في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخميس ١٨ حزيران ٢٠٢٠، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد مار أفرام، في كنيسة دير مار أفرام الرغم - الشبانية، المتن، لبنان.
شارك في القداس أصحاب السيادة المطارنة: مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والآباء الخوارنة والكهنة في أبرشية بيروت البطريركية وفي دير الشرفة، والشمامسة، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات وبعض المؤمنين.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، نوّه غبطة أبينا البطريرك إلى أنّنا "كعائلة سريانية أردنا أن نبقى أمناء لتقليدنا السنوي، أن نأتي ونحتفل بعيد مار أفرام في مثل هذا اليوم من الثامن عشر من حزيران، هذا التقليد الذي كان قد بدأ به المثلّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس موسى الأول داود، وتابعه المثلّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد، واللذين كانا يتجاوبان مع رغبة المثلّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك الذي كتب ونشر تاريخ هذا الدير".
وتناول غبطته مسيرة تاريخ "دير مار أفرام الرغم الذي بدأه شبّان مندفعون وممتلئون غيرةً على الإيمان، محتملين كلّ الضيق والاضطهاد، فأتوا من حلب وماردين كي يؤسّسوا هذا الدير الذي هو أقدم مؤسّساتنا الكنسية في لبنان منذ قرابة ٣١٠ سنوات. وبعدما تمّ حرق الدير وهدمه وتشتيت الرهبان وقتلهم عام ١٨٦٠، بدأت محاولات الترميم التي قامت بها البطريركية وصولاً إلى هذا اليوم، وبرجاء أن نتمكّن من إتمام الترميم كما يجب، وأن تعود الحياة الرهبانية إلى الدير بروح القديس أفرام، هذا الناسك والزاهد والمعلّم والشاعر المولَّه بحبّ أمّنا مريم العذراء".
وتحدّث غبطته عن "القربان المقدس، أعجوبة المحبّة الإلهية، والذي نختتم اليوم الأسبوع المكرَّس للتأمّل بهذا السرّ العجيب، سرّ جسد ربّنا يسوع المسيح ودمه، هذا السرّ الذي لم يكن من السهل على الرسل أن يفهموا كلام الرب يسوع عنه، وحتّى أنّ البعض منهم تخلّى عن يسوع، رغم أنّ مار بطرس نفسه أكّد أنّه لن يتخلّى عن الرب، فقال: إلى أين نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك يا ربّ".
ولفت غبطته إلى "أنّ الشهداء تحمّلوا على مدى القرون كلّ أنواع الاضطهادات، وضحّوا بذواتهم من أجل الرب يسوع، ومثلهم فعل معلّمو الإيمان والمعترفون الذين قدّموا لنا هذا المثال الرائع بإيمانهم ورجائهم بالرب، وبعيشهم الحياة المسيحية الحقيقية"، آملاً "أن يحمل رهباننا الأفراميون الحماس الأول عينه الذي حمله الشباب الذين أسّسوا هذا الدير والرهبان الذين تبعوهم، فيعودوا ويعيشوا التكرّس الرهباني بالنذورات الثلاثة: الفقر والعفّة والطاعة، ويكونوا شهوداً نيّرين في هذه المنطقة بحياتهم الرهبانية الصالحة".
وأكّد غبطته أنّ "هذا الدير هو بالنسبة لنا كنز، لا بل لؤلؤة ثمينة في لبنان، وسنعيد إليه الحضور الروحي الذي نتمنّاه جميعاً، بالصلوات والنهضة الروحية"، مذكّراً الجميع "أنّنا علينا ألا نخاف أو نتردّد، نحن أبناء وبنات الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في لبنان، حتّى وإن كنّا مكوِّناً صغيراً من حيث العدد، فتلاميذ يسوع كانوا قليلين وبالرغم من ذلك استطاعوا أن يجتمعوا ويعيشوا تعاليم يسوع وسرّ الخلاص".
وشدّد غبطته على أنّنا "إن تحلّينا بهذا الإيمان الراسخ وبالثقة الكاملة وبالمحبّة الخالصة التي تترفّع عن الأباطيل والكلام الذي لا معنى له والثرثرة والكلام عن الغير، فإنّنا سنحوز ميراث الملكوت السماوي، بالتحلّي بالفضائل الثلاث الإيمان والرجاء والمحبّة، وهكذا نستطيع، بقوّة الرب يسوع، وبشفاعة مار أفرام، أن نصنع العجائب".
وأشار غبطته إلى "أنّ كنيستنا الصغيرة ابتُلِيت بحدثين هامّين ومحزنين جداً، هما: قبل شهرين ونصف الشهر فقدانها للمثلّث الرحمات المطران مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، وقبل أيّام قليلة، فقدنا المثلّث الرحمات المطران مار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك. فهي بالتأكيد محنّة كبيرة وتجربة عظيمة لنا"، سائلاً "الرب أن يتقبّل هذين الخادمين الأمينين في ملكوته السماوي مع الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين، وقد كانا ممتلئين من الفرح والبسمة والبساطة".
وختم غبطته موعظته بالقول: "إنّنا نقبل بكلّ شيء يسمح به الرب، ومعه ومع بعضنا سنتابع يداً بيد هذا الطريق الذي خطّه لنا الملافنة والقديسون، ولا سيّما مار أفرام، بشفاعة أمّنا مريم العذراء".
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة للكنيسة السريانية وأولادها في لبنان وكلّ مكان، إكليروساً ومؤمنين.
|