في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأحد ١ كانون الأول ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة أحد زيارة مريم العذراء لنسيبتها أليصابات، وذلك على مذبح كاتدرائية سيّدة الوردية - القاهرة، مصر.
عاون غبطتَه في القداس الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب مانوللو تورّيبلانكا كاهن رعية سيّدة الوردية في الظاهر - القاهرة، والأب بيوتر روغالسكي كاهن رعية قلب يسوع الأقدس في الإسكندرية، والأبوان المتقاعدان يوسف حنّا وميشال عبدالواحد. وشارك في القداس صاحبُ السيادة مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، وخدمه شمامسة الرعية والجوق، بمشاركة جموع المؤمنين من أبناء الرعية.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "مباركةٌ أنتِ بين النساء"، شكر غبطةُ أبينا البطريرك سيادةَ المطران يوسف حنّوش "على الكلمات الأخوية اللطيفة التي وجّهتَها إليّ بمناسبة زيارتي الراعوية الرابعة لأبرشية القاهرة منذ أن دعاني الرب لتسلُّم الخدمة البطريركية لكنيستنا السريانية قبل أكثر من عشر سنوات"، منوّهاً إلى أنه يرى "بفرح العائلات تشارك في القداس مع الشباب والأولاد والأطفال، وهذا الأمر يعبّر عن إيمان الأهل، الأب والأمّ، فالعائلة هي الكنيسة الأولى التي تنمّي الإيمان في قلوب الأولاد كي يصبحوا أبناء الله".
وتناول غبطته مشاركته "في المؤتمر السابع والعشرين لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الذي عُقِد في مصر المحبوبة، وفيه فكّرنا وناقشنا موضوعاً هامّاً لعصرنا وأيّامنا هذه، وهو الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في خدمة الإنجيل، وذلك لخدمة الحقيقة والإنسان وكرامته"، مشيراً إلى أنه "لدينا اليوم شباب كثيرين يعرفون كيف يستعملون هذه الوسيلة الإعلامية والتي يسمّونها الهاتف الذكي والموبايل، وفي معظم الأوقات أكثر من أهلهم، واليوم نحن نعرف هذه الوسيلة الحديثة التي يكثر وجودها في العالم كلّه"، مذكّراً بأنّ "هذه الوسائل الموجودة اليوم عملت الكثير لتجمع بين الجماعات والشعوب والدول، وهذا ما نسمّيه بالعولمة، إذ صار العالم قريةً صغيرةً، وأصبح الجميع يلتقون من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، مع ما في ذلك من إيجابيات وسلبيات"، متوقّفاً عند ما يُسمَّى بالأخبار الملفّقة والتي تنتشر بسرعة، ومن الصعب جداً محاربتها. لذلك نحن كرعاة كنسيين تطرّقنا إلى هذه المواضيع، وشكّلنا لجنة تمثّل كنائسنا حتى تعرف كيف تقدّم رسالة الخلاص النابعة من الإنجيل المقدس بأحدث الطرق وأفضلها".
وتحدّث غبطته عن أحد زيارة مريم العذراء لنسيبتها أليصابات زوجة زكريا الكاهن "والتي حملت بنعمة خاصة بالطفل المعجزة يوحنّا المعمدان السابق، الذي جاء ليحضّر الطريق للرب يسوع كلمة الله المتأنّس"، متطرّقاً إلى عبارة "مباركةٌ أنتِ بين النساء ومباركةٌ ثمرة بطنك يسوع" التي لفظتها أليصابات وهي تستقبل مريم العذراء في بيتها، لافتاً انتباه المؤمنين إلى "لوحة لمريم وهي تقوم بزيارة نسيبتها أليصابات في بلدة عين كارم بحسب التقليد، موجودة في أعلى يمين هيكل الكاتدرائية، هذه الزيارة التي تعطينا الدليل على أنّ مريم العذراء هي والدة الإله، ويحقّ لها ويليق بها أن تطوّبها جميع الأجيال والشعوب"، مؤكّداً أنّ ذلك "جاء بوحيٍ من الروح القدس لأليصابات حين قالت: من أين لي أن تأتي أمّ ربي إليّ".
وتابع غبطته: "في هذا العيد الذي يقرّبنا من الاحتفال بعيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح المخلّص، دعونا نتذكّر أننا جميعنا على طريق استقبال يسوع بهذا الميلاد الأعجوبي من أجل خلاصنا. كما نتذكّر جميع القديسين والقديسات الذين عاشوا ولا يزالون يعيشون بيننا ولا نعرفهم، ونحيي هذا السرّ العظيم، سرّ يسوع الذي يأتي إلينا محبّةً بنا، فيصبح عمانوئيل واحداً منّا. نتذكّر أمّنا مريم بالرغم من أنها دعيت أن تكون والدة الإله الكلمة المتأنّس، والتي حين سمعت أنّ أليصابات هي أيضاً حبلى بابنٍ بالرغم من كبر سنّها، ذهبت إليها لكي تخدمها، ومريم تعلّمنا كيف نحبّ بعضنا البعض وكيف نشعر بالصعوبات والاحتياجات التي يعيشها من هم حولنا، ليس فقط أهلنا وأصدقاؤنا، إنّما أيضاً المجتمع برمّته.
ورفع غبطته الصلاة "بشكلٍ خاص من أجل السلام والأمان في بلاد الشرق الأوسط، وأنتم تعرفون منذ سنوات أنّ أهلنا وأبناء شعبنا المسيحي، سواء في العراق أو في سوريا، يمرّون بصعوباتٍ كثيرةٍ، ليس فقط بالتهجير والتنكيل بهم والاقتلاع من أرض آبائهم وأجدادهم، ولكن أيضاً بالقلق الذي يبقى في نفوس الصامدين في الأرض، لأنّه وللأسف الشديد هذه الحوادث، حوادث القلاقل والعنف الذي يأتي جسدياً أو معنوياً، والذي يمنع الإنسان والشعب البريء أن يعيش على أرضه. كما يمرّ لبنان مؤخّراً منذ حوالي شهر ونصف بالتحدّيات والتجارب والاختبارات المؤلمة، هذا البلد الذي كان موئلاً للمسيحيين ولجميع الذين ينشدون الحرّية والكرامة، ونرجو أن يبقى كذلك".
وختم غبطته موعظته شاكراً "الله على كلّ شيء، لأنّنا على يقين أنّنا سائرون معه في مشوار السعادة نحو السماء. ونشكره هنا في مصر رغم كلّ ما مرّت به، لأنّها تنعم الآن بنهضة اقتصادية تسمح لشبابنا أن يجدوا فرصاً للعمل، ويحقّقوا سعادتهم في المستقبل"، طالباً "شفاعة أمّنا مريم العذراء، كي نعيش بالإيمان والرجاء والمحبّة".
وكان سيادة المطران يوسف حنّوش قد ألقى كلمة رحّب خلالها بغبطة أبينا البطريرك "رجل المحبّة والعمل المتواصل بدون تعب، الذي يذكر على الدوام مصر الكنانة ولها مكان خاص في قلبه، ويتفقّدنا بزياراته الأبوية، ويعطينا البركة والنعمة".
ونوّه سيادته بأعمال غبطته وإنجازاته الجبّارة، واحتضانه أبناء وبنات الكنيسة في كلّ مكان شرقاً وغرباً، رافعاً الصلاة من أجل مصر وكذلك من أجل العراق وسوريا ولبنان، هذه البلدان الثلاثة التي تمرّ بظروف عصيبة، ومن أجل النازحين والمهجَّرين والمنتشرين، داعياً لغبطته "بالصحّة والعافية والعمر الطويل، ليتابع رسالته ورعايته المباركة للكنيسة، فيعضد المؤمنين ويثبّتهم بالإيمان والالتزام الكنسي".
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية، لينتقل بعدها إلى قاعة الكاتدرائية على أنغام فرقة الكشّافة التي أدّت المعزوفات الكنسية تكريماً لغبطته. ثمّ التقى غبطته المؤمنين الذين نالوا بركته الأبوية وأخذوا معه الصور التذكارية بهذه المناسبة المباركة.
|