبذولة للإستحصال على الإعتراف الرسمي بكنيستنا السريانية في الأردن. كما ثمّنوا تعلُّق أبنائهم في تركيا بكنيستهم، وسعيهم للمحافظة على ممتلكاتها أو استعادتها في أرض آبائهم وأجدادهم.
وجدّد الآباء مطالبتهم بإيقاف الحروب وحلّ النزاعات بالحوار والطرق السلمية، وإحلال السلام العادل والشامل والدائم، وعودة جميع النازحين والمهجَّرين واللاجئين والمخطوفين إلى أرضهم وأوطانهم.
درس الآباء واقع الخدمة الراعوية لأبناء الكنيسة السريانية في بلاد الإنتشار، في أوروبا، والأميركيتين، وأستراليا. وأولوا اهتماماً خاصاً بتأمين خدمتهم الروحية والراعوية بإرسال كهنة كفوئين وغيورين من الأبرشيات الأمّ لمواكبتهم في بلاد المهجر، بالرغم من التحدّيات التي تسبّبها محنة الهجرة إلى بلاد الإغتراب والتأقلم المؤلم. وتوجّه الآباء بمحبّتهم وثقتهم إلى أبنائهم المغتربين وأهابوا بهم المحافظة على وديعة الإيمان والأمانة لكنيستهم وتراثهم السرياني ولأوطانهم الأصلية. كما حثّوهم على تقديم المساعدة والعون لأهلهم وأبرشياتهم الأمّ في الشرق على قدر طاقتهم، تعبيراً عن تضامنهم وتعلّقهم بأرضهم.
ثانياً: الشأن الكنسي
-
الشبيبة والتنشئة الكهنوتية
ناقش الآباء التقارير المقدَّمة عن الرهبانية الأفرامية بفرعيها الرجالي والنسائي، وعن إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية في دير الشرفة، وتناولوا سبل رفدها بالدعوات وتنشئتها التنشئة اللازمة، إنسانياً وروحياً وراعوياً وثقافياً، كون هذه المؤسّسات بمثابة القلب النابض لكنيستنا. وأثنى الآباء على مشاريع غبطة البطريرك المقبلة، ومنها إقامة لقاء الشبيبة السريانية في سوريا في مطلع تمّوز المقبل، والتحضير للقاء العالمي الثاني للشبيبة السريانية في عام 2021. كما أوصى الآباء أن تُعقَد مثل هذه اللقاءات في أبرشيات وبلدان أخرى.
واطّلع الآباء على الإستعدادات الجارية لعقد المؤتمر الرابع لكهنة كنيستنا، وذلك في لبنان، من 20 حتى 24 نيسان 2020.
اطّلع الآباء على آخر مستجدّات الإصلاح الليتورجي المتعلّق بذبيحة القداس الإلهية، على أن يصدر كتاب القداس في صيغته الجديدة في الأشهر القادمة.
-
الشرع الخاص بكنيستنا السريانية
راجع الآباء مشروع قوانين الشرع الخاص بالكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، الذي قدّمته اللجنة القانونية، وأوصوا اللجنة بطباعته كي يُصار إلى الموافقة عليه واعتماده.
-
اليوبيل المئوي لإعلان مار أفرام السرياني ملفاناً للكنيسة الجامعة
قرّر الآباء إحياء ذكرى اليوبيل المئوي لإعلان مار أفرام السرياني ملفاناً للكنيسة الجامعة، وقد تمّ ذلك على يد البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920، وبمساعي البطريرك أفرام الثاني رحماني. وستقام الإحتفالات في غضون عام 2020 وفق برنامج يُعلن لاحقاً.
ثالثاً: التدابير الإدارية والراعوية
-
انتخب الآباءُ أعضاءً جدداً للسينودس الدائم لمدّة خمس سنوات، هم أصحاب السيادة: مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي، ومار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك.
-
انتخب الآباءُ سيادةَ المطران مار يوحنّا جهاد بطّاح النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، رئيساً لأساقفة أبرشية دمشق، خلفاً لسيادة المطران مار غريغوريوس الياس طبي الذي استقال بسبب بلوغه السنّ القانوني.
-
وافق الآباء على تعيين غبطة البطريرك لسيادة المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، مدبّراً بطريركياً لأبرشية الحسكة ونصيبين.
-
اتّخذ آباء السينودس التدابير الإدارية والإجراءات اللازمة بحسب متطلّبات الخدمة الروحية والراعوية في أماكن عدّة.
خاتمة
في ختام السينودس، شكر الآباءُ الربَّ الذي جمعهم باسمه وأنارهم بإلهامات روحه القدّوس، وكلّل أعمالهم بالنجاح لخير الكنيسة والمؤمنين. وتوجّهوا إليه تعالى كي يحفظ أبناءهم وبناتهم المنتشرين في كلّ مكان شرقاً وغرباً، داعين إيّاهم إلى التمسّك بالإيمان الراسخ والرجاء الوطيد والمحبّة الباذلة، فيكونوا شهوداً لفرح الإنجيل حيثما حلّوا، واثقين بأنّ الرب وعد كنيسته أنه "في وسطها فلن تتزعزع" (مزمور 46: 5)، وهو باقٍ معها "كلّ الأيّام حتى انقضاء الدهر" (متّى 28: 20).
|